هل يجوز صلاة الكسوف في البيت؟ وهل يجوز صلاة الخسوف من المصحف؟ فهي من الصلوات التي اجتمع العلماء على أهميتها وكونها سُنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وبُناءً عليه نعرض من خلال موقع القمة حكم جواز صلاة الكسوف في المنزل منفردًا أو في جماعة فيما يلي مع توضيح بعض الأحكام المهمة التي تتعلق بها.
هل يجوز صلاة الكسوف في البيت
يلتزم المسلمين بأداء الصلوات سواءً كانت الفروض أو النوافل بالشكل الصحيح لها، وذلك بالامتثال لما كان يفعله النبي في كل صلاة ليكون هو الصحيح والمُستحب.[1]
في صلاة الكسوف ذهب أهل العلم إلى ما كان يفعله النبي سواءً في طبيعة صلاتها أو فيما يتعلق بكيفية أدائها، وقالوا إن الجماعة بها سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
لكن في صلاتها منفردًا لا إثم في ذلك، ولك ما اتفق عليه الفقهاء، وكذلك اتفق عليها غيرهم من العلماء والفقهاء، وقد ذهب أهل المذهب الشافعي والحنابلة إلى أن الجماعة سنة في صلاتي الكسوف والخسوف، أما عن مذهب المالكية والحنفية فلا يرون في صلاة الخسوف اشتراط الجماعة.
اقرأ أيضًا: هل يجوز الصيام للمستمني وما حكمه في الشريعة الإسلامية
حكم صلاة الكسوف
بعض الأشخاص يذهبان إلى حكم صلاة الكسوف بشكل عام، وقيل إنها سُنة مؤكدة بحسب ما قالته السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ في هذا الأمر موضحة ما يلي:
“خَسَفَتِ الشَّمْسُ في عَهْدِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَصَلَّى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالنَّاسِ، فَقامَ، فأطالَ القِيامَ، ثُمَّ رَكَعَ، فأطالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ قامَ فأطالَ القِيامَ وهو دُونَ القِيامِ الأوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ فأطالَ الرُّكُوعَ وهو دُونَ الرُّكُوعِ الأوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ فأطالَ السُّجُودَ، ثُمَّ فَعَلَ في الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ما فَعَلَ في الأُولَى، ثُمَّ انْصَرَفَ وقَدِ انْجَلَتِ الشَّمْسُ…”.[2]
“… فَخَطَبَ النَّاسَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وأَثْنَى عليه، ثُمَّ قالَ: إنَّ الشَّمْسَ والقَمَرَ آيَتانِ مِن آياتِ اللَّهِ، لا يَخْسِفانِ لِمَوْتِ أحَدٍ ولا لِحَياتِهِ، فإذا رَأَيْتُمْ ذلكَ، فادْعُوا اللَّهَ، وكَبِّرُوا وصَلُّوا وتَصَدَّقُوا. ثُمَّ قالَ: يا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ واللَّهِ ما مِن أحَدٍ أغْيَرُ مِنَ اللَّهِ أنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ أوْ تَزْنِيَ أمَتُهُ، يا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ واللَّهِ لو تَعْلَمُونَ ما أعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا ولبَكَيْتُمْ كَثِيرًا” [المحدث: البخاري].
يتبين من خلال هذا الحديث أن صلاة الكسوف من الصلوات التي يتخذها المسلمين سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وبها يتجنبون فواجع الأقدار، وما قد يتبعها من أهوال.
هل يجوز صلاة الخسوف من المصحف
بعض الناس يحتاجون إلى معرفة حكم قراءة القرآن من المصحف الشريف أثناء صلاة الكسوف أو الخسوف، وقد أفتى الصاوي في ذلك بقول إنه يجوز قراءة الآيات من المصحف في صلاة الكسوف، شرط أن تكون عن ظهر قلب.[3]
فليس جميعًا على حفظ كامل للمصحف الشريف، وتحتاج بعض الصلوات إلى قراءة آيات معينة من كتاب الله العزيز، ووفقًا لذلك فلا حرج عمن يقرأ القرآن من المصحف أثناء الصلاة ولا مشكلة ولا إثم عليه مما قام به.
صلاة الكسوف للنساء
في السؤال عن هل يجوز صلاة الكسوف في البيت اهتمت بعض السيدات بمعرفة الحكم في ذلك، وهو ما لفت انتباهنا نحو توضيح جواز صلاة الكسوف لها.
الجدير بالذكر أنها صلاة مشروعة للنساء وسنة لهم مثل الرجال تمامًا، ومشروع للمرأة أن تصليها في بيتها وذلك لذوات الهيئة، أما عن غيرها فلهم يُستحب صلاتها مع الجماعة، وفيما يخص مذهب الشافعي فيرى بصلاة الكسوف الأفضل للنساء سواءً من ذوات الهيئة أو غيرهن صلاتها في المنزل.
كيفية صلاة الكسوف
أهم ما يجب معرفته عن صلاة الكسوف أنها جهرية، وذلك تبين من خلال ما ذُكر في الحديث الشريف: “جَهَرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في صَلاةِ الخُسُوفِ بقِراءَتِهِ، فإذا فَرَغَ مِن قِراءَتِهِ كَبَّرَ، فَرَكَعَ وإذا رَفَعَ مِنَ الرَّكْعَةِ قالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَن حَمِدَهُ، رَبَّنا ولَكَ الحَمْدُ، ثُمَّ يُعاوِدُ القِراءَةَ في صَلاةِ الكُسُوفِ أرْبَعَ رَكَعاتٍ في رَكْعَتَيْنِ وأَرْبَعَ سَجَداتٍ” بالراوي: عائشة أم المؤمنين، المحدث: البخاري].
صلاة الكسوف تختلف قليلًا عن الصلوات المعتادة وهي الفروض، وذلك بالشكل الذي تبين من خلال طريقة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بها.
فكان يقرأ بها جهرًا لأنها صلاة ليلية، وعندما ينتهي من القراءة يكبر للركوع، وينتهي ليقول سمع الله لمن حمد ربنا ولك الحمد، وهو ما يفعله في غيرها من الصلوات.
لكنه لا يسجد بل يعود إلى القراءة مرة أخرى ويعتدل ليظل قائمًا وهو ما بعد الركعة الأولى، بعد ذلك يركع مرة أخرى بذات الركعة، ويرفع من الركوع ليعتدل قائمًا، يتبعه السجود بسجدتين وبعدها يرفع جسده من السجود ليعود قائمًا ليصلي ركعة ثانية، حيث يصلي في هذه الصلاة 4 ركعات في ركعتين، لتكون كل ركعة بركعتين وسجدتين.
كان يُطيل الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه الصلاة كثيرًا، وفي رواية البخاري ذُكر أن الرسول كان في الركعة الأولى يقرأ سورة البقرة بالقيام الأول وفي باقي الصلاة يطيل، وينتقل إلى ما أقل منه في الطول حتى تنتهي الصلاة بطلوع الشمس.
اقرأ أيضًا: هل يجوز صلاة العيد منفردا
حكم من ترك صلاة الخسوف
صلاة الخسوف ليست من الفرائض التي يقع على من يتركها إثم كبير، أو صغير، فهي من السنن التي نقوم بها مثلما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم فقط ليس إلا.
بُناءً عليه فلا إثم على من يُصلي الخسوف حتى وغن كان تركها عمدًا، فهي ليست واجبة، ولكن يُفضل في هذه الظاهرة الاستمرار على الاستغفار، التكبير، الدعاء بالعتق وتقديم الصدقات، وذلك وفقًا لما نصح به رسول الله صلى الله عليه وسلم في وقت الكسوف أو الخسوف لأن كليهما واحد لا اختلاف بينهما.
اتفق ابن باز مع باقي العلماء والفقهاء الذين قالوا إنه لا إثم على من يتركها نظرًا لأنها ليست من الصلوات الواجبة على المسلم إطلاقًا، وبناءً عليه فلا مشكلة لمن يتركها عن عمد.
بتوضيح الإجابة عن هل يجوز صلاة الكسوف في البيت اتضح الحكم على من يُصليها وكذلك تاركها، وتبين من خلال الأحاديث النبوية الشريفة الطريقة التي يمكن صلاتها بها، وهو ما يجعل كل من يرغب في أدائها القيام بها على الشكل الصحيح.