حكم معاشرة الزوجة بعد الطلاق

حكم معاشرة الزوجة بعد الطلاق أمر يحير عدد من الأزواج إذ تختلف المذاهب والأقوال حين يأتي الأمر لموضوع الزواج، وذلك لأن الشريعة ثوب فضفاض يلائم ظروف الجميع تيسيرًا من الله على عباده، ليختار المرء اتباع المذهب الذي يرضي ضميره ويُطمئن قلبه، إلا في حال اجتمع أغلب العلماء على حكم ما فيجب اتقاء الشبهات، ومن خلال موقع القمة نوضح كافة هذه المسائل.

حكم معاشرة الزوجة بعد الطلاق

حكم معاشرة الزوجة بعد الطلاق

الزواج رباط مقدس إذ إنه يجمع بين شخصين ويجعلهم أقرب لبعضهم من أي شخص آخر، وذلك لأن الله أراد أن تكون لكل نفس روح آخرى تسكن إليها كما ورد في قوله تعالى:[1]

{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ۖ فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ ۖ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [سورة الأعراف :189].

لذا حين يحدث الطلاق فإن الجمع يتشتت والمنزل يهدم فبعد أن كان الشخص من المحارم يصبح لا يجوز أن يخل بزوجته ولا أن ينظر لشعرها ولا مفاتنها، وقد اختلف العلماء في الواقع على حكم معاشرة الزوجة بعد الطلاق يختلف حسب نوع الطلاق سواء كان رجعي أو بائن بينونة صغرى أما بينونة كبرى، ونوضح الفارق في النقاط التالية:

  • بعد الطلقة الأولى أو الثانية يمكن إرجاع الزوجة بعد الطلاق خلال العدة أما قولًا “راجعت زوجتي فلانة لعصمتي ونكاحي” وهذا أمر أجمع عليه الفقهاء أو بالفعل أي العلاقة الحميمة خلال العدة بنية الرجعة وهذا في رأي علماء المالكية، ومن غير نية عند الحنفية والحنابلة ويكون الرجوع حدث بفعل الجماع.
  • إن كان البائن للخلع أو طلاق للضرر عند القاضي، فلا يجوز الرجوع دون عقد ومهر جديدين على ما تبقى من طلقات ويأثم للجماع ويلزم التوبة والاستغفار.
  • أما إن كان الطلاق بثلاث فلا تحل الزوجة إلى بعد أن تتزوج بآخر ولا يجوز الرجوع لها، بالتالي يأثم على الجماع، وتأثم إن طاوعته ووجب الاستغفار والابتعاد عن بعضهم.

اقرأ أيضًا: حكم جلوس المطلقة مع طليقها

حكم بقاء الزوجة في بيت الزوجية بعد الطلاق البائن

في إطار الحديث عن حكم معاشرة الزوجة بعد الطلاق فمن اللازم إيضاح أنه يحق لكل طرف أن يستكمل حياته بعيدًا عن الطرف الآخر في حالة استحالة العشرة بينهم، ويمكن للرجل أن يتزوج كما يحق للزوجة الزواج من آخر بعد انقضاء شهور العدة.

لكن تستفسر بعض النساء عن حكم البقاء في البيت بعد الطلاق ويتفق الفقهاء على أنه من الضروري للمرأة أن تبقى في بيت الزوجية سواء كان الطلاق رجعيًا أم بائنًا أو حتى عدة وفاة الزوج، لأن الله سبحانه وتعالى أمر بذلك في قوله تعظم وتبارك:

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ ۖ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا} [سورة الطلاق :1]

وأكد الفقهاء على أنه لا يحق للزوج أن يقوم بإخراج زوجته من منزل الزوجية خلال فترة العدة وتوفير سكن لها من حقوقها الشرعية وبعد انقضاء العدة يمكنها الانتقال من البيت على أن يوفر لها وللأولاد سكن لائق.

لا يوجد ما يمنع زيارة الطليق للأبناء في منزل الزوجة خلال فترة العدة ولكن مع ضرورة الالتزام بالضوابط الشرعية والتعامل على أساس أنه لا يحل لها.

اقرأ أيضًا: علامات عدم راحة الزوج مع زوجته

حكم العلاقة بين الزوجين في الطلاق الرجعي

لفهم حكم معاشرة الزوجة بعد الطلاق بشكل كامل يخلو من المغالطة فإنه من اللازم توضيح طبيعة العلاقة بين الزوجين بعد الطلاق الرجعي إذ إنهم في الغالب يكون هناك أولاد ولا حاجة لجعلهم يتأثرون بهذه الأزمة بشكل سلبي وفيما يلي نعرض آراء العلماء بهذا الشأن:

يعتقد الحنفية أن المطلقة يتاح لها التزين أمام طليقها لأن النكاح مازال قائمًا والتزين يمكن أن يعد عامل لتسهيل الرجعة بين الزوجين.

يقول الشيخ ابن عثيمين:

ويلزمها طاعته، ويجوز أن تكشف له وأن ينفرد بها، وأن تتطيب له، وأن تمازحه وتضحك إليه، وأن يسافر بها، فكل ما يجوز للزوجة مع الزوج يجوز لها مع زوجها، إلا في مسائل قليلة“.

حدود العلاقة بين الزوجين تتسع عند الحنفية إلى ما يلي:

إنَّهُ يَجُوزُ الاِسْتِمْتَاعُ بِالرَّجْعِيَّةِ وَالْخَلْوَةُ بِهَا وَلَمْسُهَا وَالنَّظَرُ إِلَيْهَا بِنِيَّةِ الْمُرَاجَعَةِ، وَكَذَلِكَ بِدُونِهَا مَعَ الْكَرَاهَةِ التَّنْزِيهِيَّةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، لأِنَّهَا فِي الْعِدَّةِ كَالزَّوْجَةِ يَمْلِكُ مُرَاجَعَتَهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا“.

من الواجب على كل شخص ينوي الإقدام على خطوة الطلاق أن ينتبه جيدًا للأحكام الخاصة بالطلاق مثل حكم معاشرة الزوجة بعد الطلاق كي لا يجد نفسه واقعًا في أحد المحظورات دون علم به.

Scroll to Top