هل يجوز طلب الطلاق لعدم الإشباع الجنسي يعد من الأسئلة التي تتوارد في خواطر العديد من المتزوجين لكنهم يمتنعون عن التصريح بها نظرًا لخجلهم، أو عدم وعيهم الكافي بأساس ومفهوم الزواج والحكمة منه، ولذلك قررنا من خلال موقع القمة أن نعرض آراء الفقهاء فيما يخص ذلك الموضوع الغاية في الحساسية.
هل يجوز طلب الطلاق لعدم الإشباع الجنسي
تواجه الكثير من البيوت العديد من المشكلات والتي تُعد من إحداها وأهمها هي عدم الإشباع الجنسي الذي قد يصيب أيً من الطرفين، وبناءً عليها قد تصل الأمور إلى حائط سد يتطلب أخذ خطوة تعد أخف الضررين ألا وهي الطلاق، ولذلك نُجيب على ألسنة العلماء والفقهاء هل يجوز طلب الطلاق لعدم الإشباع الجنسي أم لا.[1]
ففي هذا الصدد جاءت الإجابة مؤكدة جواز طلب الطلاق في تلك الحالة مستندة على أهم أُسس وركائز منظومة الزواج، ألا وهي تحقيق العِفة بشكل متبادل بين الزوجين، وعليه فإن حدوث أي خلل في ذلك الهدف يعد انهيارًا حتميًا للزواج، وربما يأخذ معه بعض من مبادئ أحد الطرفين.
لكن من الجدير الإشارة إلى أن المذاهب الأربعة رغم اتفاقها على أنه يجوز التفريق بين الزوجين لوجود مثل ذلك العيب، إلا أنها اختلفت عن أي الطرفين يملك هذا الحق وذلك على النحو التالي:
1– المذهب الحنفي
في ضوء معرفة هل يجوز طلب الطلاق لعدم الإشباع الجنسي، كان رأي المذهب الحنفي أن المرأة وحدها من تملك حق الطلاق في حال لقيت أيًا من العيوب التالية في زوجها يستحيل بسببها العيش، وهم الجبّ، والعُنّة والخصاء.
حيث إن العُنّة هي عدم قدرة الرجل على أن يجامع زوجته، وذلك إما بسبب نفسي، أو مرضي مثل عدم القدرة على الانتصاب، وأما الخصاء فقيل أنه سلّ الخصيتين أو فقد الرجل شهوته في النساء، أما الجبّ فيعني عدم وجود عضو ذكري الذي يمنع حدوث الجماع من الأصل.
على إثر ذلك تمتلك المرأة الحق في الطلاق لكن بشروط وهي كالتالي:
- عدم علم الزوجة بهذا العيب قبل الزواج.
- ألا يكون الرجل تمكّن من جماع زوجته ولو لمرة واحدة.
- عدم رضا الزوجة عن العيب بعد أن علمت بها.
- ألا يكون الزوجة هي من لديها عيب يمنعها من حدوث الجماع بالطريقة السليمة.
اقرأ أيضًا: زوجتي تطلب الطلاق لأتفه الأسباب
2– مذاهب الجمهور
نستكمل عرض آراء المذاهب في هل يجوز طلب الطلاق لعدم الإشباع الجنسي، مع الشافعية، والمالكية والحنابلة، والذي كان رأيهم أنه حق مكفول لكلا الزوجين في حال وجد أيٌ منهما عيبًا في الآخر.
علمًا بأن المذهب الحنبلي قد أسقط من على الزوج هذا الحق في حال كان العيب في زوجته هو البرود الجنسي، وذلك لأنه لا يمنعه من ممارسة حقه الشرعي في الجماع.
الدليل الشرعي على جواز طلب الطلاق لعدم الإشباع الجنسي
كما سبق الذكر أن طلب الطلاق بسبب عدم الإشباع الجنسي يعد حقًا لكلا الزوجين الرجل والمرأة على حد السواء حسب رأي المذاهب الأربعة، فإننا نعرض فيما يلي السند الشرعي لهذه الأحكام.
فمثلما قال بن تيمية مُشيرًا إلى حق الزوجة في هذا الأمر: “ويجب على الرجل أن يطأ زوجته بالمعروف، وهو من أوكد حقها عليه، أعظم من إطعامها…”
أما بالنسبة للرجل ففي حال حدوث أي فعل من زوجته -بشكل مُتعمّد- مثل الامتناع عن إعطائه حقه، دون عذر شرعي مثل الحيض، أو المرض، أو صيام الفرض تكون آثمة، ومن حقه أخذ قرار الطلاق، إن لم ترجع، وذلك من الحديث النبوي الشريف.
“عن أبي هريرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا باتَتِ المَرْأَةُ مُهاجِرَةً فِراشَ زَوْجِها، لَعَنَتْها المَلائِكَةُ حتَّى تَرْجِعَ” [رواه البخاري].
اقرأ أيضًا: ما بعد الطلاق
عدة الزوجة عند الطلاق بسبب العنة
عند وقوع الطلاق بسبب عُنّة الرجل -التي سبق شرحها- اختلفت المذاهب في العِدة المفروضة على الزوجة في تلك الحالة، وذلك على النحو التالي:
1- مذاهب الجمهور
ذهبت المذاهب الثلاثة الحنفية، والمالكية، والحنابلة إلى أن المرأة يجب عليها قضاء عدتها الشرعية وهي 3 حيضات، أو وضع حملها –إن وُجد-، كما أن الزوج لا يحق له إرجاع زوجته سواءً أثناء فترة العدة، أو حتى بعد انقضائها.
2– المذهب الشافعي
جاء رأي المذهب الشافعي في وجود عِدة للزوجة المُطلقة بسبب العُنّة أم لا، بأنها ليس عليها عِدة بشرطٍ واحدٍ وهو ألا يكون الرجل قد أصابها “أي وطء بها”، فإن حدث ذلك وجبت عليها العدة.
حقوق الزوجة المطلقة بسبب العنة
في ضوء الحديث عن هل يجوز طلب الطلاق لعدم الإشباع الجنسي، فلا بد من معرفة ما هي حقوق الزوجة التي تُطلق لهذا السبب، والذي اختلفت عليها المذاهب الأربعة، وذلك على النحو التالي:
- يحق لها نصف المهر، وذلك طبقًا للمذهب الشافعي.
- يحق لها المهر كاملًا، وذلك طبقًا لمذهبيّ الحنابلة والحنفية.
- يحق لها نصف المهر في حال تم الطلاق قبل مرور عام على زواجهما، وذلك طبقًا للمذهب المالكي.
اقرأ أيضًا: متى يجوز الطلاق
مسمى التفريق بين الزوجين بسبب العنة
تعددت المُسميات التي يتم إطلاقها على التفريق بين الزوجين بسبب العُنّة بين المذاهب الأربعة، وذلك كما يلي:
- في مذهبيّ الشافعية والحنابلة، يسمى فسخًا لعقد الزواج.
- في مذهبيّ المالكية والحنفية، يسمى طلاقًا بائنًا، أي لا يحق للزوج إرجاع زوجته بعد وقوعه.
أغلب مشكلات الحياة الزوجية بمثابة بهارات تلك الحياة، فبدونها لا تصبح لها معنى، ولكن هناك بعض المشكلات التي لا يمكن لأحد الطرفين
أن يكمل بها وفي هذا أوضح الشرع حقوق كلًا من الزوج والزوجة.