كيف كان النبي محمد يودع رمضان هو سؤال تردد كثيرًا، حيث يودّ الكثير من المسلمين معرفة العبادات التي كان يختصها المصطفى صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان تحديدًا في نهايته، وذلك اقتفاءً بسنته الشريفة، ومن خلال موقع القمة سنعرض أهم تلك الأعمال التي يُرجَى بها جزيل الثواب.
كيف كان النبي محمد يودع رمضان
شهر رمضان المبارك له مكانة خاصة في الدين الإسلامي، وقلوب المسلمين الذين ينتظرونه على أحرّ من الجمر، ويؤلمهم فراقه لما فيه من راحة وطمأنينة لا يعهدوها في أيامٍ أُخر.[1]
لكنهم وبرغم ذلك يشدون من الهمة في أواخره حرصًا على اغتنام أكبر قدر من الحسنات وتكفيرًا للسيئات، فضلًا عن الفوز برضا الله وجنته، وفي هذا الإطار لا يوجد أفضل من العبادات التي كان يقوم بها رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم والامتثال عليها.
على إثر ذلك قررنا عرض الإجابات المتعددة عن سؤال كيف كان النبي محمد يودع رمضان، طبقًا لما ورد عن السيرة النبوية العطرة، مع تسليط الضوء على بعض العبادات التي من الضروري عدم التغافل عنها في الشهر الكريم، وذلك على النحو التالي:
1- الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان
من أهم وأولى العبادات التي سنّها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في جميع الأوقات واختص بها رمضان هي الاعتكاف، والذي يعني المكوث في المسجد طيلة المدة، والتفرغ لفعل الطاعات مثل الصلاة، والذكر، وقراءة القرآن وغيرهم.
كما أن الاعتكاف في أصله هو قطع الصلة -مؤقتًا- مع البشر، وتوطيدها مع الله سبحانه وتعالى، ولذلك كان في نهاية رمضان من أفضل الأعمال للمُعتكف حيث إنها تساعده على تحرّي ليلة القدر، واغتنام فضل تلك الأيام.
من الجدير بالذكر في هذا الصدد، أنه يجوز زيارة الأهل للمُعتكف، كما كان يُفعل مع رسول الله، كما يجوز قطع الاعتكاف إن اقتضت الضرورة ولا إثم على المرء حينها، وذلك استنادً للحديث الشريف الآتي:
“عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قال: أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أرَادَ أنْ يَعْتَكِفَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ إلى المَكَانِ الذي أرَادَ أنْ يَعْتَكِفَ إذَا أخْبِيَةٌ خِبَاءُ عَائِشَةَ، وخِبَاءُ حَفْصَةَ، وخِبَاءُ زَيْنَبَ، فَقَالَ: ألْبِرَّ تَقُولونَ بهِنَّ ثُمَّ انْصَرَفَ، فَلَمْ يَعْتَكِفْ حتَّى اعْتَكَفَ عَشْرًا مِن شَوَّالٍ” [رواه البخاري].
اقرأ أيضًا: من علامات محبة النبي محمد صلى الله عليه وسلم
2- التهجد في الليل
في إطار الإجابة عن كيف كان النبي محمد يودع رمضان، لا بد أن نذكر عبادة قيام الليل التي ذُكرت في كتاب الله، ووردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، في كل أوقات العام، حتى إن النبي كان يصليه في المسجد ثم جعله في البيت حتى لا يظن الناس أنها فرضًا.
لكنه صلى الله عليه وسلم كان يعود إلى صلاة القيام جماعة في المسجد مع أصحابه، ونساءه وبناته رضي الله عنهن، ويدل الحديث الشريف التالي حرص النبي على تلك العبادة.
“قالت عائشةُ: لاَ تدع قيامَ اللَّيلِ فإنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كانَ لاَ يدعُهُ وَكانَ إذا مرضَ أو كسلَ صلَّى قاعدًا” [أخرجه أبو داوود].
3- تعجيل الإفطار، وتأخير السحور
من سُنة المصطفى صلى الله عليه أنه كان مُعجلًا للإفطار، ومؤخرًا للسحور، وتبعًا لذلك بكل تأكيد كان في نهاية الشهر الكريم يظل مُحافظًا على تلك السنة، وذلك طبقًا لما ورد في الحديث التالي:
“عن أبي الدرداء قال ثلاثٌ من أخلاقِ النُّبوةِ: تَعجيلُ الإفطارِ، وتأخيرُ السُّحورَ، ووضْعُ اليمينِ على الشِّمالِ في الصلاةِ” [الألباني، حديث صحيح].
4- الإكثار من الصدقات
كان أبو القاسم صلى الله عليه وسلم كثير التصدق في الأيام العادية، ولكنه كان يزيد منها في الشهر المبارك حتى وصفه الصحابة رضوان الله عليه بأنه كالريح المُرسلة، وذلك يتبين لنا من الحديث التالي:
“عن عبد الله بن عباس قال: كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ، وكانَ أجْوَدُ ما يَكونُ في رَمَضانَ حِينَ يَلْقاهُ جِبْرِيلُ، وكانَ يَلْقاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِن رَمَضانَ فيُدارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدُ بالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ” [رواه البخاري].
5- قراءة القرآن
من غير المعقول في رمضان وهو شهر القرآن نسيان أهم وأجلّ عبادة ألا وهي قراءة القرآن، حيث كان النبي الكريم صلى الله عليه وسلم مُكثرًا لقراءة القرآن ويأمرنا بذلك أيضًا.
كما كان يُطيل قراءة القرآن في الصلاة -غير الجماعة- وذلك دليلًا على حبه وتعلقه به، بالإضافة إلى أنه صلى الله عليه وسلم كان يستغل أوقات الاعتكاف للخلوة مع القرآن الكريم.
6- كثرة الدعاء
في إطار معرفة كيف كان النبي محمد يودع رمضان، فمن الجدير الإشارة إلى عبادة الدعاء التي حثنا الرسول عليها في كل الأوقات، مع الحرص على تحرّي أوقات الإجابة مثل وقت الإفطار، وفي السجود، وفي قيام الليل.
اقرأ أيضًا: هل يجوز الصلاة على النبي بنية قضاء الحاجة
7- قيام ليلة القدر
على الرغم من أن اللحظة الواحدة في رمضان بخير الدنيا وما فيها، إلا أن ليلة القدر لها مكانة خاصة حيث فيها أُنزل القرآن وفيها تُكتب الأقدار، ولذلك كانت من أهم العبادات التي يفعلها المصطفى صلى الله عليه وسلم هي قيام ليلة القدر التي من المفترض أن تكون في العشر الأواخر من رمضان.
نستدل على فضل تلك الليلة من الحديث النبوي الشريف الآتي، أن قيام تلك الليلة، وصيام رمضان بشكلٍ عام، يعدان سببان لمغفرة الذنوب ما تقدم منها وما تأخر.
“عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَن صامَ رَمَضانَ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ، ومَن قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ” [رواه البخاري].
الطريقة التي كان يودع بها الرسول عليه الصلاة والسلام رمضان ما كانت إلا زيادة العبادات كيفًا وكمًا وفي كلاهما خير، وفي ذلك إشارة لنا أن هذا الشهر يتطلب منك بذل الجهود للفوز بالحسنات.