هل يجوز إخفاء المال عن الزوج

هل يجوز إخفاء المال عن الزوج؟ وما حكم تصرف المرأة في مالها دون إذن زوجها؟ حيث تحتاج بعض ربات المنزل وبعض المتزوجات إلى الادخار دون علم الزوج، وذلك لاحتياطات كثيرة منها بناء مستقبل الأطفال، أو المعاناة من بُخله أو لأي مُبرر آخر، وتخشى الزوجة أن تكون بذلك ترتكب خطيئة في حق زوجها، لذا أجابت دار الإفتاء والإمام ابن باز عن هذا السؤال موضحين بعض الأمور المهمة التي سننقلها فيما يلي عبر موقع القمة.

هل يجوز إخفاء المال عن الزوج

هل يجوز إخفاء المال عن الزوج

يوجد نوعين من إخفاء الأموال، منها من تخفي المال عن زوجها ويكون في الأصل مال الزوج، وحالة أخرى وهي إخفاء الزوجة مالها الخاص الناتج عن شقائها وعملها عن الزوج.[1]

لكن سنوضح أولًا حُكم المرأة التي تخفي مال زوجها عنه، والتي ترى نفسها في هذا الموقف بحُكم السارقة، لأنه في الأصل مال الزوج وتخفي منه ما لا يعلم عنه شيء.

أجابت دار الإفتاء عن ذلك موضحة أنه إذا كان الإخفاء لمصالح شرعية ومشتركة بينهما فلا حرج في ذلك، وأوضحت أن الإخفاء ناتج عدم الإسراف أو التبذير الذي تعاني منه مع الزوج لا حرج به بل تأخذ عليه أجر، لأن المحافظة على المال وصرفه فيما له فائدة يكون هو الحل الأمثل، وهنا يكون الأجر والثواب.

لكن على الرغم من مشروعية ما تفعله فقد بينت دار الإفتاء أنه لا بُد من إخبار الزوج بذلك، وتؤكد له أن ما تفعله ناتج عن الخوف من صرف الأموال في أمور أخرى لا فائدة منها.

فأخذ مال الزوج دون علمه أمر غير مشروع، وغير جائز في الإسلام، فقط يحق لها ذلك في حال كان لمصلحة الزوج والأبناء والمنزل بالكامل، وعلى علم الزوج، وذلك لأن التبذير والإسراف محذور والاقتصاد أمر واجب ويؤجر عليه صاحبه وذلك في حال كان الزوج من المبذرين فقط.

اقرأ أيضًا: هل يجوز التصدق بدل صيام النذر

حُكم إخفاء المرأة مالها عن زوجها

أما عن الحالة الثانية التي تُخفي بها المرأة المال عن الزوج هي مرحلة الإخفاء التي ترتبط بمال المرأة الشخصي، ويعود ذلك إلى النساء العاملات القادرات على جلب الأموال من مجهودهن الخاص.

حيث تقدمت إحدى السيدات بشكوى وتساؤل لدار الإفتاء موضحة أن زوجها عندما علم بأنها لديها الكثير من المال وهو لا يعلم عنه أي شيء ثار وغضب بشدة، وهذا الغضب هو ما جعلها تشعر بالذنب.

لكن أجابتها دار الإفتاء أن المال ما دام ليس من ماله، ومن ذمتها الشخصية فلا إثم عليها، ولا دخل لزوجها بادخارها منه أو صرفه بالكامل، ولا يحق له الغضب عندما يعلم بذلك.

كما أكد الشيخ المجيب عن التساؤل أن بعيدًا عن الأسباب التي تؤدي بها إلى الإخفاء فلا داعٍ لها بتبرير ما فعلت، لأن الزوج لا يحق له التدخل بمال زوجته، وفي أي شيء قد صرفت وفي أي شيء قد حافظت.

اعتمدت دار الإفتاء في ذلك على الآية الكريمة من الكتاب العزيز بقوله تعالى:

(وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [سورة المائدة: الآية 2].

وما تفعله المرأة في هذه الحالة لا يوجد به أي عداء للزوج، ولا يوجد به ما يُقلل من شأنه، بل إنه أمر خاص بها لا يحق لأي شخص التدخل به، ولو كان الزوج، ولا يجوز له الغضب على ما علم به، وهي لا حرج عليها مما فعلت.

اقرأ أيضًا: هل يجوز صلاة العصر قبل وقتها بدقائق

حكم أخذ المرأة من مال زوجها دون علمه

من بين القضايا والأمور المُحيَّرة التي طُرحت على دار الإفتاء والتي كانت إجابتها واضحة جدًا وصريحة للمرأة ولا تختلف كثيرًا عما ذكره أحد الشيوخ في الرد على هل يجوز إخفاء المال عن الزوج هو التساؤل عن أخذ المرأة من مال الزوج دون علمه.

هُنا أجاب الشيخ أنه لا حرج عليها من ذلك في بعض الأحوال المعينة التي قد تجبرها على ذلك، وهي: في حال كان زوجها لا يكفيها ولا يعطيها من المال ما يكفي لها وأولادها، وذلك بالمعروف، أي بأخذ ما يكفيهم فقط ولا تستزيد من المال إلى ما يفوق حاجتهم.

استند الشيخ في الإجابة عن ذلك وفي إباحة ما تفعله المرأة في هذه الحالة بالحديث الشريف الذي ذُكِر عن عائشة أم المؤمنين، قالت:

دَخَلَتْ هِنْدٌ بنْتُ عُتْبَةَ امْرَأَةُ أَبِي سُفْيَانَ علَى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَتْ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، لا يُعْطِينِي مِنَ النَّفَقَةِ ما يَكْفِينِي وَيَكْفِي بَنِيَّ إلَّا ما أَخَذْتُ مِن مَالِهِ بغيرِ عِلْمِهِ، فَهلْ عَلَيَّ في ذلكَ مِن جُنَاحٍ؟ فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: خُذِي مِن مَالِهِ بالمَعروفِ ما يَكْفِيكِ وَيَكْفِي بَنِيكِ” [المُحدث: مُسلم].

يتبين بهذا الحديث النبوي الشريف أن زوجة الرجل البخيل لديها الصلاحية بأخذ المال منه دون علمه بالشكل الذي يكفي أولادها، على أن تراعي المعروف في هذا الفعل، أي لا تأخذ ما يزيد عن حاجتها والأولاد والخدم بالمنزل، ولكن لا يحق لها أن تأخذ من ماله وتعطي لأشخاص آخرين دون علمه، ولا تُحتسب لها صدقة في هذا الوقت.

اقرأ أيضًا: هل يجوز للعاقد رؤية جسد زوجته

حكم استقلال المرأة بذمتها المالية

الشرع لا يُبيح للزوج التحكُم بمال الزوجة، ولا يحق له أن يعلم عنه أي شيء ما دامت لا ترغب في إخباره به سواءً كان كاملًا أو جزءًا منه، وهو شكل من أشكال الاستفسارات التي تدور حول هل يجوز إخفاء المال عن الزوج.

حيث يحق للمرأة إخفاء ما يتعلق بذمتها المالية عن زوجها، ويحق لها التصرف به كيفما تشاء دون عِلم الزوج، سواءً كانت تصرف منه على الأهل، والأصدقاء، والأبناء، والمنزل، مشاركة الزوج في مصاريف المنزل، أو ادخاره كاملًا.

استدلوا على ذلك بقوله تعالى:

(وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا ‏إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ ‏فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً) [سورة النساء: الآية 6].

وهي الآية التي توضح أنه من حق المرأة التصرف في المال كيفما تشاء ما دام من أموالها الخاصة، ولا يحق للزوج الاعتراض على ذلك، والعكس غير صحيح، لأن الزوج هو من وجب عليه إكفاء زوجته ماديًا ولا يدّخر ما دام لم يكفي حاجة المنزل.

واجب على كل زوجة تحتاج إلى الادخار من مال زوجها دون علمه الاطلاع على الفتاوى التي توضح الحالات التي يجوز بها ذلك، وما لا يجوز به هذا الفعل لتبتعد عن أي شبهات بهذا الأمر.

Scroll to Top