هل يجوز الطلاق في الأشهر الحرم؟ وما هي الحالات التي يُحرّم فيها الطلاق؟ تتعدد طلبات الفتاوى المتعلقة بأحكام الطلاق، إذ إنها من أكثر الموضوعات حساسية لأن بجانب كونها تمس استقرار الأسرة، فإن عدم معرفة تلك الأحكام قد يؤدي إلى دخول الزوجين في دائرة المُحرمات، وهذا ما سنقوم بعرضه من خلال موقع القمة.
هل يجوز الطلاق في الأشهر الحرم؟
في إطار أحكام الطلاق في الدين الإسلامي كانت من أهم الفتاوى التي قام الكثيرون من الأزواج بالسؤال عنها هي هل يجوز الطلاق في الأشهر الحرم؟ وعليه فقد وضّحت الجهات المنوط بها إصدار الفتاوى بناءً على أحكام الشريعة، بأن بشكلٍ عام الطلاق في ذلك الوقت يجوز، ولا يوجد فيه شبهة تحريم.[1]
علمًا بأن ذلك الحُكم ينطبق إن لم يقع الطلاق في الأوقات أو الحالات المُحرّم فيها، والتي سنقوم بذكرها فيما بعد بالتفصيل.
من الجدير بالذكر أن ظن بعض الأشخاص بأن الطلاق في الأشهر الحرم يعد حرامًا أو لا يجوز، يرجع إلى معرفتهم بحُرمة الزمان حيث تتضاعف فيها الحسنات والسيئات، ولكن هذا لا يعد سببًا.
اقرأ أيضًا: هل يجوز الإفطار في صيام القضاء بسبب الجوع أو العطش
حالات الطلاق المحرم
بعدما كشفنا عن إجابة هل يجوز الطلاق في الأشهر الحرم؟ وكما وضّحنا أن وقوع الطلاق في تلك الأشهر لا خلاف فيه، إلا أن يكون في الأوقات المحرم فيها شرعًا، والتي نستدل عليها من الحديث النبوي الشريف أنها كالتالي:
- أن تكون المرأة حائضًا.[2]
- أن تكون المرأة نفساء.
- أن يتم الطلاق بعد حدوث جماع بعد طُهر المرأة.
عن عبد الله بن عمر قال: طَلَّقْتُ امْرَأَتي علَى عَهْدِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَهي حَائِضٌ، فَذَكَرَ ذلكَ عُمَرُ لِرَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيَدَعْهَا حتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ حَيْضَةً أُخْرَى،…”
“….فَإِذَا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْهَا قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَهَا، أَوْ يُمْسِكْهَا، فإنَّهَا العِدَّةُ الَّتي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ. قالَ عُبَيْدُ اللهِ: قُلتُ لِنَافِعٍ: ما صَنَعَتِ التَّطْلِيقَةُ؟ قالَ: وَاحِدَةٌ اعْتَدَّ بهَا” [رواه مسلم].
بناءً على هذا الحديث وعلى الرغم من أن رأي الجمهور بأن حدوث الطلاق في تلك الحالات يحرم ويقع، إلا أنه يوجد قول ثانٍ بأنه يحرم ولا يقع وهذا المعمول به.
جدير بالإشارة كما ذكر بن باز بأن الفاصل في ذلك الأمر هو ما يحكم به الحاكم الشرعي وقتها سواءً بوقوع الطلاق أو عدمه، لأن رأيه في تلك الحالة يرفع الخلاف.
حالات الطلاق المباح
بعدما تعرفنا على هل يجوز الطلاق في الأشهر الحرم؟ من الجدير بالذكر أيضًا معرفة الحالات التي يُباح فيها الطلاق، ولفظ يُباح هنا ليس معناه أن الطلاق مُحرمًا في ذاته.[3]
لكن يعني شدة ذلك الفعل وعِظمة وضرورة عدم التهاون فيه، إلا في بعض الحالات التي تقتضي وقوعه، والتي نذكرها على النحو التالي:
- خشية أحد الطرفين ألا يقيم حدود الله.
- في حال كانت المرأة ناشزًا، أو سيئة العِشرة.
- إذا كانت الزوجة سيئة الخلق.
آداب الطلاق
في ضوء الحديث عن جواز وقوع الطلاق في الأشهر الحرم من عدمه، لا بد أن نتطرق إلى آداب قبل وأثناء وبعد الطلاق التي يجب أن يلتزم بها كلا الطرفين، وذلك لأن الطلاق يُعني استحالة العيش بينهما، وليس تحولهما إلى أعداءٍ، وذلك على النحو التالي:
- عدم اتخاذ تلك الخطوة إذا توفرت حلول أخرى يمكن بها حل المشكلة، مع ضرورة بذل كافة الجهود لعدم انهيار الأسرة.[4]
- في حال الخلاف يجب تحكيم طرفين من أهل الزوج والزوجة، كمحاولة للإصلاح، إن لم يتمكنا هما ذلك.
- ألا يقوم أحد الطرفين بالتعسف في حق الأخر، وارغامه على فعل ما لا يطيق لوقوع الطلاق.
- ألا يتم اتخاذ الطلاق أداة للتهديد أو بث عدم الطمأنينة في نفس الشريك.
- في حال الاتفاق على الطلاق يجب أن يتم بالمعروف، وأن ينوي الزوج طلاق زوجته، وأن يتم توثيقه عند مأذون لضمان عدم ضياع الحقوق.
- شرعًا لو كانت الطلقة الأولى فيجب أن تعتد الزوجة في بيت زوجها وليس بيت أبيها، لمدة 3 حيضات متتالية، وفي تلك الفترة تكون زوجته وتحلّ له، ويمكن أن يتراجعا إن وجدا في ذلك خير لهما، وذلك استنادًا لما ورد في الآية الكريمة التالية:
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1].
الطلاق في القرآن الكريم
إن الألفاظ القرآنية هي خير دليل على مدى أهمية وحساسية أي أمر يتم التحدث عنه، وبما أن إطار حديثنا هو هل يجوز الطلاق في الأشهر الحرم؟ فيجب أن نُسلط الضوء على المواضع التي ذكر الله عز وجل فيها الطلاق، والتي نجدها في آيات متفرقة فضلًا عن تخصيص سورة بأكملها له.
فنجد أنه كما وصف الله سبحانه وتعالى الزواج بأنه الميثاق الغليظ، نجد أن وصف الطلاق لم يكن أقل شدة والذي كان حدود الله، التي توعّد الله من يتعداها بأشد الجزاء، وذلك نعرضه تفصيلًا على النحو التالي:
1- عِدة المطلقة
حدد الله عز وجل أن عِدة المُطلقة تكون 3 حيضات، وذلك كما ورد في الآية الكريمة:
{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228].
2- حق المُطلقة التي لم يتم الدخول بها
لم يغفل سبحانه وتعالى عن تبيان حق المرأة التي تُطلق قبل الدخول، بأن لها نصف مهرها، كما نستدل من الآية الكريمة أن مواضع ذكر الطلاق دومًا مرتبطة بالعفو، والإحسان، والتقوى، وتلك هي أسس المعاملة التي يجب أن تكون بين الزوجين.
{وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير} [البقرة: 237].
اقرأ أيضًا: هل يجوز الصلاة بعد الحجامة بدون غسل
دار الإفتاء المصرية
في صدد الحديث عن الفتاوى لا بد من التنبيه أنه برغم ثبوت الأحكام الشرعية، إلا أن بعض الحالات يلزمها فتوى خاصة بها، لا يمكن تحديدها إلا من قبل عالم مختص، وبعد سماعه لمجريات أحداث الطلاق حتى يتمكن من إصدار الحكم الشرعي السليم.
على إثر ذلك فإنه يمكن التواصل مع دار الإفتاء المصرية التي أتاحت عدة طرق مباشرة وغير مباشرة تسهيلًا على كافة المسلمين إمكانية عرض مشكلاتهم، وذلك من خلال إحدى الطرق التالية:
الموقع الإلكتروني | من هنا |
فيس بوك | من هنا |
تويتر | من هنا |
يوتيوب | من هنا |
البريد الإلكتروني | [email protected] |
رقم الهاتف | 0225970400 |
إن الزواج هو الميثاق الغليظ الذي يشهد عليه الله عز وجل، وما يشمله من أحكام متعددة مثل الطلاق يجب أن يعي كل الأزواج أنه فرضًا عليهم الإلمام بها مراعاةً حدود الله.