ما الحكمة من تشريع زكاة الفطر؟ وهل يجوز إخراج المال عن زكاة الفطر؟ هذه من الأسئلة التي تدور بخلد المرء المسلم في شهر رمضان، وذلك لأن العبد المسلم يحتاج أن يتقرب من الله بالطاعات والعبادات التي ترضيه، وذلك من خلال اتباع نهج النبي عليه أفضل الصلاة والسلام والالتزام بأوامره، ومن خلال موقع القمة سنقوم بعرض مشروعية الزكاة من الكتاب والسنة وأهم الفتاوى التي تتعلق بها.
ما الحكمة من تشريع زكاة الفطر
يهتم المرء المسلم بمعرفة كل ما يحتاج التوصل إليه عن زكاة الفطر، والتي يتم إخراجها في آخر رمضان وفي ليلة عيد الفطر، والسبب في تسميتها بذلك أنه تم تشريعها في إتمام الشهر الفضيل، فيقول عنها العلماء إنها زكاة الإفطار أو صدقة عيد الفطر بعد شهر رمضان.
وتعددت الأقوال حول الحكمة من الحكمة تشريع زكاة الفطر، ولكن أجمع العلماء على أن لها فوائد عديدة للمؤمن في الدين والدنيا فلا سبحانه وتعالى لن يأمرنا بشيء عبثُا وذلك يتضح تاليًا:
- إيتاء الزكاة من أهم أركان الإسلام التي لا يكتمل بدونها إسلام المرء، فلا يوجد مسلم لا يسعى لإكمال دينه لما في هذا من غاية عظيمة.
- الحكمة من مشروعية الزكاة تطهر المال من الآفات حيث إن الزكاة خير دليل على صدق إيمان المسلم لأن المال محبب لكل نفس، لذلك فإن التضحية به تدل على عظمة حب الله التي تتفوق على حب اكتناز المال.
- تؤثر الزكاة بالإيجاب على المجتمعات لأنها تحد من السرقة والجرائم التي تنتج بسبب الفقر وشدة الفاقة، لأن الفقير يجد ما يسد رمقه ومن يحسن إليه فكيف يعض يد مدت له بالخير والرحمة.
- تزيد من التراحم بين الأشخاص في الدوائر المجتمعية فحين يجد شخص بحاجة إلى مساعدة ويعطف عليه، ويحقق ذلك مفهوم الأخوة في الدين ويعتبر من علامات شكر النعمة، إذ يحسن العبد كما أحسن الله عليه.
- تقي من الميتة السيئة وتعد سببًا لدخول الجنة كما أكد النبي خير البرية صلى الله عليه وسلم في عدة مواضع.
مشروعية الزكاة من الكتاب والسنة
في ظل معرفة ما الحكمة من تشريع زكاة الفطر، من الضروري أن نذكر أن الله أكد على فرض الزكاة في القرآن الكريم بعدة مواقف نوضحها الآن:
- سبب في نزول الخيرات والبركة في الأرزاق كما جاء في الآية الكريمة {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [سورة البقرة: 110].
- تزكي أخلاق العبد المؤمن إذ تعوده على البذل كما قال تعالى: {…وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [سورة البقرة: 117].
- إنها سبب في شرح صدر المؤمن كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [سورة البقرة: 277].
- ورد عن النبي أن الصدقة تكفر عن الخطايا كما يطفئ الماء النار وجاء في حديث شريف: ” صدقةُ السرِّ تُطفئُ غضبَ الربِّ” [المصدر: البدر المنير – الراوي: أبو أمامة الباهلي].
- الصدقة تقي من أهوال يوم القيامة كما جاء في حديث شريف ” كلُّ امرئٍ في ظلِّ صدَقتِه يومَ القيامةِ ” [المصدر: شرح مسلم لابن عثيمين].
اقرأ أيضًا: هل يجوز اخراج الزكاة يوم 29 رمضان؟ ومتى يحرم إخراج زكاة الفطر؟
حكم زكاة الفطر
يجب على كل مسلم أن يعي ما الحكمة من تشريع زكاة الفطر، والتي يُفرض عليه أداؤها في كل عام لأنها فريضة على كل مسلم سواء كان كبير أو صغير ذكر أم أنثى حر أو عبد، وذلك بالاستناد إلى ما ورد عن الرسول الكريم كما يلي:
“فَرَضَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِن تَمْرٍ، أوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ علَى العَبْدِ والحُرِّ، والذَّكَرِ والأُنْثَى، والصَّغِيرِ والكَبِيرِ مِنَ المُسْلِمِينَ، وأَمَرَ بهَا أنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلى الصَّلَاةِ” [المصدر صحيح البخاري – الراوي: عبد الله بن عمر].
مقدار زكاة الفطر
في ظل الحديث عما الحكمة من تشريع زكاة الفطر من اللازم استيعاب مقدار الزكاة والتي كما وردنا عن النبي، فهي صاع من كل الأقوات سواء صاع من شعير أو صاع من تمر، والصاع أي أربع حفنات باليدين معتدلين ممتلئين، وإذا طبقنا هذا بالأوزان فإن الصاع عبارة عن 2040 جرام، والمد الذي هو حفنة باليدين الممتلئتين ويكون 1280 جرام.
هل يجوز إخراج المال عن زكاة الفطر
في سياق الحديث عما الحكمة من تشريع زكاة الفطر فإن الكثير من المسلمين يرغبون بالتعرف على الفتوى التي تتعلق باستبدال زكاة القمح والشعير، وغيرها بأن يقوم بدفع المال.
وقد اتفق جمهور العلماء وعلى رأسهم ابن باز أنه لا يجوز أن يزكى بالمال ويزكي فقد بالنقود، كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ويؤكد على أنه من الواجب إخراج زكاة الفطر من طعام، ولكن غيره من العلماء أشار إلى جواز ذلك إن كان فيه منفعةٌ للفقير أكثر من الطعام.
اقرأ أيضًا: مقدار زكاة الفطر في الكويت طريقة سداد الزكاة إلكترونيًا في الكويت
أصناف زكاة الفطر
في إطار الحديث عما الحكمة من تشريع زكاة الفطر، فإن عدد كبير من الناس يحتاج لمعرفة الأصناف التي يزكى بها، وقد أجمع العلماء على أن زكاة الفطر تكون مما يقتات عليه أهل البلد الأصناف التي تخرج منها زكاة الفطر هي:
- تمر أو زبيب أو شعير كما جاء في الحديث الشريف السابق ذكره.
- يمكن إخراج أصناف أخرى كالأرز والدخن لأن الأصل في الزكاة هو المساواة بين الفقراء كما جاء في قوله تعالى {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [سورة المائدة: 89].
زكاة الفطر من الفرائض التي تحقق سعادة للعبد في الدارين، ولكن من الضروري ألا يقوم المرء بتأخيرها متعمدًا فابن عثيمين قال إن من يؤديها قبل صلاة العيد تقبل منه بإذن الله، ومن يؤديها بعد ذلك تحسب صدقة.