هل يجوز توزيع الأضحية على الأقارب؟ وما هو حكم التصدق بالأضحية كلها؟ حيث إن أمر الأضحية يشغل بال كل من رزقه الله تعالى وقدره على شراء الأضحية، فيطرح المسلمون بخصوص هذه المسألة العديد من الأسئلة، وسنتعرف اليوم من خلال موقع القمة على الإجابة عن أبرز تلك الأسئلة.
هل يجوز توزيع الأضحية على الأقارب
الأضحية شرعها الله عز وجل لعباده، وجعلها قربة يتقرب بها العبد إلى ربه في عيد النحر، ولم يحدد الله عز وجل ما يأخذ صاحبها منها، وما يعطيه للفقراء، حيث قال في كتابه العزيز: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [سورة الحج، الآية 28]، وجاء قوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [سورة الحج، الآية 36].[1]
المشروع للمُسلم في أضحيته أن يُطعم ويأكل منها، فإذا أخرج الثلث ووزعه على الفقراء وأكل الثلثين مع أهل بيته فلا يوجد بأس أو مشكلة في ذلك، ولو أخرج أقل من الثلث كان يكفي، وإن أعطى منها الفقراء والجيران والأقارب فلا بأس، فالأمر في هذه المسألة واسع.
اقرأ أيضًا: هل يجوز صلاة الاستخارة بعد الظهر
هل تجزئ الأضحية الواحدة عن أهل بيت واحد
في سياق آخر من عرض هل يجوز توزيع الأضحية على الأقارب، نجد أن نعم تجزئ أضحية واحدة عن أهل البيت الواحد ولو كانوا مئة، ومجتمعين أب وعياله، عشرة، عشرين، وزوجاتهم.[2]
فتكفيهم واحدة وإذا قاموا بذبح اثنتين أو أكثر فلا بأس في ذلك ولكن تكفيهم واحدة وذلك لماء جاء في السنة النبوية، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- عنده تسع نساء وكان يُضحي بأضحية واحدة عنه وعن أهل بيته.
حكم التصدق بالأضحية كلها
بعد الاطلاع على إجابة سؤال هل يجوز توزيع الأضحية على الأقارب، نجد أن إذا قام الشخص بذبح أضحية فحكم الشرع فيها هو وجوب التصدق بشيء من الهدي والأضحية، حتى وإن كان قليلًا، وذلك لقول الله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا، وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ، كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ، لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [سورة الحج، الآية 36].
المقصود بالقارع هنا هو الفقير الذي لا يسأل الناس تعففًا، والمعتر هو الفقير الذي يسأل الناس، كما جاء في الك المسألة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “فَكُلُوا، وَادَّخِرُوا، وَتَصَدَّقُوا” [صحيح مسلم]، والقول بوجوب التصدق هنا بشيء منها هو مذهب الشافعية والحنابلة وهو الأمر الصحيح الظاهر للنصوص الشرعية.
جاء في مسألة حكم التصدق بالأضحية عدة أقول من بينها الأقوال التالية:
- قال النووي -رحمه الله-: “يجب التصدق بقدرٍ ينطلق عليه الاسم؛ لأن المقصود إرفاق المساكين، فعلى هذا: إن أكل الجميع، لزمه ضمان ما ينطلق عليه الاسم” انتهى.
- قال المرداوي -رحمه الله-:”وَإِنْ أَكَلَهَا كُلَّهَا، ضَمِنَ أَقَلَّ مَا يُجْزِئُ فِي الصَّدَقَةِ مِنْهَا” انتهى.
- قال البهوتي -رحمه الله-: “فَإِنْ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِشَيْءٍ نِيءٍ مِنْهَا، ضَمِنَ أَقَلَّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ، كَالْأُوقِيَّةِ ” انتهى.
حكم عدم التصدق بأي شيء من الأضحية
في ضوء الاطلاع على إجابة سؤال هل يُمكن توزيع الأضحية على الأقارب، نجد أن سُئل في مسألة عدن التصدق بأي شيء من الأضحية وطهيها بالكامل مع الأقارب، وكانت إجابته أن هذا أمر خاطئ لقول الله تعالى: {لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [سورة الحج، الآية 28].
من هنا يلزم على كل مسلم قام بالتضحية أن يضمن ما أكلوه وأن يكون على كل شاة شيء من اللحم يشترونه ويتصدقون به.
وجوب الأكل من الأضحية
في مسألة الأكل من الأضحية وقع خلاف بين العلماء، وجاء قول جمهور العلماء أن الأكل منها مستحب وليس واجب، وهذا هو مذهب الأئمة الأربعة، أما البعض الآخر من العلماء فأشار إلى وجوب الأكل منها حتى لو شيئًا يسيرًا لظاهر النصوص الشرعية الدالة على ضرورة الأكل منها، وجاء في تلك المسألة الأقوال التالية:
- قال النووي -رحمه الله-: “وَأَمَّا الْأَكْل مِنْهَا فَيُسْتَحَبّ وَلَا يَجِب، هَذَا مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْعُلَمَاء كَافَّة، إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ بَعْض السَّلَف أَنَّهُ أَوْجَبَ الْأَكْل مِنْهَا؛ لِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيث فِي الْأَمْر بِالْأَكْلِ، مَعَ قَوْله تَعَالَى: (فَكُلُوا مِنْهَا)، وَحَمَلَ الْجُمْهُور هَذَا الْأَمْر عَلَى النَّدْب أَوْ الْإِبَاحَة، لَا سِيَّمَا وَقَدْ وَرَدَ بَعْد الْحَظْر” انتهى.
- قال ابن قدامة -رحمه الله-: “فَلَوْ تَصَدَّقَ بِهَا كُلِّهَا، أَوْ بِأَكْثَرِهَا، جَازَ ” انتهى.
اقرأ أيضًا: هل يجوز الاستغفار للميت
هل يجوز الاشتراك في الأضحية بين الأخوة
في حال أن يكون الأخ ساكن مع أخوه ويشترك معه في النفقة فإن يجزئ عنهم شاة واحدة، ويحصل كلًا منهما على الأجر، كما يجوز لكل واحد أن يضحي بنفسه عن نفسه، والأمر في هذه المسألة واسع.
أما في حالة ألا يكون السكن واحد أو النفقة واحدة فلا يصح الاشتراك في شاة واحدة، وشروط الاشتراك في الأضحية هي القرابة والمساكنة والإنفاق، وإذا تخلف شرط من الشروط الثلاثة لا يجوز الاشتراك.
الجدير بالذكر أن الاشتراك في الأضحية يصح لو كانت الأضحية بدنة أو بقرة، فيُمكن الاشتراك فيها حتى 7 أشخاص، حتى لو كانوا متفرقين في المسكن، كما ذهب جمهور أهل العلم لما جاء في الحديث الشريف: “نحرنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام الحديبية البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة” [حديث صحيح].
من هنا نجد أنه لا يصح الاشتراك في الأضحية سواء كانت خروف أو نعجة كأضحية؛ عن أكثر من اثنين، لأن الشاة تجزئ عن واحد فقط، ويتم استثناء أضحية الرجل عن أهل بيته، فيُشركهم في الأجر معه.
توزيع الأضحية على الأقارب من الأمور التي تجوز، ولا بأس بها، وسؤال هل يجوز توزيع الأضحية على الأقارب؛ فتح باب عرض الإجابة عن مجموعة متنوعة من الأسئلة الأخرى التي تتعلق بتلك المسألة.