هل يجوز الأكل من ذبيحة الصدقة؟ وما هو حكم أكل الصدقة لغير المحتاج؟ فيرى بعض الأشخاص الراغبين في التقرب إلى الله سبحانه وتعالى بالذبح بنية التصدق أن لهم أحقية الأكل من الصدقة، وبُناءً على ذلك نُقدم من خلال موقع القمة رأي دار الإفتاء والإمام ابن باز في ذلك مع توضيح الأدلة التي استندوا عليها من القرآن والسنُة.
هل يجوز الأكل من ذبيحة الصدقة
بعض الأشخاص ممن يقدمون الذبيحة مبتغى الصدقة يرغبون في الأكل منها، وهو من الأمور غير المستحب القيام بها، فالصدقة عند إخراجها تكون تقربًا إلى الله، وتكون قد تمت في حال قبضها بالكامل للجهة الموجهة إليها، أي عند حصول الفقراء عليها، وفي حال الأخذ منها تخرج عن إطار الصدقة.[1]
لذا فإن الأخذ منها محذورًا، وذلك بموجب قول إن من ينوي الصدقة بشيء فلا تُلزم إلا في القبض، ففي حال لم يقبضها الفقراء يجوز له أن يرجع بها، وفي هذه الحالة يجوز له أن يأخذ المتصدق منها لنفسه، ولكن في حال قد قبض منها الفقراء فيكون عليه الالتزام بذلك وإعطائها للفقراء.
لكن صدقة التطوع لا كراهية في الأكل منها، وما تم ذكره ما هو إلا أمور مستحبة تنفي المكروه، فما دامت لم تقبض ممن نوى بالتصدق بها فلا كراهية له في الأكل من الذبيحة.
اقرأ أيضًا: كيفية توزيع العقيقة للأنثى
حكم دعوة الأقارب والجيران على الذبيحة بنية التصدق
يوجد بعض المتصدقين الذين يتساءلون عن حكم من يرغب في إخراج الصدقة ودعوة الأقارب والجيران إليها بهدف التصدق، وكان جواب الإمام ابن باز في ذلك أن إكرام الجيران واجب وفضل عظيم يقوم به المسلم.
موضحًا في ذلك أنه لا مانع لمن يرغب في دعوة الأقارب والأهل على الصدقة للأكل منها، ويعود هذا الحكم إلى أن إكرام الجار به أجر كبير، وبه وصل للأرحام، وهو باب من أبواب صلة الأهل والجيران، فإذا قام المتصدق بذبح الذبيحة ودعا الأهل والأقارب إليها فإن في ذلك صدقة وعمل طيب وله الأجر العظيم به، إن لم يكن نذر.
حكم الأكل من ذبيحة النذر
بعض الأشخاص يرون في النذر تلبية لمقاصدهم، وعلى الرغم أنه ليس من الأمور الواجبة على المسلمين، بل هو من الأمور التي يحق له القيام بها ولكنها ليست مُصدقة.
عدم وجوبها لا يمنع من شرعيتها، حيث يجب على من ينذر أن يفي نذره كاملًا إلى النهاية دون أن يخالف من نذره، ويجب أن يؤتي به بالنية التي استحضرها بالشكل الذي يجب أن تكون عليه.
أي في حال قد نوى المسلم الذبح كنذر معين ولم يُحدد الفئة المستهدفة بهذا النذر فيمكنه إتمام الذبح وتقديمه لكافة من يرغب بتقديمه لهم سواءً من الفقراء أو من الأهل أو من الأصدقاء.
أما في حال قد نذر الذبيحة للفقراء فمن الواجب عليه إخراجها بالكامل للفقراء، ولا يجوز له الأخذ منها ولا للأهل أحقية الأخذ منها أو الأصدقاء، وفي ذلك يتوجب عليه استحضار النية وتذكرها جيدًا، وبأي الأشياء قد نوى، فالنية هي ما يُحاسب عليه الإنسان.
اقرأ أيضًا: هل يجوز أن أضحي عن والدي المتوفي
كراهية الأكل من الصدقة
إذا نوى المسلم أن يُقدم صدقة لوجه الله تعالى وقال ما ينص على ذلك، فيجب أن يتجه بها إلى الفقراء والمساكين، والمستحب له ألا يأكل منها على الرغم من عدم الكراهية الشديدة في ذلك، ولكن يُفضل قضاءها بالكامل إلى الفقراء، فهذا الأولى والأفضل في حالته، ويمكن له تقسيمها بحسب المستحب إليه.
الصدقة لا تُلزم إلا في حال قد تم قبضها وذلك حتى وإن أخرجها صاحبها، فإن لم يخرجها وقال ما يدل إنها صدقة يُستحب له التنزه عن الأكل منها، فهي بمثابة صدقة تطوع، وفي صدقة التطوع يُستحب إلزامها بالقبض للجهة التي نوى المتصدق تقديمها لهم.
مواصفات ذبيحة الصدقة
توجد بعض المواصفات لذبيحة الصدقة التي لا بُد من الالتزام بها حال الرغبة في إتمام الصدقة على الوجه الأمثل لها، ومن خلال النقاط التالية بصدد الإجابة عن سؤال هل يجوز الأكل من ذبيحة الصدقة سنوضحها بالكامل:
- يجب أن تكون سليمة.
- لا بُد ألا يكون بها أي عيب يمنع من التصدق بها وأن تكون معافاة.
- غير مسموح أن تكون الذبيحة مريضة أو هزيلة أو عرجاء أو عجفاء.
- في حال كان التصدق والذبح في الأضحية فيُفضل أن يكون بعد الانتهاء من صلاة العيد.
حكم أكل الصدقة لغير المحتاج
بعض السائلين عن هل يجوز الأكل من ذبيحة الصدقة يودون التعرف على حكم إخراجها لغير المحتاجين، وفي ذلك يتبين رأي دار الإفتاء التي أجابت بصوت أحد شيوخها موضحة أن هذه تُعد هدية لا صدقة، فالصدقة لا تسري إلا على المحتاجين.
الصدقة من الزكاة، ولا يتم إخراج الزكاة سوى للمحتاجين والفقراء والمساكين وبُناءً عليه فلا يأخذها غير المحتاج، لذا لا يمكن القول على ما يتم إخراجه للغير محتاج أنه صدقة.
أجر الصدقة على الأقارب
الأجر الذي يؤخذ على إخراج الصدقة من أهم ما يحب المسلم معرفته عن الصدقة بالذبيحة للأقارب، وهو أمر جائز ومسموح به شرعًا، ويؤخذ عليه أجر صلة القُربى.
في حال كان الأقارب فقراء فهم الأولى بالصدقة عمن سواهم من الأشخاص غير الأقارب من المتصدق، بل وبها الأجر المضاعف لكونها تجمع ما بين الصدقة وصلة الرحم.
أما في حال كان الأقارب أغنياء فهي لا تندرج تحت بند الصدقة وإنما هي هدية، فلا تجوز الصدقة على الغني، وتُعد شكل من أشكال صلة الرحم ويجوز لمن أخرجها الاستمتاع بها.
اقرأ أيضًا: العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود في اليوم السابع من مولده
فضل الصدقة على المُسلم
أكثر ما يسعى المسلم نحو كسبه من التصدق الحصول على فضلها العظيم، لذا يقوم كل من يُخرج الصدقات السؤال عن هل يجوز الأكل من ذبيحة الصدقة أم لا، كيلا يحرم نفسه من أخذ ثوابها، ومن خلال ما يلي سنوضح فضلها كامل:
- بها يتقرب العبد من الله.
- تدفع الحاجة والبلاء الواقع على الفقراء والمساكين، وهو ما يقابله من دفع البلاء عن المتصدق.
- من أفضل الأعمال عند الله نسبةً إلى قوله تعالى: (قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَيُنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ) [سورة إبراهيم: الآية 31].
- تطهر النفس وتنقيها من كافة الشرور التي قد تتملك منها.
- تُطفئ من غضب الله سبحانه وتعالى على الإنسان مهما كانت أفعاله السيئة التي قام بها.
- يقي بها الإنسان نفسه من ذوق عذاب النار والآخرة.
- تطهير المال للمتصدق.
- إحياء للسنة النبوية الشريفة، فقد كان الرسول كثير الأعمال الصالحة الطيبة التي علمها لنا من أجل التقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى.
- يتعلم بها الطفل كيف يكون رحيم على الفقراء والمساكين.
الجواب على هل يجوز الأكل من ذبيحة الصدقة أتاح فرصة الحديث عن الكثير من الأحكام الدينية بشأن التصدق والجزاء التابع له، وعلى كل مُسلم قادر على إخراج الصدقات استغلال فرصة أخذ الثواب العظيم الذي يتبع هذا العمل العظيم.