هل يجوز قراءة دعاء الاستخارة من ورقة؟ وكيف يتم أداء هذه الصلاة؟ ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم عدد من السنن التي تمنح المسلم الذي يتبعها الشعور بالرضا والسعادة في الدارين، وذلك لأنها ترشده للطريق القويم والذي يقود للخير والبركة، ومن خلال موقع القمة نعرض كل ما يتعلق بصلاة الاستخارة.
هل يجوز قراءة دعاء الاستخارة من ورقة؟
يعد دعاء الاستخارة طويل ويصعب للبعض حفظه، لذا يسأل الكثيرون سؤال شائع وهو هل يجوز قراءة دعاء الاستخارة من ورقة؟ وللرد أجاز أهل العلم قراءة هذا الدعاء من ورقة في حال صعوبة الحفظ، بشرط أن يكون الدعاء بقلب صادق.[1]
حيث يكون هذا الدعاء بعد السلام من الصلاة، وعلى حسب قول أهل العلم، وبناءً على ذلك فليس هناك داعي لكتابته وترديده في الصلاة حيث إن بعض الفقهاء أبطلوا الصلاة التي تكون على هذا المنوال.
إذ يعتقد أبي حنيفة رحمه الله أن هذا التصرف فيه إخلال للخشوع في الصلاة التوسل والتضرع بالدعاء، فيمكن ترديد الدعاء بعد الصلاة أو الاجتهاد في حفظه، كما يمكن الدعاء بما تسير كأن يقول المرء كما قال ابن الباز:
“اللهم قدر لي الخير، اللهم يسر لي الخير، اللهم اشرح صدري لهذا السفر إن كان خيرًا، اللهم اشرح صدري لهذا الزواج إن كان خيرًا” أي يذكر المرء ما يفهم وما يعرف بعد السلام من الصلاة، ويرفع يديه تجاه السماء في اتجاه القبلة ويدعو بعد الصلاة بما يشاء.
ويرجى العلم أن جمهور العلماء أجازوا قراءة القرآن من المصحف في الصلوات مثل التهجد والقيام، وهو أمر أشد من قراءة الدعاء، وبناء على هذا يميل بعض المشايخ إلى أنه لا يشترط دعاء الاستخارة أن يحفظ عن ظهر قلب، وأتاحوا القراءة من الورقة لأن الغرض هو الدعاء.
وحين سئل علماء اللجنة الدائمة عن هذا الأمر أجابوا “إن حفظت الدعاء للاستخارة وقرأته من الكتاب فالأمر في ذلك واسع، وعليك الاجتهاد في إحضار قلبك والخشوع لله، والصدق في الدعاء“.
اقرأ أيضًا: هل يجوز قراءة القرآن للحائض في رمضان وحكم ختمه
دعاء الاستخارة
لقد علم الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابة والتابعين عدة أمور لتعين المرء على مصاعب الحياة اليومية وتمكنه من العيش بشكل أفضل، وذلك من خلال صلاة الاستخارة وهي في اللغة تعني طلب الخير من الله واستخاره الشيء تعني انتقاه واصطفاه، إذ ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم:
“كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم يعلِّمُنا الاستِخارةَ في الأمورِ كما يعلِّمُنا السُّورةَ منَ القرآنِ ويقولُ: إذا همَّ أحدُكُم بالأمرِ فليركعْ رَكْعتينِ من غيرِ الفَريضةِ ثمَّ ليقُلْ: اللَّهمَّ إنِّي أستخيرُكَ بعلمِكَ وأستقدرُكَ بقدرتِكَ وأسألُكَ من فضلِكَ العَظيمِ فإنَّكَ تقدرُ ولا أقدِرُ وتعلمُ ولا أعلَمُ وأنتَ علَّامُ الغيوبِ…”.[2]
“…اللَّهمَّ إن كنتَ تعلمُ أنَّ هذا الأمرَ – ويسميه باسمه – خيرٌ لي في ديني ودنياي ومَعاشي وعاقبةِ أمري أو قالَ عاجلةِ أمري وآجلِهِ فاقدُرهُ لي ويسِّرهُ لي ثمَّ بارِكْ لي فيهِ وإن كنتَ تعلمه شرًّا لي في ديني ودنيايَ ومعاشي أمري فاصرِفني عنهُ واصرِفهُ عنهُ واقدُر لي الخيرَ حيثُ كانَ ثمَّ رضِّني بِهِ” [ٍعمدة التفسير – الراوي: جابر بن عبد الله].
حكم ترديد دعاء الاستخارة دون الصلاة
في إطار الحديث عن هل يجوز قراءة دعاء الاستخارة من ورقة؟ فإن البعض يحتاج أن يستخير الله بشأن أمر زواج أو سفر أو عمل أي أمر مصيري وعاجل، فتحتار المرأة الحائض إن كان مجرد الدعاء دون الصلاة ينفع أم لا ليكون له نفس الأثر والنتيجة.[3]
ويقول ابن الباز ردًا على ذلك أنه يستحب بالطبع أن نستخير الله بكل شؤون حياتنا ولو بدون صلاة، إذ إن فكرة سؤال العبد لربه سواء كان رجل أو امرأة حائض أو غير حائض.
فإن الاستخارة من السنن النبوية وإن كان العبد مستعجل واستخر دون الصلاة وتوجه بالدعاء والتوسل لله أن يرشده السبيل الحق والرشاد، فلا حرج في ذلك فقد قال الله تعظم وتعالى في كتابه الكريم:
{أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ} [سورة النمل :62].
فضل دعاء الاستخارة
من خلال الإجابة على هل يجوز قراءة دعاء الاستخارة من ورقة؟ يتضح للمرء أن القيام بأداء صلاة الاستخارة يساعد الإنسان على الوصول للنتائج التي يريد تحقيقها، كما أن لها فضائل في الدنيا في الآخرة نتعرف عليها في النقاط التالية:
- تؤكد على الاحتياج لله والافتقار له وتنفي التعلق واللجوء لغير الله إذ إن المرء يتوكل على الله في كافة شؤونه ويفوض الأمر له.
- إن الله يشجع العباد على القيام بسؤاله في كل موقف وحال كما قال في الآية الكريمة: {إِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ إِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [سورة البقرة :186].
- أمر الله العباد بالدعاء له وتذكره في أوقات الضيق والرخاء لأن من يستكبر على الله تكون عاقبته سيئة كما قال سبحانه وتعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [سورة غافر :60].
- تساعد على الفوز والنجاح في كافة مقاصد الحياة وتوفق الإنسان في سعيه، لأن من فوض الله في أمر كفاه فهو عز وجل يعطي الكافر والمؤمن دون سؤال فكيف بمن يسأل بصدق هل يمنع عنه!
- من يستخير الله يرضى ويقنع بالقضاء والقدر خيره وشره لأنه أخذ بالأسباب واستحضر الطمأنينة واليقين في قلبه.
- الاستخارة تعين المرء على الراحة والإيمان بشدة بالواحد القاهر فوق العباد.
اقرأ أيضًا: هل يجوز ممارسة العادة عند الضرورة في رمضان
متى نصلي صلاة الاستخارة؟
أجبنا على هل يجوز قراءة دعاء الاستخارة من ورقة؟ لكن يبقى سؤال يشغل بال البعض، وهو أفضل وقت لأداء صلاة الاستخارة والواقع أن كل الأوقات مناسبة، لأن الله شرع للمسلم أن يصلي ويدعو في كل الأوقات.
لكن وضح العلماء أن هناك أوقات لا يستحب بها الصلاة إذ إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بها وهي من صلاة الفجر حتى طلوع الشمس، ومن بعد صلاة العصر حتى غروب الشمس، وأفضل وقت لصلاة هو الثلث الأخير من الليل حتى صلاة الفجر وذلك لأن الله ينزل للسماء الدنيا كما ورد في حديث شريف:
“ينزلُ اللَّهُ تبارَكَ وتعالى إلى السَّماءِ الدُّنيا كلَّ ليلةٍ حينَ يمضي ثلثُ اللَّيلِ الأوَّلُ فيقولُ: أنا الملِكُ من ذا الَّذي يدعوني فأستجبَ لَهُ، من ذا الَّذي يسألُني فأعطيَهُ، من ذا الَّذي يستغفِرُني فأغفرَ لَهُ، فلا يزالُ كذلِكَ حتَّى يضيءَ الفجرُ” [صحيح الترمذي].
إن الاستخارة في كل الحالات هي خطوة باتجاه الفلاح في الدنيا والتقرب من الله، فالله تعالى شرع لنا كافة الوسائل الممكنة للتقرب منه وطلب المغفرة.