هل يجوز زواج التجربة؟ وما هي حقيقته؟ أثيرت ضجة عارمة بعد ما أعلن أحد المحاميين المصريين مصطلح زواج التجربة والذي كان قد أعلن عنه كوسيلة للتخفيف من ظاهرة الطلاق المنتشرة بشكل كبير في الوطن العربي، وقد جاءت الردود من دار الإفتاء والأزهر الشريف لبيان رأيهم في زواج التجربة وهل يجوز شرعًا أم لا، وسوف نتناول هذا الموضوع بشيء من التفصيل من خلال موقع القمة.
هل يجوز زواج التجربة
بعد انتشار ما يعرف بزواج التجربة كثرت التساؤلات حوله وهل يجوز زواج التجربة حقًا أم أنه مخالف للشرع والقانون وتعاليم ديننا الإسلامي، ولذلك قام دار الإفتاء والأزهر الشريف بالرد على ذلك السؤال بشكل واضح من خلال بيان رسمي.[1]
جاء رد علماء الأزهر الشريف ودار الإفتاء على صفحة مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية على سؤال هل يجوز زواج التجربة، بأنه لا يجوز شرعًا قائلين إن الزواج ميثاق غليظ ولا يجوز العبث به، ولا يجوز اشتراط عدم وقوع الانفصال بين الزوجين لمدة محددة كثرت أو قلت فيما يسمى بزواج التجربة فهو اشتراط فاسد لا عبرة له.
كما أكد على أن اشتراط انتهاء عقد الزواج بمدة معينة يجعل العقد باطلًا ومحرمًا، كما أضاف الأزهر الشريف أن عقد الزواج المسمى بزواج التجربة يتنافى مع دائم منظومة الزواج في الشرع والدين الإسلامي، كما أنه يتصادم مع أحكام الله سبحانه وتعالى والمقصد من الزواج.
كما قاموا بالتأكيد على أن الإسلام قد كرم الزواج وجعله آية من أعظم آيات الله سبحانه وتعالى، فقد جعل الله الزواج منظومة متكاملة تحفظ حقوق كل من الرجل والمرأة.
اقرأ أيضًا: تجارب من تزوج عليها زوجها
حكم زواج التجربة
إن الشرع في ديننا الإسلامي يتنافى مع شروط عقد زواج التجربة، ولذلك فإن الشرع يحرم هذا النوع من الزواج بشكل قاطع، فإن عقد الزواج يحكم عليه من خلال مضمونه والتي على أساسه يتم الحكم بأنه حلال أو حرام، ونجد أن في الشروط التي يشتمل عليها عقد زواج التجربة أساسها غير صحيح.[2]
فنجد أن الشرط الأساسي في عقد زواج التجربة تتمثل في منع الزوج من حقه في أن يطلق زوجته في فترة معينة بعد الزواج، وهذا الشرط يجعل العقد باطل، مما يجعل العقد كأنه لم يكن وبالتالي فهو زواج محرم.
ما هو زواج التجربة
في إطار الرد على سؤال هل يجوز زواج التجربة الذي أثار جدلًا واسعًا لا بد من ان البعض قد يتساءل عما هو زواج التجربة ولماذا أعلن المركز الإسلامي للإفتاء أنه لا يجوز شرعًا.
إن زواج التجربة هو عبارة عن عقد رسمي يتم عقده عند المأذون الشرعي ويكون هذا العقد مسوفي لكل الأركان والشروط المتعلقة بالزواج، ولكنه زواج محظور فيه على كلا الزوجين حَلّه بطلاق من الزوج، أو خلع من الزوجة، أو تفريق من القاضي لمدة خمس سنوات، أو أقل أو أكثر.
ويكون ذلك الشرط متضمن في العقد الرسمي للزواج بالإضافة إلى شروط أخرى يقوم الطرفين بالاتفاق عليها مثل الأمور المالية وعمل الزوجة وكذلك الرغبة في الإنجاب وتكون كل تلك الأمور في نطاق الاتفاق بينهم وعلى الزوجين الالتزام بعدم الانفصال في مدة أقصاها من ثلاثة لخمسة سنوات.
في زواج التجربة يتم تقييم تجربة الزواج سواء باستمرارها أو الرغبة في الانفصال وانتهاء العشرة في الإخلال بأحد الشروط والتي تعتبر ضمانة لعدم الطلاق المبكر وما يترتب عليه من مشكلات كثيرة تهدد استقرار المجتمع.
اقرأ أيضًا: مميزات وعيوب الزواج من امرأة أكبر منك
أسباب تحريم زواج التجربة
استكمالًا للرد على سؤال هل يجوز زواج التجربة لا بد من معرفة الأسباب والمحاور التي على أساسها تم تحريم زواج التجربة، ولقد تركزت تلك الأسباب في سبب رئيسي وأساسي وهو تأقيت الزواج.
هناك نوعين من التأقيت وهما تأقيت ظاهر وتأقيت بالنية وسوف نشرح لكم الفرق بينهم كل على حدة:
1- التأقيت الظاهر
هو وأن ينص العقد على أن الزواج سيكون لفترة محددة، وفي ذلك فلقد اجتمع علماء وأهل السنة على أن في ذلك بطلان العقد فيما يعرف بزواج المتعة، والذي قد حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عن سبرة بن معبد الجهني قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“يا أيُّها النَّاسُ، إنِّي قدْ كُنْتُ أذِنْتُ لَكُمْ في الاسْتِمْتاعِ مِنَ النِّساءِ، وإنَّ اللَّهَ قدْ حَرَّمَ ذلكَ إلى يَومِ القِيامَةِ، فمَن كانَ عِنْدَهُ منهنَّ شيءٌ فَلْيُخَلِّ سَبِيلَهُ، ولا تَأْخُذُوا ممَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شيئًا” [صحيح مسلم].
كما اعتمد أهل السنة على أن عقد الزواج هو عقد غليظ قائم على الاستمرارية وليس على التأقيت وذلك يتجلى في قول الله سبحانه وتعالى:
{وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا} [النساء: 21].
ولقد تمسك أهل السنة ايضًا بقول الله تعالى:
{فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229]
فلا يجوز أن يسلب الزوج من حقه الذي شرعه الله له بأن يطلق زوجته أو من حق الزوجة في المطالبة بالطلاق بسبب شروق عقد منافي لأحكام الله سبحانه وتعالى.
2- التأقيت بالنية
نجد أن التأقيت بالنية يختلف بشكل كبير عن التأقيت الظاهر فهو مجرد أن ينوي الزوج أو الزوجة أو اتفاق الاثنين على تأقيت الزواج دون النص على ذلك في عقد الزواج، وفي ذلك الامر اختلف الفقهاء في صحة عقد الزواج كما يلي:
- بطلان العقد وهو ما ذهب إليه مذهب الحنابلة، ورأوا أنه مثل زواج المتعة التي حرمه الله، كما استدلوا على بطلان العقد بعقد النية فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ وإنَّما لِكلِّ امرئٍ ما نوى“ [مجموع الفتاوى].
- صحة العقد وهو بناء على مذهب الحنفية فقالوا إن نية التأقيت لا تؤثر على صحة عقد الزواج ولا تجعله مؤقت بل إن التأقيت يكون باللفظ.
- نجد أن المالكية اتجهوا إلى رأي آخر وهو صحة الزواج إن أضمرت النية وبطلانه إن صرح الزوج بنيته، أما إذا أخفى الزوج نيته بالطلاق ولم يصرح بها صح عقد الزواج، أما إذا صرح الزوج عن رغبته ونيته في الطلاق فقد بطل عقد الزواج.
- أما عن الشافعية فقد رأوا أن نية التأقيت أمر مكروه، وقد استندوا على أن كل ما لو صرح به أبطل يكون إضماره مكروه.
اقرأ أيضًا: مميزات وعيوب الزواج من مطلقة
شروط الزواج في الشرع
إن الزواج في الدين الإسلامي يندرج تحت مسمى الزواج المشروط ولكن تلك الشروط تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
1- شروط صحيحة
هناك شروط في الزواج صحيحة ونافذة ولا بد من الوفاء بها، وهي شروط لا تتعارض مع أحكام الدين الإسلامي، كاشتراط المرأة ألا يخرجها زوجها أو يسافر بها، فإن مثل تلك الشروط لا حرج فيها بل قد يؤدي عدم الوفاء بها إلى إنهاء الزواج، وذلك لقول الله تعالى:
“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ” [المائدة: 1].
2- شروط باطلة في ذاتها، لا تبطل الزواج
تتمثل تلك الشروط في الشروط المنافية لعقد الزواج كأن تسقط حقًا واجبًا، كاشتراط الرجل ألا يعطي المرأة مهرًا أو ألا يكون لها نفقة، أو أن تشترط المرأة ألا يلمسها زوجها، وكل تلك الشروط باطلة لأنها تحرم حلالًا وتقيده.
لذلك لا يجب الوفاء بها، ويكون عقد الزواج صحيح، فعن عمرو بن عوف المزني قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“المسلمونَ على شروطِهم إلَّا شرطًا حرَّم حلالًا أو أحلَّ حرامًا” [صحيح الترمذي].
3- شروط باطلة في ذاتها وتبطل عقد الزواج
تتمثل تلك الشروط في اشتراط مدة معينة للزواج ينتهي من بعدها عقد الزواج، وهو الحال في زواج التجربة، فهو يعد زواج متعة ولقد حرمه الله سبحانه وتعالى، ولذلك فإن عقد زواج التجربة باطل ومحرم.
إن زواج التجربة ينافي تشريعات ديننا الإسلامي، ولذلك لا بد ألا ينساق المسلمون وراء كل ما يشاع والخوض في تجربته، فإن مثل تلك الأمور أساسها تهديد الإسلام وأحكامه لذلك لا يجب علينا اتباعها والتمسك بديننا واتباع كتاب الله وسنة نبيه فيما يخص أمورنا الحياتية.