ما هو حكم تخصيص الصدقة في العشر الأواخر من رمضان؟ وما فضل إخراج زكاة الفطر في رمضان بالذات؟ إن الزكاة هي واحدة من أركان الإسلام الخمسة الأساسية والتي تجب على كل مسلم ومسلمة مثلما تجب سائر الأركان ولا تسقط عن المسلم إلا بتأديتها، ويخصص البعض فترة معينة من الشهر لإخراج الزكاة والصدقات فيها مثل العشر الأواخر ويتسائلون عن مدى جواز ذلك، وسنجيب عن هذا السؤال بالتفصيل من خلال موقع القمة.
حكم تخصيص الصدقة في العشر الأواخر من رمضان
يتساءل العديد من المسلمين ما هو حكم تخصيص الصدقة في العشر الأواخر من رمضان بالتحديد، والإجابة هي نعم يجوز وذلك لأن إخراج الصدقة أو زكاة الفطر خلال شهر رمضان لها وقت مخصص، يبدأ من شروق شمس اليوم الأول من أيام شهر رمضان المبارك، وينتهي بغروب الشمس في اليوم الأخير من شهر رمضان، وتحديدًا قبل طلوع فجر أول أيام عيد الفطر المبارك، لأنها إذا تجاوزت هذا الموعد أصبحت صدقة عادية ولا تحسب كزكاة للفطر.[1]
“عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: فرضَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ زَكاةَ الفطرِ طُهرةً للصَّائمِ منَ اللَّغوِ والرَّفثِ وطعمةً للمساكينِ من أدَّاها قبلَ الصَّلاةِ فَهيَ زَكاةٌ مقبولةٌ ومن أدَّاها بعدَ الصَّلاةِ فَهيَ صدقةٌ منَ الصَّدقاتِ”.
حدثه الألباني، المصدر: صحيح أبي داوود.
يمكن للمسلم أن يخرج صدقاته أو زكاة فطره في أي وقت خلال شهر رمضان المهم ألا يتأخر عن آخر يوم، ولا يهم إن أخرجها في أول يوم من رمضان أو في آخر يوم منه، فإذا أخرجها في العشر أيام الأولى من رمضان صحت له ونال ثوابها، وإن أخرجها في العشر أيام الأواخر صحت له أيضًا وكتب له ثوابها، ومن الأدلة التي وردت في صحة ذلك هذا الحديث الشريف:
“عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: فَرَضَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِن تَمْرٍ، أوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ علَى العَبْدِ والحُرِّ، والذَّكَرِ والأُنْثَى، والصَّغِيرِ والكَبِيرِ مِنَ المُسْلِمِينَ، وأَمَرَ بهَا أنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلى الصَّلَاةِ”. [حدثه البخاري، المصدر: صحيح البخاري].
اقرأ أيضًا: هل يجوز إخراج زكاة الفطر نقداً؟ وما حكم إعطاء الزكاة للابنة؟
الحكمة من تحديد وقت زكاة الفطر
لقد أوجب الشرع زكاة الفطر على المسلمين وجعل الحكمة من مشروعيتها متلخصة في طهرة وكفارة الشخص المزكي لأي نقص يحدث في صومه أو ما قرب إليه من كراهة وهذا بالنسبة إلى مخرجها، أما بالنسبة إلى لمن يأخذها، فالحكمة من ذلك هي إغناء الناس وأهلهم في أيام العيد، ولقد أوقت الشرع زكاة الفطر بوقت أوجبها فيه على كل مسلم، وفي ذلك الوقت تكون هناك سعة لدى المسلم لكي يتمكن من دفعها وللآخذ أن يستفيد من المال أو مقدار الصدقة.
ما وقت كراهة إخراج زكاة الفطر
حدد العلماء وفقهاء الدين الإسلامي العديد من المواقيت التي يكره فيها إخراج زكاة المال، وهي تحديدًا الأوقات التي يكون فيها إخراجها متأخرًا، فعلى سبيل المثال ذهبت الشافعية إلى أنه من المكروه إخراج زكاة الفطر بعد صلاة عيد الفطر.
بينما ذهب الحنابلة إلى كراهة تأخيرها إلى آخر أول يوم من أيام عيد الفطر، ولكن قالت المالكية بأن زكاة الفطر لا تسقط بمجرد مضيِّ وقتها بل تظل في ذمة المسلم ويمكن له أن يخرجها بعد العيد، إلا أن الحنفية قالوا بعد كراهة إخراج زكاة الفطر بعد العيد.
وقت تحريم إخراج زكاة الفطر
في إطار معرفة حكم تخصيص الصدقة في العشر الأواخر من رمضان يجدر بنا أن نشير إلى أمر مهم، ألا وهو أنه توجد أوقات لا يجوز فيها إخراج زكاة الفطر أو صدقته ولقد تعددت الآراء في هذا الصدد كالآتي:
1- الرأي الأول
يذهب هذا الرأي بحرمة تأخير صدقة أو زكاة الفطر عن يوم العيد ولكنها لا تسقط بعد يوم العيد وتكون معلقة في ذمة المسلم وهذا بالنسبة إلى الشخص الثري الميسور، أما بالنسبة إلى الشخص إذا كان فقيرًا في يوم العيد ولا يمكنه إخراجها فلا شيء عليه وهذا ما ذهبت إليه المالكية، واتفق معهم على ذلك كل من الشافعية والحنابلة لأن الغرض منها إغناء المسلم الفقير في يوم العيد لما فيه من إظهار للفرحة والسرور.
2- الرأي الثاني
في هذا الرأي ذهب أهله إلى جواز تأخير أو تعجيل إخراج زكاة الفطر ولقد رأت الحنفية أنه يجوز تأديتها قبل يوم الفطر أو بعده، والسبب وراء ذلك يتمثل في أنها عبادة مادية معقولة المعنى ولن تسقط عن المسلم إلا عندما يؤديها.
يمكنه كذلك أن يؤديها منذ بداية العام واستدلوا في التأكيد على ذلك بأن مثلها كمثل الزكاة، إلا أن تأخير صدقة الفطر عن وقتها يوجب الإثم على ذلك، ويلزم صاحب هذا الذنب أن يقضيه وتظل في ذمته حتى يؤديها إلى من يستحقونها، وهذا الأمر اتفق عليه أصحاب جميع المذاهب.
اقرأ أيضًا: مقدار زكاة الفطر في الكويت طريقة سداد الزكاة إلكترونيًا في الكويت
فضل الصدقة في شهر رمضان
إن الله اختص شهر رمضان المبارك بوجوب إخراج الصدقات أو زكاة الفطر دونًا عن سائر الأشهر، وذلك لأن الأجر يكون فيها مضاعفًا يُنزل فيها على المسلمين من السكينة والرحمات الكثير، ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم من أجود الناس في هذا الشهر الفضيل.
“عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ، وكانَ أجوَدُ ما يَكونُ في رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وكانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِن رَمَضَانَ، فيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ أجْوَدُ بالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ. وَعَنْ عبدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ بهذا الإسْنَادِ نَحْوَهُ، وَرَوَى أبو هُرَيْرَةَ، وفَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا، عَنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أنَّ جِبْرِيلَ كانَ يُعَارِضُهُ القُرْآنَ” [حدثه البخاري، المصدر: صحيح البخاري].
كما توجد أيضًا أسبابًا كثيرة لاستحباب الصدقة في شهر رمضان بالذات، ومن بين هذه الأسباب:
- الزكاة والصدقة سببًا في طرد وساوس الشيطان.
- في الزكاة والصدقات تطهير للمال والنفس.
- إدخال السرور إلى قلوب المساكين والفقراء.
- التوسعة في الرزق.
- نيل ما وعد الله به من ثواب ومكانة عظيمة.
- تحقيق مبدأ التكافل بين الأغنياء والفقراء في المجتمع الإسلامي.
إن حكم تخصيص الصدقة في العشر الأواخر من رمضان إن دل على شيء فيدل على مدى يسر وسماحة الدين الإسلامي، والسعة التي أتاحها للمسلمين جميعًا فيما يتعلق بقضاء فريضة زكاة الفطر أو صدقاتها.