هل يجوز رد الزوجة بعد الطلاق عند المأذون؟ وما هي شروط الرجعة بعد الطلاق؟ تواجه النساء مشكلة كبيرة في موضوع توثيق الطلاق لأنه يحفظ للمرأة حقوقها، إذ إن بعض الرجال إما يتركون زوجاتهم معلقات يأكلون حقوقهن وإما يستمرون بالعيش معهن لتكتشف الزوجة أنها مطلقة منذ سنوات دون أن تدري، ولهذا السبب نعرض تفاصيل هذا الموضوع من خلال موقع القمة.
هل يجوز رد الزوجة بعد الطلاق عند المأذون
يمر الزواج مثل كل شيء في الحياة بفترات ضعف وأزمات تعيق على الزوجين الاستمرار في العلاقة، الأمر الذي يدفع المرء إلى القيام بطلاق الزوجة سواء بتفاهم وعن اقتناع أو في لحظة غضب عارم دون وعي كامل بما يفعل أو يقول، لذلك يسأل الناس الفقهاء والمشايخ هل يجوز رد الزوجة بعد الطلاق عند المأذون؟[1]
فيجيب جمهور العلماء بأنه نعم يمكن رد الزوجة في حال كان الزواج بعد طلقة رجعية سواء تم توثيقها عند مأذون أو في محكمة شرعية لأن الطلاق يكون شرعيًا بمجرد التلفظ به ولا يحتاج إلى توثيق، إذ إن التوثيق يكون دوره مقتصرًا على حفظ الحقوق في العصر الحالي ويكون ذلك وفقًا لعدد من الشروط نتعرف عليها تاليًا:
- يلزم أن يكون الطلاق واقع للمرة الأولى أو الثانية فقط.
- من الضروري تكون العدة لم تنتهي وهي 3 شهور للمرأة التي لا تحيض.
- من الواجب ألا يكون قد مر على المرأة التي تحيض مدة ثلاث حيضات يعقبهم طهرًا.
- يفضل وجود شهود إثبات لحالة كي لا يتعدى طرف على حق الآخر.
اقرأ أيضًا: هل يجوز الطلاق بدون حضور الزوجة
أنواع الرجعة
الزواج بناء يقوم على المودة والرحمة فإن لم تكن هذه الأشياء موجودة بين الطرفين فمن اللازم التمعن في الآية الكريمة:
{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [سورة البقرة: 229].
ويتكرر سؤال هل يجوز رد الزوجة بعد الطلاق عند المأذون؟ لأن عمار البيوت ليس سهلًا وخرابها أمر عظيم عند الله، إذ إنه وُصف بأبغض الحلال إلى الله فإن عدد من الرجال بعد أن يُطفئ الله نار الغضب بقلبه يعيد النظر في أمر الطلاق ويرغب بالرجعة والتي لها أحكام متشعبة تحدد على أساسها الحياة الزوجية، والتي نعرضها فيما يلي:
1- الرجعة للمطلقة رجعيًا
حكم الله بالسماح للمرأة التي لا زالت في فترة العدة بأن يرجعها زوجها بالقول أو الفعل ما دامت في الطلقة الأولى أو الثانية فقط، وإثبات ذلك قوله تبارك وتعالى في الآية الكريمة:
{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ۚ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا ۚ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [سورة البقرة: 228].
2- الرجعة للمطلقة ثلاثًا
حكم الله أنه لا رجوع للزوجة بعد أن طلقها الزوج فيلزم أن تتزوج من رجل آخر زواج كامل بنية خالصة، ثم إن طلقها أو توفاه الله يمكنها أن تعود لزوجها الأول بنكاح جديد والشاهد على ذلك ما جاء في الحديث النبوي الشريف:
“أنَّ رِفاعَةَ القُرَظِيَّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ طَلَّقَها، فَتَزَوَّجَتْ آخَرَ، فأتَتِ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَذَكَرَتْ له أنَّه لا يَأْتِيها، وأنَّهُ ليسَ معهُ إلَّا مِثْلُ هُدْبَةٍ، فقالَ: لا، حتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ ويَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ” [صحيح البخاري – الراوي: عائشة أم المؤمنين].
3- الرجعة بعد الخلع
إن خلع المرأة لزوجها في الشريعة الإسلامية يعني أنها تتنازل عن كل شيء من مهر وخلافه، وفسخ الزيجة يكون من خلال قاضي المحكمة بما يوجب عند الرجعة من عدة زواج ومهر وشهود جدُدُ، فقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم ما يلي:
“أنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بنِ قَيْسٍ أتَتِ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ، ثَابِتُ بنُ قَيْسٍ، ما أعْتِبُ عليه في خُلُقٍ ولَا دِينٍ، ولَكِنِّي أكْرَهُ الكُفْرَ في الإسْلَامِ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أتَرُدِّينَ عليه حَدِيقَتَهُ؟ قالَتْ: نَعَمْ، قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اقْبَلِ الحَدِيقَةَ وطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً” [صحيح البخاري – الراوي: عبد الله بن عباس].
4- الرجعة لغير المدخول بها
ورد في القرآن الكريم عدد كبير من الأحكام التي تتعلق بالزواج والشريعة الإسلامية تدع مجال لقدرة الإنسان وطبيعته المتقلبة التي يمكن أن تخطئ وتبدل رأيها، إذ إن المرأة التي لم يدخل عليها لا عدة لها ولا يكون عليها رجعة كما ورد في الآية الكريمة:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا ۖ فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [سورة الأحزاب :49].
اقرأ أيضًا: هل يجوز طلب الطلاق بسبب كثرة المشاكل
حكم إرجاع الزوجة المطلقة دون شاهدين
بعد أن ذكرنا هل يجوز رد الزوجة بعد الطلاق عند المأذون، فإن الكثيرين يتساءلون عن شروط الرجعة الصحيحة مثل أن يكون الزوج عاقل وواعٍ، فلا يجوز أن يكون سكران أو غير متزن نفسيًا، بالإضافة إلى وجود شهود على الرجعة والذي يضمن حقوق الطرفين ويمنع أن يتجنى الزوج على الزوجة أو العكس ويمكن تلخيص هذا الحكم فيما يلي:
1- رأي يُلزم وجوب الإشهاد على الرجعة
يضمن وجود الشاهدين الحفاظ على حقوق المرأة لتكون عالمة بشيء مصيري مثل هذا وأيضًا لحماية حقوقها إن توفى الزوج، وقد دعم هذا الرأي علماء المالكية والحنابلة استنادًا لقول الله تعالى:
{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا} [سورة الطلاق: 2]
اقرأ أيضًا: هل يجوز ارجاع الزوجه بعد الطلقه الأولى
2- رأي عدم وجوب الإشهاد على الرجعة
يعتقد بعض العلماء والفقهاء أن الإشهاد مستحب وغير واجب ويستدلون على ذلك بنفس الآية الكريمة، إذ إنهم يرون أن الرجعة لا تحتاج إلى موافقة الزوجة وإن تحققت شروطها الأولى فلا تحتاج لشهود إذ إن من حق الزوج رد زوجته لأن كل من لا يحتاج ولي لا يحتاج شهود واستدلوا على ذلك من خلال الحديث النبوي:
” مُرْهُ فليراجعْها, ثمَّ ليُمسِكْها حتَّى تطهُرَ , إن شاءَ أمسَكَ بعدَ ذلكَ, وإن شاءَ طلَّقَ قبلَ أن يمسَّ“[شرح الزركشي على الخرقي – الراوي: عبدلله بن عمر].
الزواج مسؤولية كبيرة يجب أن يراعي الزوجان الله في تعاملاتهم معًا كي يتمكنوا من حملها، لأن الأسرة هي أساس المجتمع، والأسرة المعتلة تنتج أفراد غير أسوياء يفسدون في المجتمع ويؤذون أشخاص آخرين.