كيفية توزيع العقيقة للذكر المولود حديثًا تعد من أهم الأمور التي يحرص الآباء على معرفتها، حتى يضمنوا أدائهم لتلك السُنة على أكمل وجه ممكن، إذ تعد العقيقة من السنن الواردة عن النبي الكريم لكلٍ من الذكور والإناث على حد السواء، وعبر موقع القمة نوضّح الطريقة الصحيحة لتوزيعها.
كيفية توزيع العقيقة للذكر
تعد العقيقة من أكثر الأمور ذات شهرة ومعرفة بين جموع المسلمين، حيث نجد الرجل بمجرد أن يرُزق بمولوده الجديد، يقوم بذبح شاه أو ما شابه عقيقةً لولده، لكن يغلب على الكثير منهم عدم معرفة الطريقة السليمة التي تتم بها توزيع العقيقة.[1]
ففي هذا الصدد قال أغلب العلماء بأن العقيقة ينطبق عليها مثل ما ينطق على الأضحية، بما في ذلك كيفية توزيعها والتي تتم بطريقة الثلث، أي ثلث صدقة، وثلث كهدية، وثلث لصاحب العقيقة.
إذ يمكن أن يَطعم منها صاحبها وذويه، وأقاربه، فضلًا عن الفقراء وحتى الأغنياء فلا بأس، كما لا يُشترط أن تكون على حال معينة فيمكن فعل ما سبق باللحم النيء أو المطبوخ والأخير هو المُستحب.
من الجدير بالذكر أن طريقة التوزيع، والفئات المُوزعة عليهم العقيقة ليست من باب الفرض، ولكنها من باب الاستحباب الذي ذهب إليه بعض أهل العلم، لكن صاحب العقيقة لا يقع عليه إثم -بإذن الله- في حال خالفهم.
تلك الأحكام السابقة طبقًا لما أقرّته المذاهب الأربعة والتي نعرض بعضًا منها على النحو التالي:
- “يُصنع بالعقيقة بعد أن تُذبح ما يُصنع بالضحايا في الأكل والادخار والصدقة والهدية“ الإمام الماوردي الشافعي.
- “السنة أن يأكل ثلثها، ويهدي ثلثها، ويتصدق بثلثها، وإن أكل أكثر جاز” الإمام المرداوي الحنبلي.
اقرأ أيضًا: كيفية توزيع العقيقة للأنثى
آراء المذاهب في العقيقة وحكم جمع نيتها مع الأضحية
بعدما عرضنا كيفية توزيع العقيقة للذكر حسب ما ورد عن أهل العلم، فمن الضروري أن نوضّح تلك الآراء بشيءٍ من التفصيل، حيث إن المذاهب الأربعة أجمعت على كون العقيقة سُنة مؤكدة لكنها غير واجبة.
أما بالنسبة لعدد الذبائح أو العقائق فكان فيها اختلاف، حيث إن رأى كلٌ من الحنابلة والشافعية على أنها 2 شاه في حال كان المولود ذكرًا، وأما إن كانت أنثى فتكون شاه واحدة، لكن مذهب المالكية فرأى أن الاكتفاء بشاهٍ واحدة لكلا الجنسين جائزًا.
أما فيما يخص حكم جمع نية العقيقة مع الأضحية، فإن المذهب الحنبلي قد أجازها، أما باقي المذاهب لم تُجزها نظرًا لاختلاف الهدف من كليهما، حيث إن العقيقة هي فداء عن المولود، بينما الأضحية هي فداء عن النفس.
على إثر ذلك ذهب أهل العلم إلى أن رأي الجمهور هو المعمول فيه بشرط سعة الحال لصاحب العقيقة، أما لو كان مقدور عليه رزقه فله أن يتبع رأي الحنابلة.
اقرأ أيضًا: هل يجوز ذبح العقيقة بعد سنوات
العقيقة في السنة النبوية
في إطار معرفة كيفية توزيع العقيقة للذكر، فلا بد أن نتطرق إلى جذورها وتسليط الضوء على حكمها الشرعي، حيث إن العقيقة تعتبر سُنة مؤكدة عن المصطفى صلى الله عليه وسلم، وذلك حسب الأحاديث التي اقتفينا آثارها مثلما يلي:
“عن عبد الله بن عمرو قال: سُئلَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عنِ العقيقةِ فقالَ لا يحبُّ اللَّهُ العقوق كأنَّهُ كرِهَ الاسمَ وقالَ من وُلِدَ لهُ ولدٌ فأحبَّ أن يَنسُكَ عنهُ فلينسُكْ عنِ الغلامِ شاتانِ مكافِئتانِ وعنِ الجاريةِ شاةٌ…” [أخرجه أبو داوود، والنسائي].
كذلك عَنْ سَلْمَانَ بنِ عَامِرٍ قالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: مع الغُلَامِ عَقِيقَةٌ” [رواه البخاري].
نستدل من تلك الأحاديث الشريفة أن العقيقة ورد ذكرها عن النبي الكريم -استحبابًا وليس فرضًا، وذلك بعدد 2 شاه من نفس ذات السن في حال كان المولود ذكرًا، أما لو كانت أنثى فشاهٍ واحدة -وهذا الحديث الذي يستند عليه الحنابلة والشافعية-.
في هذا الصدد أيضًا من الجدير الإشارة أن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، هو من عقّ عن أحفاده الحسن والحسين، وذلك كما ورد في الحديث التالي:
“عن عائشة رضي الله عنها قالت: عقَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن حَسَنٍ وحُسَيْنٍ يومَ السَّابعِ، وسمَّاهما، وأمَر أنْ يُماطَ عن رأسِهِ الأَذى” [حديث صحيح].
بمناسبة هذا الحديث جدير بالذكر أن الكثير من العلماء اتخذوه دليلًا على أنه لا يشترط أن يكون الأب هو الذي يقوم بالعقيقة لأبنائه، على الرغم من عدم إجازة ذلك من قِبل البعض الآخر.
فضل وأهمية العقيقة
يتبين لنا مما سبق ذكره أن العقيقة لها من الأجر والفضل العظيم، حيث إنها دليلًا على اعتراف وشكر العبد لربه على نعمة الولد، بالقول والفعل والمال.
فضلًا عن كون العقيقة بابًا من أبواب الخير والترابط بين الناس وبعضهم، حيث إن أغلب الناس يقومون بعمل الولائم لتوزيع العقيقة، كما أنها تعد بابًا من أبواب الصدقة، وذلك في حال تم توزيعها على غير أهل البيت، خاصةً على الفقراء والمساكين.
اقرأ أيضًا: هل يجوز ذبح العقيقة قبل اليوم السابع
حكم التصدق بثمن العقيقة
بعد الإلمام بكافة تفاصيل كيفية توزيع العقيقة للذكر وما يشملها، فكان من الضروري أن نتطرق إلى أحد الأمور التي قد تخطر على بال بعضٍ من الناس، ألا وهو هل يجوز أن يتم التصدق بثمن العقيقة، بدلًا من الذبح؟
ففي هذا الأمر ذهب أهل العلم إلى أن أصل العقيقة هو الذبح، وبالتالي فإنه لا يجوز إخراج قيمته مالًا، إذ أن الذبح أفضل من التصدق، ولكن توجد نقطة وجب لفت الانتباه إليها وهي أن بعضهم أجاز التصدق بثمن العقيقة في حالة واحدة وهي حاجة المسلمين إلى الأموال للجهاد في سبيل الله، وذلك لأن حينها تحتم الضرورة الشرعية أن يتحول المفضول إلى فاضل.
في حال لم يعقّ الأب عن أبنائه في صغرهم، جاز لهم أن يعقّوا عن أنفسهم، وتكون كيفية توزيع العقيقة للذكر هي مثلها التي تكون للأنثى حسب رأي المذاهب الأربعة.