حكم التصوير في الإسلام من أهم الأحكام الشرعية التي يحرص العديد من المسلمين أن يعرفوها، وذلك نظرًا لتعدد الأبواب التي يمكن بها استخدام التصوير، سواءً من باب الترفيه، أو حتى أخذه كمهنة، لذلك سيقوم موقع القمة بالولوج إلى ذلك الباب لمعرفة حكم الدين فيه، وذلك من تفاسير وآراء الفقهاء عبر السطور التالية.
حكم التصوير في الإسلام
يعد التصوير واحدًا من صور الفنون التي يتم تطويرها على مدار الزمن، فلا يوجد بيت لا تجد في صورة واحدة على الأقل جمعت أفراد العائلة سويًا وبها يتذكرون لحظاتهم السعيدة، حيث إن التصوير يعد توثيقًا لجلّ الأوقات التي يريد الإنسان أن يحتفظ بها في ذاكرته للأبد.[1]
في هذا الصدد كان لا بد من معرفة الحكم الشرعي للتصوير، وذلك تجنبًا للوقوع في المُحرمات حتى لو بدا لنا عكس ذلك، وفي هذا الأمر اختلفت آراء العلماء في الحُكم، وذلك على حسب مفهوم التصوير المقصود ونوعه وذلك على النحو التالي:
1- حكم التصوير حسب المادة المصورة
في ضوء معرفة حكم التصوير في الإسلام، فأولى العوامل التي تم على أساسها تحديد الحُكم الشرعي هي ماهية المادة المصوًّرة إذ إنه في حال كان رسمًا لغير ذوات الأرواح مثل الجمادات، حينها يوجد خلاف، حيث أباحه أكثر أهل العلم، ولكن بعضًا منهم ذهب إلى عدم جواز رسم ما يثمر مثل الأشجار وما شابه.[2]
أما في حال في حال كان تصويرًا لذوات الأرواح مثل البشر، أو النباتات، أو الشمس وغيرها حينها تنقسم الآراء إلى قسمين وذلك على حسب نوع هذا التصوير كما نعرض في السطور التالية.
اقرأ أيضًا: حكم الإفطار في صيام القضاء
أولًا: التصوير باليد
الحالة الأولى والتي حدد فيها العلماء القائلين لهذا الرأي، أن تكون آلية التصوير بواسطة اليد، أي بطريقة الرسم أو النحت وهو الأغلب، حينها يكون مُحرّمًا، بل إنه قد يدخل من ضمن كبائر الذنوب، وذلك استنادً إلى الأحاديث النبوية الشريفة التالية:
“عن سعيد بن أبي الحسن قال سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يقولُ: كُلُّ مُصَوِّرٍ في النَّارِ، يَجْعَلُ له، بكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَهَا، نَفْسًا فَتُعَذِّبُهُ في جَهَنَّمَ. وقالَ: إنْ كُنْتَ لا بُدَّ فَاعِلًا، فَاصْنَعِ الشَّجَرَ وَما لا نَفْسَ له، فأقَرَّ به نَصْرُ بنُ عَلِيٍّ” [رواه: مسلم].
حيث يستند أهل العلم الذين يرجحون ذلك الرأي، إلى ذلك الحديث الذي يتبين من خلاله كيف شدد الرسول صلى الله عليه وسلم على عقوبة المصورين، بأنهم يأتون يوم القيامة يُعذبون بكل صورة قاموا بتصويرها، وفي هذا بيان لدرجة ذنب ذلك الفعل.
ثانيًا: التصوير بغير اليد
القسم الثاني في حكم التصوير في الإسلام على أساس طريقة، وهي التصوير بغير اليد، والمعروف حاليًا بالتصوير الفوتوغرافي الذي لا يحدث فيه سوى تثبيت الصورة بتقنيات محددة دون التغيير فيها، يعد محل خلاف نظرًا لعدم وجودها أيام النبي.
على إثر ذلك أقرّ بعض العلماء بأنه ينطبق عليه مثل حكم التصوير باليد أي أنه مُحرّم، أما البعض الآخر فقد أجازه مُتحججًا بأن تلك الطريقة لم يحدث فيها أي تدخل من المُصور أدي إلى تغيير في خلق الله.
لكن ضرورة وجود عدة شروط وهي ألا يتم تصوير أي مشهد مُحرّم أو فيه شُبهة شرعية مثل تصوير النساء الأجنبيات، أو وهن غير ملتزمات بالزي الشرعي وأن تخلو الصور من المقدسات أو ما شابه.
2- حكم التصوير حسب وجود الظل
نستكمل عرض حكم التصوير في الإسلام، وذلك على أساس العامل الثاني الذي حدد على أساسه الفقهاء رأيهم، وهو وجود ظل للصورة أم لا، حيث تباينت تلك الآراء على النحو التالي:
أولًا: مذاهب الجمهور
في إطار حكم التصوير في الإسلام، فإن الجمهور وهم مذاهب الحنفية، والشافعية، والحنابلة ذهبوا إلى أن التصوير ذات الظل أو بدونه مُحرم إطلاقًا.
ثانيًا: مذهب المالكية
كانت المالكية هي من اختلفت قليلًا عن الجمهور في الحكم الشرعي للتصوير، حيث إنها حددت أن التصاوير بشكلٍ عام تجوز -ولو فيها كراهة- وذلك عند توافر عدة شروط منها ألا يكون للصورة ظل.
اقرأ أيضًا: حكم بقاء الزوجة مع زوجها الزاني
هل الُصور ملعونًا
استند العديد من أهل العلم على ذلك الحديث التالي الذي تُوعّد فيه للمصور بأنه ملعون، واللعن هو الطرد من رحمة الله، وبهذا يعد حُجة قوية بالنسبة لهم بأن التصوير ليس ذنبًا عاديًا أو حتى يكون محل خلاف.
“قال وهب بن عبد الله السوائي: لَعَنَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الوَاشِمَةَ والمُسْتَوْشِمَةَ، وآكِلَ الرِّبَا ومُوكِلَهُ، ونَهَى عن ثَمَنِ الكَلْبِ، وكَسْبِ البَغِيِّ، ولَعَنَ المُصَوِّرِينَ” [رواه البخاري].
لكن لفظ “المصور” في ذلك الحديث تدور حوله الأقاويل فهناك من فسّره على أنه صانع الأصنام بهدف عبادتها، والبعض فسّره على أنه من قام بتصوير ذوات الأرواح، أما آخرون من أهل العلم ذهبوا إلى أن المقصود به النّحّات الذي يصنع التماثيل لتكون شبيهة لخلق الله.
حكم التصوير في الدين الإسلامي من الأمور التي تدور حولها الكثير من الآراء والتفاسير محل الخلاف، والتي يلزم تعلّمها جيدًا أو الاستماع إلى أحد العلماء الموثوق فيهم لمعرفة الحكم الأسلم.