هل يجوز قيام الليل بركعتين؟ وما هو حكم من فاته قيام الليل؟ نظرًا إلى أن صلاة القيام واحدة من أعظم العبادات التي تقرب العبد من ربه والتي يُفتح بسببها المغاليق ولها فضل كبير؛ سنهتم اليوم من خلال موقع القمة بعرض الإجابة عن التساؤلات المطروحة، ونعرض فضل قيام الليل وحكمته ووقته وصفته.
هل يجوز قيام الليل بركعتين
قيام الليل من العبادات العظيمة، وتكمن إجابة سؤال هل يجوز قيام الليل بركعتين في أنه نعم يجوز قيام الليل بركعتين وبعدهما الوتر، مع العلم أنه ليس في قيام الليل حد يُزاد عليه أو ينقص منه، وقد جاءت الأدلة من السنة على النحو التالي:
- عن أبي سَلمةَ بنِ عبدِ الرحمنِ أنَّه سألَ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها: كيف كانتْ صلاة رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في رمضان؟ فقالت: “ما كان يَزيدُ في رمضانَ، ولا في غيرِه على إحْدى عَشرةَ ركعةً؛ يُصلِّي أربعَ رَكَعاتٍ فلا تسألْ عن حُسنهنَّ وطولهنَّ، ثم يُصلِّي أربعًا، فلا تسألْ عن حُسنهنَّ وطولهنِّ، ثم يُصلِّي ثلاثًا” صحيح البخاري.[1]
- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهما: “أنَّ رجلًا سألَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن صلاةِ اللَّيل، فقال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: صلاةُ الليلِ مَثْنَى مثنَى، فإذا خشِيَ أحدُكم الصبحَ صلَّى ركعةً واحدةً، تُوتِر له ما قدْ صلَّى” صحيح البخاري.
- عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهما قال: “كان صلاةُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثلاثَ عَشرةَ ركعةً. يعني: باللَّيل” صحيح البخاري.
وجه الدلالة في هذه الأحاديث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يحدد عدد الركعات التي يأتي بها المُصلي قبل صلاة الوتر.
وقت قيام الليل
كان يقوم رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي قيام الليل إذا انتصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل، وربما كان يقوم الليل إذا سمع صوت الديك وهو ما ثبت أنه يكون في النصف الثاني من الليل.[2]
الدليل من السنة هو حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “ فنامَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتى انتصَف اللَّيلُ، أو قَبْله بقليلٍ، أو بَعدَه بقليلٍ، ثم استيقظَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فجَلَس، فمَسحَ النومَ عن وجهِه بيدِه، ثم قرأَ العشرَ آياتٍ خواتيمَ سورةِ آل عمران، ثم قامَ إلى شَنٍّ مُعلَّقة، فتوضَّأ منها فأحسنَ وُضوءَه، ثم قامَ يُصلِّي. ” حديث صحيح.
كما جاء حديث عن مسروق بن الأسود، حيث قال: ” سَأَلْتُ عائِشةَ رَضيَ اللَّهُ عنْها، أيُّ العَمَلِ كانَ أَحَبَّ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ قالَتْ: الدَّائِمُ، قُلتُ: مَتَى كانَ يَقُومُ؟ قالَتْ: كانَ يَقومُ إذا سَمِعَ الصَّارِخَ. ” صحيح البخاري.
اقرأ أيضًا: هل يجوز الصلاة قبل الإقامة في المسجد؟
حكم قيام الليل
قيام الليل سُنة وليس فرض، ولكنه من أحب الأعمال إلى الله، وجاءت الأدلة من السنة النبوية على النحو التالي:
- عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عَنْه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: “أفضلُ الصَّلاةِ بعدَ الصَّلاةِ المكتوبةِ الصلاةُ في جوفِ الليلِ” صحيح مُسلم.
- عن أبي أُمامةَ الباهليِّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: “عليكم بقِيامِ اللَّيل؛ فإنَّه دأبُ الصالحينَ قبلَكم، وقُربةٌ لكم إلى ربِّكم، ومكفرةٌ للسيِّئاتِ، ومنهاةٌ عن الإثمِ” صحيح الجامع.
- عن عبدِ اللهِ بنِ سَلَامٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: “يا أيُّها الناسُ، أفْشُوا السَّلام، وأطْعِموا الطَّعام، وصِلُوا الأرحام، وصَلُّوا باللَّيلِ والناسُ نِيام، تَدخلونَ الجَنَّةَ بسَلام” صحيح ابن ماجه.
صفة صلاة القيام
تأتي صلاة قيام الليل ركعتان ركعتان، وهذا هو مذهب جمهور المالكية والشافعية والحنابلة، وقول أبي يوسف ومحمد من الحنفية ابن الباز بالإضافة إلى ابن عثيمين، وجاءت الأدلة من السنة النبوية حول صفة قيام الليل فيما يلي:
- عن عبد الله بن عمر: ” أنَّ رجلًا سألَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عن الوِتْرِ قال فمشيتُ أنا وذاكَ الرجلُ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ صلاةُ الليلِ مثْنَى مثْنى والوِتْرُ ركعةً قال شُعبةُ لم يَقُلْ من آخرِ الليلِ ” حديث صحيح.
- عن عائشةَ أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: “كانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي فيما بين أن يَفرغَ من صلاةِ العِشاءِ – وهي التي يدعو الناسُ العتمةَ – إلى الفجرِ إحْدى عشرةَ ركعةً، يُسلِّمُ بين كلِّ ركعتينِ، ويُوتِرُ بواحدةٍ” صحيح البخاري.
حكم من فاته قيام الليل
من فاته قيام الليل يُمكنه صلاته في النهار ونص على ذلك الحنابلة والمالكية وابن تيمية والشوكاني بالإضافة إلى ابن باز وابن عثيمين وابن القيم، وذلك تبعًا لما جاء في حديث عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “…كانَ إذا غَلبَه نومٌ أو وجعٌ عن قيامِ اللَّيلِ، صلَّى مِن النهارِ ثِنتيَ عَشرةَ ركعةً… ” صحيح مُسلم.
اقرأ أيضًا: هل يجوز صلاة العيد منفردا
فضل قيام الليل
بعد الإجابة عن سؤال هل يجوز قيام الليل بركعتين، سنوضح فيما يلي من نقاط فضل قيام الليل:
- أثنى الله عز وجل على من يُقيم الليل من عباده.
- قيام الليل من علامات المُتقين، حيث إنهم يتقون عذاب الله عز وجل بقيام الليل، ويرجون من الله الجنة، وهي صفة من صفات عباد الرحمن الصالحين.
- فضّل الله عز وجل العباد الذي يقيمون الليل عن غيرهم.
- قيام الليل هو أحد أسباب دخول الجنة، وذلك هو وعد الله -عز وجل- لعباده.
- فضل قيام الليل لا يقتصر على الآخرة فقط بل من يقوم به يشعر بلذة القرب من الله والراحة والطمأنينة وسكينة القلب وراحة البال.
- تعتبر صلاة قيام الليل هي أفضل صلاة بعد صلاة الفرض، حيث قال الله عز وجل أن أفضل صلاة بعد الفريضة هي صلاة قيام الليل.
- قيام الليل يعتبر شرف يناله المسلم ويُعزه، فهو إثبات لحبه لله عز وجل وإخلاصه له وإيمانه، فيجازيه الله عز وجل ويرفع من منزلته ومكانته، ولذا يتم اعتبار قيام الليل من الفضائل التي تستحق أن يُغبط المُسلم عليها، وقال في هذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- “شرف المؤمن قيام الليل” حديث صحيح.
- قيام الليل يعتبر السبب وراء تحقيق رحمة الله تعالى بالعبد وبالأمة، ومن وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته؛ قيام الليل وذلك لتتحقق لهم فضائل القيام.
سؤال هل يجوز قيام الليل بركعتين يفتح الكثير من الأبواب الأخرى التي تتعلق بهذه المسألة من حكم من فاته الصلاة إلى حكم الصلاة نفسها وإذا كانت سنة أم نافلة إلى جانب توقيت الصلاة وفضلها، بالاستناد إلى الأدلة من السنة النبوية.