كيفية قيام الليل في العشر الاواخر من رمضان يتساءل بشأنها العديد من المسلمين من أجل اغتنام هذه الأيام المباركة من شهر رمضان الكريم على أكمل وجه، والخروج من هذا الشهر الفضيل اقتداءً بنبي الله محمد صلى الله عليه وسلم، لذلك نتعرف من خلال موقع القمة على التفاصيل اللازمة.
كيفية قيام الليل في العشر الاواخر من رمضان
يتساءل العديد من المسلمين عن كيفية قيام الليل في العشر الاواخر من رمضان، نظرًا إلى فضلها العظيم في مثل هذا الشهر الكريم، لذلك فلا بد من التعرف على ما يلي:[1]
1- عدد ركعات قيام الليل في العشر الأواخر من رمضان
يتم تأدية صلاة قيام الليل مثنى مثنى بمعنى ركعتين ركعتين، ولكن اختلف الفقهاء في عدد ركعاتها، حيث ذهب جمهور الفقهاء من حنفية وشافعية وحنابلة إلى أن صلاة الليل تكون عشرين ركعة، أما المالكية فذهبت إلى أن صلاة الليل تؤدى ستة وثلاثين ركعة.
لذلك اتفق الفقهاء على أن صلاة الليل تتعدى الإحدى عشر أو الثلاث عشر ركعة، وذلك لأن عددها ليس بالأمر التوقيفي فلا يجوز مخالفته، كما ذكر الإمام أحمد، ويمكن أن يتحكم المصلي بعدد الركعات التي يصليها وفقًا لإطالة القيام أو قصره.
حيث استدلوا على ذلك بحديث عائشة رضي الله عنها عندما سئلت:
“كيفَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- في رَمَضَانَ؟ فَقَالَتْ: ما كانَ يَزِيدُ في رَمَضَانَ ولَا في غيرِهِ علَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أرْبَعًا، فلا تَسَلْ عن حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أرْبَعًا، فلا تَسَلْ عن حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا. فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، أتَنَامُ قَبْلَ أنْ تُوتِرَ؟ قَالَ: يا عَائِشَةُ، إنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ ولَا يَنَامُ قَلْبِي“، (صحيح البخاري).
كما وضح الفقهاء بأنه لا يلزم من هذا الحديث التقيد بعدد معين، حيث
إن صلاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم كانت تتصف بالطول، حيث كان أحيانًا يستمر طيلة الليل وفي مرة من المرات خاف الصحابة رضوان الله عليهم جميعًا أن يفوتهم السحور من طول قيام الليل.
على الرغم من ذلك لم يكونوا ليتركوا الصلاة من خلفه، كما ورد عن السلف الصالح بأنهم كانوا يزيدون في عدد الركعات كذلك.
اقرأ أيضًا: الفرق بين قيام الليل والوتر
2- الوقت اللازم لقيام الليل في رمضان
في إطار التعرف على كيفية قيام الليل في العشر الاواخر من رمضان، لا بد من الاطلاع على وقت قيام الليل في رمضان والعشر الأواخر، حيث يمتد وقت صلاة قيام الليل في شهر رمضان الكريم وغيره بعد الانتهاء من أداء صلاة العشاء مما يعني أنه بعد غياب الشفق الأحمر، وينتهي وقتها مع بزوغ الفجر.
مع العلم بأنه من الأفضل أن تصلى الصلاة قبل صلاة الوتر، ولكن يجوز أداؤها قبله أو بعده كذلك عند جمهور الفقهاء من الشافعية والحنفية والحنابلة كذلك، ولكن المالكية قد كرهوا تأخيرها عن الوتر نظرًا لقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم:
“اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ باللَّيْلِ وِتْرًا“، (رواه البخاري).
بالإضافة إلى أن صلاة الليل لا يتم قضائها في حال فات وقتها بطلوع الفجر وهذا باتفاق الفقهاء من حنفية ومالكية وحنابلة كذلك فيما عدا الشافعية حيث قالوا يمكن قضائها في جميع الأحوال.
من الجدير بالذكر أن صلاة التراويح لا تختلف عن صلاة قيام الليل، حيث إن كلتاها صلوات نافلة وتُصلى من بعد صلاة العشاء وحتى طلوع الفجر، ولكن صلاة التراويح هي الاسم الذي اعتاد الناس إطلاقه على قيام الليل.
سنة النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر
في ظل الحديث عن كيفية قيام الليل في العشر الاواخر من رمضان، وجب التنويه إلى أن السيدة عائشة رضي الله عنها أوضحت حال النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر من شهر رمضان الكريم، حيث قال
“كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إذَا دَخَلَ العَشْرُ، أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ المِئْزَرَ“، (صحيح مسلم)، ونتعرف على شرح هذا الحديث فيما يلي:
- وَشَدَّ المِئْزَرَ: يعني هذا تهيؤه عليه الصلاة والسلام من أجل الإقبال على الله سبحانه وتعالى بالعبادة وغيرها للتقرب منه، كما كان عليه الصلاة والسلام يعتزل نسائه تمامًا، ولكن الأمر مباحًا لمن قطع اعتكافه، ولكن اعتزال النساء كان من سنن وآداب النبي محمد صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر تفرغًا للعبادة.
- أَحْيَا اللَّيْلَ: وتعني قيامه عليه الصلاة والسلام لليل بأكمله، منذ غروب الشمس وحتى طلوع الفجر، مع ضرورة العلم بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يقطع عبادة قيام الليل طوال العام وحتى في إقامته أو سفره، مع الخلط بين النوم والاستيقاظ ولكن في العشر الأواخر فكان يقوم الليل كاملًا.
- وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ: يعني هذا أن بيوته عليه الصلاة والسلام تكون عامرة بالذكر وبالصلوات التزامًا منه بتحمل مسؤولية أهل بيته الواردة في قوله عز وجل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}، [التحريم:6].
- من سنة النبي عليه الصلاة والسلام الحث على إيقاظ أهل بيته من أجل الصلاة سواء في العشر الأواخر أو في غيرها، حيث قال صلى الله عليه وسلم “رحم اللهُ رجلًا قام من اللَّيلِ فصلَّى وأيقَظَ امرأتَه، فإن أبَتْ نضحَ في وجههِا الماءَ، ورحم اللهُ امرأةً قامتْ مِن اللَّيلِ فصلَّتْ وأيقظتْ زوجَها، فإن أبى نضحَتْ في وجهِه الماءَ“، (صحيح الترغيب).
اقرأ أيضًا: الفرق بين قيام الليل والوتر والتهجد
اغتنام العشر الأواخر من رمضان
من المستحب للمسلم أن يعمل على مضاعفة فعل الأعمال الصالحة وخاصةً في العشر الأواخر من الشهر الكريم، وإتقان كيفية قيام الليل في العشر الاواخر من رمضان، حيث يعد هذا اقتداءً بنبي الله محمد صلى الله عليه وسلم، حيث تبدأ العشر الأواخر من ليلة الحادي والعشرين من شهر رمضان وتنتهي بنهاية الشهر.
ومن المستحب أن يجتهد المسلم في هذه الليالي الأخيرة من شهر رمضان الكريم بفعل الخير من توزيع الصدقات وتلاوة القرآن الكريم وقيام الليل وصلة الأرحام، بالإضافة إلى الاعتكاف، حيث يعتبر الاعتكاف واحدة من الأمور المحببة في العشر الأواخر من شهر رمضان.
يتم الاعتكاف بدخول المسلم الراغب في الاعتكاف إلى المسجد قبل غروب الشمس في ليلة الحادي والعشرين من شهر رمضان الكريم، ويظل في المسجد حتى تأتي ليلة العيد، فيخرج من المعتكف إلى صلاة العيد مباشرةً، ويعد هذا أيضًا اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، حيث أوضحت عائشة رضي الله عنها:
“أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأوَاخِرَ مِن رَمَضَانَ حتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أزْوَاجُهُ مِن بَعْدِهِ“، (رواه البخاري).
من أفضل العبادات التي يجب أن يغتنمها المسلم في العشر الأواخر من شهر رمضان الكريم هي قيام الليل إيمانًا واحتسابًا لله عز وجل، مع اتباع سنن النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مثل هذه الأيام الفضيلة.