ماهي اول غزوه خاضها المسلمون في رمضان؟ وهل هي مذكورة في القرآن الكريم؟ إن أول غزوة في رمضان لا يعرف العديد من الناس أنها أكثر الغزوات شهرةً بينهم، ولهذه الغزوة مكانة كبيرة في الدين الإسلامي، ومن خلال موقع القمة نأخذكم في رحاب تلك الغزوة ونُعايش أحداثها ونتعرف على نتائجها.
ماهي اول غزوه خاضها المسلمون في رمضان
ورد لنا عن سيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم ما يُعرف بالغزوات، والتي تعني محاربة الأعداء في أرضهم للدفاع عن دين الله، وتعدد تلك الغزوات التي كان لكلٍ منها سببًا أدى لحدوثها.[1]
في هذا السياق نخص بالذكر أشهر تلك الغزوات التي لا يوجد مسلمٌ لا يعرف على الأقل اسمها، لكن الذي لا يعلمه الكثيرون أنها وقعت في شهر رمضان المبارك، ألا وهي غزو بدر.
وقعت غزوة بدر في 17 رمضان من العام الثاني الهجري، وتعد أولى غزوات المسلمين بشكلٍ عام، وبالرجوع إلى أسبابها فقد روى لنا العلماء أن تلك لم تكن مقصودة، أي لم يتم تبييت النية للقتال، بينما كان الهدف استرداد أموال المسلمين المنهوبة تعسفًا من قبل مُشركي مكة.
تجهيزات غزوة بدر
في ظل التعرف على ماهي اول غزوه خاضها المسلمون في رمضان، وجب التنويه إلى أن أحداث غزوة بدر بدأت عندما تلقّى المسلمون أمرًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، بالذهاب إلى بدر حيث إن إحدى القوافل التجارية للمشركين قادمة من الشام إلى مكة، وذلك لاعتراضها واسترجاع حقوق المسلمين المادية.
برغم أن هذا الاعتراض لم يكن يُرجى من ورائه قتالًا البتة، ولكن ما حدث أن زعيم قافلة المشركين وهو أبو سفيان بن حرب، سرعان ما أرسل إلى مكة مُستغيثًا ومُستجيرًا حتى ينقذوا القافلة، وذلك من خلال رجل يُسمى ضمضم بن عمرو الغفاري.
على إثر ذلك تم تجهيز جيشًا ترأسه عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي “أبو جهل”، وصل تعداده إلى ما يقارب 1300 مقاتل من كفار قريش وغيرها من القبائل.
من ناحية أخرى وبالرجوع إلى القافلة التي تمكّن أبو سفيان من الفرار بها من أيدي المسلمين، وأرسل إلى قريش يُعلمهم بنجاح خطة الهروب بالمال والبضائع ولا داعٍ لقدومهم.
هذا ما كان سيحدث بالفعل، لكن كلمة الله التي أرادت أن تُهلك الكفار بأيديهم، كانت حينما امتنع أبا جهل عن الرجوع وأصرّ على قتال المسلمين، مُغترًا بزيادة عددهم وقوة عتادهم.
عندما وصل خبر قدوم الكفار إلى رسول الله اطلع أصحابه على ما هم مُقدمين عليه ألا وهي الحرب الصريحة، وبالتالي اختلفوا فمنهم وافق على الحرب بنفسٍ شجاعة تبحث عن الانصياع لأوامر الله والرسول، والبعض من كره ذلك وعبّر عنه.
جهّز الرسول جيش المسلمين من المهاجرين والأنصار الذين بلغ عددهم حوالي 300 رجلًا، ولم يملكوا سوى فرسان وبعير، وبهذه المشاهد يتبين أن كفة الكفار هي التي من المفترض رجوحها حيث أنهم أكثر قوة.
اقرأ أيضًا: هل يجوز تكملة ختم القرآن بعد رمضان
أحداث غزوة بدر
في ظل التعرف على ماهي اول غزوه خاضها المسلمون في رمضان، نجد أن أحداث تلك الغزوة بدأت بعدما جهز كلا الفريقين أنفسهم وكانوا على أتمّ استعداد للمواجهة التي من المفترض أن تكون في اليوم التالي، كان المسلمين في حالة من التوجس والخوف والحيرة لما قد يُصيبهم، ولكنهم لم يتوانوا لحظة عن عقد نية الجهاد في سبيل الله.
في تلك الليلة كان التثبيت الإلهي للمسلمين واضحًا جليًا حينما أمطر عليهم السماء، التي هي بشرى لقدوم الخيرات والنصر، كما رزقهم الله بالنعاس حتى تهدأ وطأة الخوف بداخلهم وتطمئن أنفسهم، وهذا المشهد ذكره الله في كتابه الكريم.
{إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ} [الأنفال: 11].
جاء يوم بدر حيث وزّع رسول الله صلى الله عليه وسلم الرايات على الصحابة، فكانت راية الأنصار لسعد بن معاذ، وراية المهاجرين لعلي بن أبي طالب، بينما كانت راية الجيش مع مصعب بن عمير.
من أكثر المواقف التي تؤصل قيمة المشورة واتّباع الرأي السليم حتى لو لم يكن من القائد، هو حينما استجاب رسول الله لإشارة الحباب بن المنذر بالسير من مكان مختلف حتى يتمكنوا من منع المشركين من الوصول إلى ماء بدر.
معجزات غزوة بدر
بدأت المواجهة الحقيقة واشتدت وحينها تجلّت معجزة من معجزات الله التي لا زالت تُقرأ وتُتلى إلى يوم الدين، عندما قطع الله دابر الكافرين وأخزاهم، بأن أمدّ المسلمين بجيش 1000 من الملائكة منهم جبريل عليه السلام، يحاربون جميعًا إنس وملائكة باسم الله.
{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال: 9 – 10].
كذلك من أعظم المعجزات عندما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم برمي الحصى في وجه المشركين، -لأن القائد لا يحارب مع باقي الجيش- وبأمر الله كانت تُصيبهم في أعينهم، وحينها ذكر الله تلك الحادثة بأنها ليست أمرًا عاديًا بل معجزة من عنده سبحانه.
{فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأنفال: 17].
نتائج غزوة بدر
على عكس ما كان مُتوقعًا، انتصر المسلمون انتصارً عظيمًا بفضل الله، وكيفما بدأت المعركة بخوفهم، ثبّتهم الله ودبّ الرعب في قلوب المشركين الذين أصابهم الذعر والحيرة من قدرة تلك الفئة القليلة على هزيمة الفئة الكبيرة.
كما انتصر حمزة بن عبد المطلب على عتبة بن ربيعة، وعلى بن أبي طالب على شيبة بن ربيعة، وHسقطوهما مهزومين بجراحهم، وسرعان ما ساعدوا عبيدة بن الحارث على هزيمة الوليد بن عتبة.
الهزيمة الكبرى والخزي الأعظم هو مقتل أبي جهل على يد فتيان المسلمين وهم عبد الرحمن بن عوف، ومعاذ بن عمرو، ومعاذ بن عفراء، لتكون تلك نهاية فرعون الأمة، فضلًا عن مقتل حوالي 70 من أشراف قريش، وأسر 70 آخرين.
مكاسب المسلمين لم تكن انتصارً دنيويًا، ومعجزات إلهية فقط، بل كان الفوز الأكبر لـ 14 مسلمًا استشهدوا، لينتقلوا إلى جنة الله أحياءً حيث فيها يرزقون.
غزوة بدر في القرآن الكريم
سؤال ماهي اول غزوه خاضها المسلمون في رمضان جعلنا نستعيد أفضل الأحداث التي شهدها الدين، وسجّلها الله في كتابه في سورة كاملة وهي الأنفال، التي تتحدث كل آية فيه عن معجزات الله، ونصره لعباده.
{وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ} [الأنفال: 7].
اقرأ أيضًا: هل ليلة 27 من رمضان هي ليلة القدر
دروس وعبر من غزوة بدر
بعدما عرفنا ماهي اول غزوه خاضها المسلمون في رمضان، وهي غزوة بدر التي عرضنا كافة تفاصيلها، كان لا بد من التطرق إلى عبرها وذلك على النحو التالي:
- أن كلمة الله هي الباقية، مهما كانت جميع الشواهد تُخبر بعكس ذلك، لكن المؤمن بحق يجب عليه أن يكون واثقًا من قدرة الله في كل حين.
- أن الإنسان ما عليه إلا التوكل، والسعي والأخذ بالأسباب، والنتيجة هي من عند الله الذي يقدرها بحكمته.
- أن الصبر لا بد أن يخلفه النصر.
تعد غزوة بدر أولى غزوات المسلمين التي قاموا بها في نهار رمضان، دليلًا عن أن الامتثال لأوامر الله، والجهاد في سبيله يمكن أن يحدث حتى أصعب الظروف وأجره سيكون بقدر صعوبتها.