هل يجوز الحلف كذبا للضرورة والحاجة؟ وما هي أنواع الكذب؟

هل يجوز الحلف كذبا للضرورة والحاجة؟ وما هي أنواع الكذب؟ من المعروف أن الأديان السماوية كلها تحث الناس على الأخلاق الحميدة وعلى رأسها الصدق، لكن أحيانًا يشعر الإنسان أنه مضطر للكذب لأي سبب مُلح ويرغب بأن يعرف الفتاوى المتعلقة بهذا الأمر، ومن خلال موقع القمة نعرض كل ما يتعلق بالكذب وآماراته.

هل يجوز الحلف كذبا للضرورة والحاجة

يكذب الناس لعدة دوافع بعضهم يكذب لتجنب المشكلات، وبعضهم الآخر يكذب مخافة التعرض لعواقب غير محمودة، بينما يكذب بعض الناس لإصلاح ذات البين أو ابتغاءً في الستر، ومهما كان السبب فإن الكذب تصرف سيء مؤذي على المدى البعيد، لأن الإنسان يعتاده ويألفه ثم يصبح معروف بين الناس بطابع الكذب، هذا إلى جانب إثم الكذب الذي يدفع الناس لأسئلة مثل هل يجوز الحلف كذبا للضرورة والحاجة؟[1]

ويقول الإمام ابن الباز أنه لا يجوز الحلف بالله كذب، لأنه إثم كبير تهتز له السماوات ويستلزم القيام به توبة لله وإخلاص النية بعدم العودة لهذا الفعل مجددًا، حيث ورد عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ” سمِعَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ رجلًا يحلفُ بأبيهِ فقالَ: لا تحلِفوا بآبائِكم من حلَفَ باللَّهِ فليصدُقْ ومن حُلِفَ لَه باللَّهِ فليرضَ ومن لَم يرضَ باللَّهِ فليسَ منَ اللَّهِ” [المصدر : فتح الباري لابن حجر – الراوي : عبدالله بن عمر].

لذلك يلزم الاستغفار، وليس هناك كفارة في رأي العلماء إن قال العبد والله فعلت وهو لم يفعل فعليه أن يستغفر ويندم ويعزم بصدق على عدم تكرار الأمر، فقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم حديث ينهي فيه عن الكذب ويوضح مخاطره:

“… وإيَّاكُمْ والْكَذِبَ، فإنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إلى الفُجُورِ، وإنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إلى النَّارِ، وما يَزالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ ويَتَحَرَّى الكَذِبَ حتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذّابًا. وبهذا الإسنادَلَمْ يَذْكُرْ في حَديثِ عِيسَى: ويَتَحَرَّى الصِّدْقَ، ويَتَحَرَّى الكَذِبَ. وفي حَديثِ ابْنِ مُسْهِرٍ: حتَّى يَكْتُبَهُ اللَّهُ”  [المصدر : صحيح مسلم – الراوي : عبدالله بن مسعود].

اقرأ أيضًا: هل يجوز أن ينوي صيام القضاء بعد الفجر

الأمور التي يباح بها الكذب

في ظل الحديث عن هل يجوز الحلف كذبا للضرورة والحاجة، لا بد من إيضاح مجموعة من الأمور التي يمكن أن يكذب المرء فيها أو يتعمد السكوت أو المقتضب من الكلام لتجنب كارثة، ما بحسب ما يراه ابن باز إذ إن هناك بعض الأمور التي يباح بها الكذب والتي تتمثل فيما يلي:

  • الإصلاح بين الناس سواء أشخاص أو قبيلتين فيقول أحاديث طيبة عن كل طرف للآخر.[2]
  • المرأة لزوجها في حال فعلت شيء وتخاف أن يغضب منها أو طلب منها التوقف عن فعل ما، فتعد بعدم العودة للفعل وإن كان في نيتها أن تعود، وذلك للحفاظ على الود بينهم ومنع زوجها من طلاقها إن احتد الخلاف.
  • في وقت الحرب لعدم إفشاء البيانات والمعلومات الهامة للأعداء ولحماية الأمة.
  • في حال كان لازمًا على المرء أم يقر بفعل أمر هو برئ منه وإن لم يحلف لأقيم عليه الحد فيستر نفسه.
  • يرى الإمام أن لا حرج في دفع الضرر عن نفسه ولكن يجب عليه أن يتوب بينه وبين ربه.

ما هو اليمين الغموس

استكمالًا للإجابة عن هل يجوز الحلف كذبا للضرورة والحاجة، ينبغي أن نتعرف على اليمين الغموس، وهي يمين كاذبة يحاول من خلالها الشخص أن يأخذ حق أخيه فيحلف بالكذب أنه فعل شيء سواء اشترى أو أعطى ليحصل على مال أخيه، وينتج عن القيام بهذا الأمر عقوبة شديدة جدًا كما ورد في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم :

مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بيَمِينِهِ، فقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ له النَّارَ، وَحَرَّمَ عليه الجَنَّةَ فَقالَ له رَجُلٌ: وإنْ كانَ شيئًا يَسِيرًا يا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: وإنْ قَضِيبًا مِن أَرَاكٍ” [المصدر : صحيح مسلم – الراوي : أبو أمامة إياس بن ثعلبة الحارثي]

أما بخصوص كفارة اليمين الغموس فإنها لا تتطلب كفارة باتفاق جمهور العلماء من الفقهاء الحنفية والمالكية والحنابلة مع ضرورة الاستغفار والتركيز على شروط التوبة من استحضار النية وعدم الوقوع فهذا النوع من الذنوب مرة أخرى.

أنواع الكذب

من خلال الإجابة على هل يجوز الحلف كذبا للضرورة والحاجة نجد أن الكذب أنواع متعددة ويمكن أن نوضحها تاليًا:

1- الكذب في الأقوال

وفي أرض الواقع تختلف أشكال الكذب إذ يحسب الإثم حسب درجة خطورة الكذب إذ إن أعظم أنواع الكذب هو الكذب على الله كما جاء في قوله تعالي:

{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ ۗ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [سورة الأنعام.: 21]، وذلك في إطار الحديث عن التحليل والتحريم إذ إن الشرع لا ينزل إلا من عند الله عز وجل.

2- الكذب في الأفعال

من صور الكذب أن يفعل الإنسان تصرف ويدعي لم يحدث شيء أو يعبر عن وجود أمر ما غير موجود، مثل ما حدث في قصة نبي الله يوسف عليه السلام حين أدعى أخواته أن الذئب أكله وجمعوا دم كاذب على قميصه كي لا يلاحظ الأب هذا.

اقرأ أيضًا: هل يجوز تكملة ختم القرآن بعد رمضان

3- الكذب في النوايا

إن النية محلها القلب وبصلاحها يصلح العمل وقد أكد الرسول صلى الله عليه وسلم أن هناك ثلاث  فئات في النار تتعرض لعذاب مقيم الشهيد والمنافق والعالم، والذين كانت أعمالهم مشوبة بالرياء ويدعي يقوم بهذا العمل فقد من أجل الله عز وجل، وهو فعل فقط ليقول عنه الناس كلام جديد.

الكذب هو أساس كل الخطايا ويجلب العار والذل لصاحبه، لأنه يفقد ثقة الناس به ويجعله غير مؤتمن في أي جماعة يدخل بها، لأنهم موقنين أنها مسألة وقت وسيعود للغش والخداع مرة أخرى.

Scroll to Top