ما حكم ترويع المسلم من باب المزاح؟ وما حكم ترويع الغير بالسلاح؟ في وقتنا الحالي أصبح كل شيء تقريبًا مباح وتعددت طرق المزاح بين المسلمين وبين الناس بوجه عام ومنها ما يكون ثقيلًا ومؤذيًا إلى حد كبير، مما دفع بعض المسلمين لطرح سؤال ما هو حكم جواز ترويع الغير من باب المزاح فقط، وسوف يتفرد موقع القمة بالإجابة عن هذا السؤال بالتفصيل وفقًا لما ورد في الكتاب والسنة.
حكم ترويع المسلم من باب المزاح
إن حكم ترويع المسلم من باب المزاح في الإسلام غير جائز، فلا شرع يحل لمسلم أن يخيف مسلم حتى وإن كان ذلك من باب المزاح فقط، ولقد تناول بن حجر رحمه الله في فتح الباري حول ضوابط الممازحة المباحة الحديث في هذه المسألة قائلًا:
“المنهي عنه ما فيه إفراط، أو مداومة عليه؛ لما فيه من الشغل عن ذكر الله، والتفكر في مهمات الدين، ويؤول كثيرا إلى قسوة القلب، والإيذاء، والحقد، وسقوط المهابة والوقار، والذي يسلم من ذلك هو المباح. فإن صادف مصلحة مثل تطييب نفس المخاطب، ومؤانسته، فهو مستحب”
كما أنه توجد أدلة شرعية كثيرة من السنة النبوية الشريفة كالأحاديث تؤكد على تحريم وعدم جواز ارتكاب المسلم لهذا الفعل لا مع مسلم مثله أو غير مسلم، ومن بين هذه الأحاديث الصحيحة:
“عن عبد الرحمن بن أبي ليلى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحلُّ لمسلمٍ أن يروِّعَ مسلمًا“
حدثه الألباني، المصدر: صحيح أبي داوود.
“عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المُسْلِمُ مَن سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِن لِسَانِهِ ويَدِهِ، والمُهَاجِرُ مَن هَجَرَ ما نَهَى اللَّهُ عنْه“
حدثه البخاري، المصدر: صحيح البخاري.
حكم ترويع المسلم بالسلاح
لا يحل لمسلم أن يروع مسلمًا أو غير مسلم بالسلاح مثل استخدام بعض الحيوانات المفترسة أو العصا أو الحديد، وذلك سواءً كان جادًا أو مازحًا فكل هذه الأمور منهي عنها نهيًا تامًا في الشريعة الإسلامية بعدد كبير من الأحاديث النبوية الصحيحة.
“عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يُشِيرُ أحَدُكُمْ علَى أخِيهِ بالسِّلاحِ؛ فإنَّه لا يَدْرِي لَعَلَّ الشَّيْطانَ يَنْزِعُ في يَدِهِ، فَيَقَعُ في حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ”
حدثه البخاري، المصدر: صحيح البخاري.
يصنف ضمن الترويع أيضًا ما يقوم به بعض الأشخاص مثل إخفاء أغراض الآخرين بعيدًا عنهم من باب المزاح، أو الاختفاء وراء الباب لترويعه أو نشر مقاطع تثير الرعب وأيضًا إرسال رسائل وعبارات تخويفية للغير فتلك الأمور كلها غير جائزة.
“عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَن أشارَ إلى أخِيهِ بحَدِيدَةٍ، فإنَّ المَلائِكَةَ تَلْعَنُهُ، حتَّى يَدَعَهُ، وإنْ كانَ أخاهُ لأَبِيهِ وأُمِّهِ”
حدثه مسلم، المصدر: صحيح مسلم.
يتوجب على الجميع أن ينتهبوا إلى مثل هذه الأمور الشائعة التي لا يشعر مرتكبيها بمدى خطورتها على الغير، فهي لفرط ما تسببه من ترويع للناس قد يؤدي ذلك إلى الموت أحيانًا، وأحيانًا أخرى قد يضطر المروع أن يعوض من روعه عن الضرر الذي لحق به بسببه.
“عن أبو بكرة نفيع بن الحارث رضي الله عنه قال: ذَهَبْتُ لأنْصُرَ هذا الرَّجُلَ، فَلَقِيَنِي أبو بَكْرَةَ فَقالَ أيْنَ تُرِيدُ؟ قُلتُ: أنْصُرُ هذا الرَّجُلَ، قالَ: ارْجِعْ؛ فإنِّي سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: إذَا التَقَى المُسْلِمَانِ بسَيْفَيْهِما فَالقَاتِلُ والمَقْتُولُ في النَّارِ، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، هذا القَاتِلُ فَما بَالُ المَقْتُولِ؟ قالَ: إنَّه كانَ حَرِيصًا علَى قَتْلِ صَاحِبِهِ”
حدثه البخاري، المصدر: صحيح البخاري.
يعلق البعض على هذا الحكم بأنه مبالغ فيه أو غير صحيح لأنه لا مانع من بعض الضحك واللهو بعمل المقالب وإخفاء أغراض الغير لإثارة حيرتهم أو خوفهم، ولكنها أمور بالفعل منهي عليها لأنها قد تصيبه بالذعر أو تدفعه للبكاء أو تسبب إصابته بالصدمة.
“عن يزيد بن عبد الله والد السائب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يأْخذَنَّ أحدُكم متاعَ أخيهِ لاعبًا ولا جادًّا، وقال سليمانُ: لعبًا ولا جدًّا ومن أخذ عصا أخيهِ فلْيرُدَّها“
حدثه الألباني، المصدر: صحيح أبي داوود.
اقرأ أيضًا: ما هو دعاء اخر ركعة في صلاة التراويح؟ وما هو حكم الإطالة في الدعاء؟
شروط المزاح في الإسلام
في إطار معرفة حكم ترويع المسلم من باب المزاح يجدر بنا الإشارة إلى أن المزاح في الإسلام وضعت له شروطًا لكي يكون مباحًا، وهذه الشروط تحددت فيما يلي:
- ألا يكون المزاح إلا صدقًا.
- عدم ترويع الغير.
- الاستهزاء والغمز واللمز.
- ألا يكون في المزح غيبة.
- أن يتم اختيار أفضل الأوقات المناسبة للمزاح.
- ألا يكون المزاح كثيرًا.
- أن تكون هناك معرفة بمقدار الناس.
- أن يكون المزاح بمقدار الملح للطعام.
- ألا يكون في المزاح شيئًا من الاستهزاء بالدين.
اقرأ أيضًا: حكم الاحتلام في نهار رمضان
علاقة المسلم بأخيه المسلم
من الأمور التي تقتضيها الأخوة في الإسلام هي أن يكون المسلم أمانًا وسكنًا لأخيه المسلم، فلا تنتابه مشاعر سيئة تجاهه مثل الغضب أو الاضطراب أو الخوف والشعور بعدم الأمان والطمأنينة وهذا ما يتسبب فيه الترويع وما يؤثر به سلبًا في وحدة وبنية المجتمع الإسلامي، فتلك هي الثغرة التي تحدث خللًا في علاقة الشخص بغيره لذا أتى الدين الإسلامي بالتحذير والزجر والنهي عن ترويع المسلمين.
إن حكم ترويع المسلم من باب المزاح سيبقى مكروهًا وغير جائز في الشرعية الإسلامية، فإن هذا الفعل قد يؤدي لخسائر مادية ونفسية كثيرة مثل خسارة علاقتنا الطيبة مع بعض الأشخاص الجيدين.