ما معنى لا يجوز على الميت الا الرحمة؟ وهل تلك الجملة من حديث؟ حيث يتداولها عدد كبير من الأشخاص عن الموتى ولا أحد يعلم صحتها، وما إذا كانت حديث أو لا، ومن خلال موقع القمة سنعرض كافة ما يتعلق بهذه العبارة، مع ذِكر حقوق الميت التي يجب على جميع المسلمين المحافظة عليها لتجنب الوقوع في خطأ النميمة والمعصية التي يأثم بها صاحبها.
ما معنى لا يجوز على الميت الا الرحمة
لا يجوز على الميت إلا الرحمة من العبارات التي يتداولها الكثير من المسلمين على الميت سيئ الخلق الذي يرون الكثير يتحدث عنه بالسوء، لإنهاء هذه الغيبة بالترحم عليه وتركه لحاله دون ذِكر ما به من سوء.[1]
فهي من العبارات الغامضة التي لا يفهمها الكثير ولم يضع بها دليل عدد كبير من العلماء والفقهاء، فالبعض قد يقصد بها ما تم شرحه من الكف عن قول السيئ عن الميت، والبعض يقولها من أجل الترحم عليه فقط، وما نحو ذلك من قول بعض الأدعية المباركة له، ولا علاقة لسوئه بما يحدث.
لكن ذُكر في صحة هذه الجملة والواجب علينا جميعًا الالتزام بها حديث شريف وهو، قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“لا تَسُبُّوا الأمْواتَ، فإنَّهُمْ قدْ أفْضَوْا إلى ما قَدَّمُوا” [الراوي: عائشة أم المؤمنين، المحدث: البخاري].
فقد خصص الرسول في حديثه الأموات، وطلب من الجميع عدم سبهم أو الحديث عنهم بما هو سيئ، فقد ماتوا وتركوا الدنيا وما عليها ولا داعٍ لقول ما فيهم من سوء، والحديث به نهي واجب الالتزام به من الجميع.
كما ذُكر في حديث شريف آخر ضرورة الالتزام بعدم التحدث عن الميت بسوء، وذلك في:
قول عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ذُكرَ عندَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم هالِكٌ بسوءٍ فقالَ: لاَ تذْكروا هلْكاكم إلاَّ بخيرٍ” [المحدث: الألباني].
اقرأ أيضًا: الرد على مواساة أهل الميت
حكم الدعاء على الميت بالشر
ليس مشروطًا أن يكون السوء بالحديث عن الميت بما به من صفات سيئة، بل قد يكون السوء على شكل دعاء بالشر، أو الرغبة في هلاكه، وعدم رجاء الرحمة له من الله.
فواجب على المسلم اتخاذ النبي صلى الله عليه وسلم قدوة بما كان يفعله، وهو رد الإساءة بالحسنى، فقد كان يلقى الكثير من الأذى ممن حوله وعلى الرغم من ذلك يدعو لهم بالهداية، كذلك الأمر حال التعرض إلى أي ظلم من أي شخص سواءً كان متوفيًا أو لا، وفي هذه الحالة يكون علينا الالتزام بالدعاء لهم بالهداية، وخاصةً إذا كانوا أموات، فلا داعٍ للحديث عن شخص متوفي بالسوء أو الدعاء عليه بدلًا من الدعاء له.
كما أنه في ذلك ذُكر قوله تعالى:
(وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) [سورة الشورى، الآية 40].
فتوضح هذه الآية شيم المُسلم والتي يجب أن يكون عليها وهي الإعفاء عمن أذانا، والأجر يكون عند الله، فالدعاء على الميت بالشر لا يأتي بما يُرضي صاحبه، بل إذا فوض أمره لله سيأتي الله له بما يرضيه.
حكم الترحم على مرتكب الكبائر ابن باز
الكثير من المسلمين يرون في الترحم على مرتكب الكبائر إثم عظيم، وهو ما يخالف القيم والأخلاق التي يكون عليها المسلم، لأنه ينطق الرحمة ويتمنى المغفرة لمن افتعل المعاصي والكبائر.
لكن كانت إجابة الإمام ابن باز موضحة أن هذا مرتكب الكبائر إذا كان من المسلمين المعروفين فلا مشكلة من الدعاء له بالرحمة وطلب المغفرة له من الله سبحانه وتعالى، لعل هذا الدعاء يكون شفيعًا له عند الله ويكون سببًا في الرحمة له من الله.
أما في حال كان ممن كفروا بالله سبحانه وتعالى، وقد أنكروا وجوده وأنكروا وجوب الصلاة أو ما غير ذلك من عبادات فلا ترحم عليهم، ويكون واجب عليه تركه لحسابه مع الله سبحانه وتعالى وألا يدعو له، إلا إذا لم يُشرك ومهما ارتكب من معاصي عليه الالتزام بالدعاء له قدر المستطاع بالرحمة والمغفرة.
اقرأ أيضًا: اجمل عبارات تعزية ومواساة لاهل الميت
هل لا يجوز على الميت إلا الرحمة حديث
لا يجوز على الميت إلا الرحمة ليس حديث على الإطلاق، بل هو عبارة محرفة من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم التي تُرشد إلى عدم اغتياب الميت أو ذِكر ما به من سوء.
هذا لا يعني أنها خاطئة أو لا على المسلمين من الالتزام بها، وإنما هي العبارة الواجب تدبرها وتدبر الأحاديث الخاصة بها جيدًا لاتباعها في الحياة بشكل عام، فقد نهانا الرسول عن قول ما في الميت من سوء، ولا بُد لنا من الالتزام بما أمرنا به ونهانا عنه.
الإجابة عن ما معنى لا يجوز على الميت إلا الرحمة هي جواز لقولها، مع توضيح أنها ليست حديث على الإطلاق، ولكنها صحيحة يتوجب على جميعنا كمسلمين الالتزام بما تعنيه من معاني قيمة تُعبر عن شيم المسلم.