هل يجوز للمرأة العمرة مع مجموعة نساء؟ وهل الأم محرم لبناتها في العمرة؟ إذ تحتاج بعض السيدات إلى السفر إلى الخارج من أجل إتمام مناسك العمرة أو الحج دون وجود محرم، فتكاد تكون امرأة لم تتزوج بعد، أو ما غير ذلك من حالات يُحتم عليها ما هي عليه من ظروف بالسفر دون محرم، وبُناءً عليه سنوضح من خلال موقع القمة رأي دار الإفتاء وما أجابت به عن هذه الحالات وكذلك الشروط الواجب المحافظة على وجودها حال الرغبة في أداء العمرة للمرأة دون محرم.
هل يجوز للمرأة العمرة مع مجموعة نساء
أوضح الدكتور سعد بن مطر العتيبي بعض الأمور المهمة في هذه المسألة بعد أن استفسرت منه واحدة من السيدات عن أمر أداء العمرة بدون محرم، وقد قال لها إن هذا الفعل مُحرم شرعًا، وفقًا لما جاء في الحديث الشريف:
“قالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لا تُسَافِرِ المَرْأَةُ إلَّا مع ذِي مَحْرَمٍ، ولَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إلَّا ومعهَا مَحْرَمٌ، فَقالَ رَجُلٌ: يا رَسولَ اللَّهِ إنِّي أُرِيدُ أنْ أخْرُجَ في جَيْشِ كَذَا وكَذَا، وامْرَأَتي تُرِيدُ الحَجَّ، فَقالَ: اخْرُجْ معهَا” [الراوي: عبد الله بن عباس، المحدث: البخاري].[1]
في عموم الحديث يتبين أن سفر المرأة بمفردها غير مسموح، ولكن قد يُباح في حال كان هناك ضرورة قصوى تُحتم عليها السفر دون محرم، وعليها في هذه الحالة طرح وضعها على المفتي وله أن يُقدم لها الفتوى الصحيحة بشأن ما هي عليه.
أما في الحالات العادية فلا داعٍ لسفر المرأة دون محرم على الإطلاق، فالعمرة من العبادات الواجبة في العمرة لمرة واحدة حال استطاع الإنسان، ويلزم لأدائها للمرأة وجود محرم، وتُستحب بعد ذلك مرة أخرى في وجود المحرم، وعندما تعزم المرأة على أدائها دون محرم لعدم وجوده ترجى من الله حسابها على نيتها وأخذ الأجر على نيتها.
اقرأ أيضًا: هل يجوز صيام القضاء متقطع
حكم سفر العمرة الواجب بدون محرم
بعد معرفة إجابة سؤال هل يجوز للمرأة العمرة مع مجموعة نساء، نوضح الآن حكم سفر العمرة الواجب بدون محرم، حيث إنه في هذه الحالة يختلف الأمر كثيرًا، وهي الحالات الاستثنائية التي يتوجب على المرأة مراعاتها أثناء أداء العمرة أو الحج، فقد أجاب بعض الشيوخ في سفر الطاعة أي أداء العمرة أو الحج بهدف الطاعة أنه من غير المسموح للمرأة السفر بدون محرم أو زوج.[2]
أما في حال كان سفر الحج أو العمرة من أجل أداء نذر أو واجب القيام به فلا مشكلة من السفر مع رفقة مأمونة، وذلك في حال لا يوجد محرم، وهو ما تمكن الشيخ المُجيب من الوصول إليه من خلال أقوال العلماء وآراء مذهبي الشافعية والمالكية في ذلك.
بُناءً عليه نعرض كافة ما تم ذكره في هذه المسألة من أشهر الشيوخ، والذين يتبعون عدد من المذاهب منها المالكية وغيره، يوجبون على المرأة المحرم، ومنهم من يُبيح لها حال كانت غير متزوجة، وقالوا:
جاء في مواهب الجليل للحطاب المالكي: إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا -المرأة- مَحْرَمٌ وَلَا زَوْجٌ، فَيَجِبُ عَلَيْهَا الْخُرُوجُ لِلْحَجِّ الْفَرْضِ -وكذلك العمرة الفرض- فِي رُفْقَةٍ مَأْمُونَةٍ.
قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأ فِي …… الَّتِي لَمْ تَحُجَّ قَطُّ، إنَّهَا إنْ لَمْ يَكُنْ ذُو مَحْرَمٍ يَخْرُجُ مَعَهَا، أَوْ كَانَ لَهَا فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهَا، أَنَّهَا لَا تَتْرُكُ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَيْهَا فِي الْحَجِّ، وَلْتَخْرُجْ فِي جَمَاعَةٍ مِن النِّسَاءِ. انْتَهَى.
قال ابن مفلح في الفروع: وعند شيخنا: تحج كل امرأة آمنة مع عدم المحرم، وقال: إن هذا متوجه في كل سفر طاعة، كما قال. ونقله الكرابيسي عن الشافعي في حجة التطوع، وقاله بعض أصحابه فيه، وفي كل سفر غير واجب كزيارة وتجارة.
بُناءً عليه يتبين ما يجب على المرأة القيام به في حال كانت ترغب في الذهاب إلى الحج أو العمرة بدون محرم، ولا بُد لها من الاستفسار من أحد المفتين بشرح حالتها تفصيلًا لوجود الاستثناءات التي يمكن أن تكون من بينها، وقد يُسمح لها بالذهاب بدون محرم.
هل حج المرأة بدون محرم يفسد النُسُك
البعض من السيدات اللواتي ذهبن إلى الحج ولم يعلموا بأمر وجوب وجود محرم، يظنون بإفساد النُسُك على أنفسهن، ولكنه أمر غير صحيح فالحج مقبول بإذن الله تعالى، ولكنها بحاجة إلى التوبة عن ذلك لأنها خالفت ما أمر به الله سبحانه وتعالى، وقول النبي بأن المرأة لا تسافر إلا مع محرم.
طاعة الرسول من طاعة الله سبحانه وتعالى وواجبة علينا جميعًا، لذا في حال قد خالفنا ما أمر به الرسول يتوجب علينا التوبة والاستغفار عما حدث، لذا نقول إن المرأة التي تسافر بدون محرم لأداء العمرة مع مجموعة من النساء حجها مقبول، ولكن عليها التوبة.
رأي الشيخ محمد ابن عثيمين في سفر المرأة بدون محرم
الشيخ محمد ابن عثيمين أجاب عن سؤال هل يجوز للمرأة العمرة مع مجموعة نساء بقول لا يجوز، ونفى سفر المرأة تمامًا بدون محرم، وأوضح أنه يلتزم في ذلك بما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كما أنه تحدث عمن يُبيح لها السفر مع مجموعة مأمونة أو لا، وأجاب أن الرسول عندما أتاه رجلًا يسأله عن سفر امرأته بدون محرم لم يسأله عما إذا كانت برفقة نساء أو أنها مأمونة أم لا، بل رفض الرسول وأجابه بأنه من غير المسموح أن تسافر المرأة بدون محرم.
وبناءً عليه فلا استثناءات في هذا الأمر على الإطلاق، بل من الواجب على المرأة مراعاة ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن تبتعد عن كل ما حُرِم عليها، وتلتزم بما أمر به رسول الله.
كما أنه تطرق نحو الحديث عن الحكمة من ذلك الأمر وهو المحافظة على المرأة من الفتنة وصونها، فهي مهما كانت تخاف الله سبحانه وتعالى وملتزمة، إلا أن هناك بعض الأمور التي قد تقع بها وتكون ناتجة عن استهوان أغلب الأشخاص في الوقت الحاضر ببعض أمور الدين الواجبة عليهم، فلا شك أن طاعة الرسول واجبة وبُناءً عليه لا وجود لمبررات أو استثناءات في هذه المسألة.
اقرأ أيضًا: هل يجوز رؤية عورة الزوجة على النت
هل الأم محرم لبناتها في العمرة
جاء إلى بعض المفتين استفسار عن حكم سفر المرأة من جدة لمكة مع زوج أختها وأمها، والسؤال هنا كان هل يجوز هذا السفر وهل الأم محرم لبنتها في هذه الحالة أم لا.
أجاب المفتي بالتوافق مع إجابة الإمام ابن باز في هذه الحالة موضحًا أن أمها بحاجة إلى محرم، والأم ليست محرمًا لبناتها في العمرة، ولا بُد من وجود محرم لإتمام العمرة، وفي حال كانت ستترك بنتها في المنزل فيجب أن يكون في مكان آمن، أما في حال كانت تخشى عليها فقد يكون هذا مُبررًا لذهابها معها بدون محرم، والله أعلم.
علينا جميعًا الالتزام بما أرشدنا نحوه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وللخروج من هذه الاختلافات في الرأي لا بُد من المحافظة على النفس من الفتنة، والالتزام بعدم السفر لعمرة أو غيرها دون محرم وفقًا للإجابات المُتفق عليها المذكورة في الرد على هل يجوز للمرأة العمرة مع مجموعة نساء، حفظنا الله وإياكم.