توجهات الفقهاء بشأن توقيت إخراج زكاة الفطر
زكاة الفطر وإيجابيتها
تكون زكاة الفطر واجبة على المسلمين عند حلول وقت معين، وقد اختلف الفقهاء في تحديد هذا الوقت إلى رأيين رئيسيين:
- الرأي الأول: يتم إعتبار زكاة الفطر واجبة عند غروب شمس اليوم الأخير من رمضان، وهو ما يتبناه كل من أحمد والثوري وإسحاق ومالك في إحدى روايتيه، وكذلك بعض آراء الشافعية والحنابلة. وتستند الأدلة إلى ما يلي:
- قول ابن عباس -رضي الله عنهما-: (فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر طهرةً للصائم..)، وفي ذلك تكون الزكاة واجبة على من شهد جزءاً من صيام آخر يوم من رمضان.
- حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- الذي ذكر فيه: (فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صدقة الفطر -أوْ قالَ: رَمَضَانَ- على..)، حيث تم ربط صدقة الفطر بشهر رمضان الذي ينتهي عند غروب الشمس في آخر يوم منه، مما يجعل وجوب الزكاة مع هذا الوقت.
- الرأي الثاني: يذهب أصحابه إلى وجوب زكاة الفطر عند بزوغ فجر أول أيام العيد، وهذا هو الرأي المتبع لدى الحنفية ورواية عن مالك، وهو أيضًا الرأي القديم عند الشافعية وبعض فقهاء الحنابلة. وأدلتهم تشمل:
- قول ابن عمر -رضي الله عنهما- الذي ورد فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- فرض زكاة الفطر، وأكد: (أغنوهم عن الطلب في هذا اليوم)، مما يعني ضرورة دفع الزكاة في هذا اليوم لإغناء الفقراء.
- في حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-: (أَمَرَ بزَكَاةِ الفِطْرِ، أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلى الصَّلَاةِ)، حيث يؤكد ذلك على ضرورة إخراج الزكاة قبل صلاة العيد، وبالتالي، يكون وقت الوجوب هو فجر يوم العيد وقبل الصلاة.
- زكاة الفطر تعد قربة يُتقرب بها المسلم إلى الله، ويكون لها حقوق تتعلق بالمال الواجب إخراجه في يوم العيد، لذلك يستحيل تقديم وقت الوجوب عن فجر العيد كما هو الحال في الأضحية.
إخراج زكاة الفطر قبل موعدها المحدد
تتنوع آراء الفقهاء حول جواز إخراج زكاة الفطر قبل الموعد المقرر إلى ثلاثة آراء:
- الرأي الأول: يتيح الحنفية والحنابلة إخراج زكاة عيد الفطر قبل العيد بيوم أو يومين دون أي حرج. وقد أفتى بذلك ابن باز، وأدلتهم تتضمن:
- عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: (وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين)، مما يعني أن الصحابة كانوا يخرجون زكاة الفطر قبل العيد بفترة قصيرة.
- كما يدل قياس زكاة المال على أنه يجوز إخراجها قبل أن يمتلك الفرد النصاب.
- الوصول إلى الأهداف المرجوة من زكاة الفطر، إذ يُمكن الفقراء من تلبية احتياجاتهم قبل العيد.
- الرأي الثاني: يرى المالكية عدم جواز إخراج زكاة الفطر قبل يوم العيد، قياسًا على الصلاة، إذ لا يمكن للمسلم الصلاة قبل دخول الوقت، فكذلك فإنه لا يجوز إخراج زكاة الفطر قبل الوقت المقرر.
- الرأي الثالث: يتبنى الشافعية جواز تقديم زكاة الفطر من بداية شهر رمضان، ولكن لا يجوز إخراجها قبل بداية الشهر نفسه، حيث أن زكاة الفطر مرتبطة بسببين هما الصوم والإفطار في نهاية رمضان، وعند توفر أحد السببين يمكن التقديم.
عدم إخراج زكاة الفطر في وقتها المحدد
يُعتبر تأخير إخراج زكاة الفطر عن الوقت الذي حدده الشارع أمرًا غير جائز إلا لعذر. لذا، ينبغي على من تأخر الإسراع في إخراجها والتوبة إلى الله، حيث إن ما يُخرج بعدها لا يُعتبر زكاة فطر بل تُصنف كصدقة من الصدقات. كما جاء عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات)، مما يُشير إلى أن تأخيرها لن يحقق الهدف المطلوب منها.