هل يجوز الصيام عن الميت من باب الصدقة؟ وهل يجوز الصلاة عليه أم لا؟ حيث إن هناك العديد من العبادات التي يتساءل العباد عن جواز فعلها بالنسبة للأموات أم أنها تنقطع عنهم بمجرد الموت، فدعونا نتعرف معًا إلى إجابة تلك الأسئلة من خلال موقع القمة إلى جانب معرفة حكم الصدقة والأعمال الصالحة على الميت وغيرها من الأمور الأخرى المتعلقة بهذا الأمر.
هل يجوز الصيام عن الميت من باب الصدقة
يجوز الصيام عن الميت إذا كان عليه دين كصوم رمضان أو نذر أو كفارات، ويُستدل على ذلك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَن مَاتَ وعليه صِيَامٌ صَامَ عنْه ولِيُّهُ.” صحيح البخاري، وبالاستناد إلى الحديث الشريف أيضًا:[1]
” أن امرأةً قالت لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : إن أمي ماتت وعليها صومُ رمضانَ أفأصومُ عنها؟ قال: أرأيتِ لو كان على أمِّك دَينٌ أكنتِ قاضيَتَه؟ اقضُوا اللهَ فاللهُ أحقُّ بالوفاءِ” حديث صحيح.
وهذا إن كان الصيام بنية أداء الفرض الذي ترتب على المتوفى، وإن كان الصيام نافلًا فإنه يجوز أيضًا لدى الكثير من أهل العلم، وذلك لقولهم أن كل عمل صالح يوهب للأموات يصلهم، والله أعلم.
الجدير بالذكر أن الصيام عن الميت يكون في حالة إن كان الشخص مريض وعليه صوم واجب وعافاه الله -عز وجل- ولكنه تساهل ولم يصم ومات، أو أن تكون امرأة أفطرت في رمضان بسبب الحيض أو النفاس، ومن ثمَّ تساهلت وماتت قبل أن تقضي أيام الصيام، وكذلك في حالة كفارة الظهار وكفارة الجماع وكفارة القتل، فكل تلك الحالات هي المشروع بها صيام الولي عن من مات.
أما من لم يستطع صوم رمضان نفسه نتيجة مرض، ومات في مرضه فلا يُقضى عنه شيء حيث إنه كان لديه عذر شرعي يمنعه من الصيام ومات قبل زوال هذا العذر، فلا يتطوع أحد بالصيام عنه، فالصيام عن الشخص يكون واجب فقط في حالة القضاء والتساهل فيه، ففي تلك الحالات فقط يكون من المُستحب أن يقضوا عنه أولياؤه من الورثة ولو جماعة يتقاطعونه في رمضان فمن الممكن أن يقوم كل واحد بصيام بعض الأيام.
أما بالنسبة للكفارة فيشترط أن يصومها واحد لأنها متتابعة، كصوم شهرين متتالين مثلًا أو كفارة الجماع في شهر رمضان أو كفارة القتل لمن عجز عن عتق رقبة، حيثُ يُستحب أن يصومها واحد من الأقارب.
اقرأ أيضًا: أحكام الصيام سؤال وجواب
هل يجوز الصلاة عن الأموات
في ضوء الإجابة عن سؤال هل يجوز الصيام عن الميت من باب الصدقة، سنتعرف الآن على إجابة سؤال هل يجوز الصلاة عن الأموات، وفي جواب هذا السؤال أنه لا يجوز الصلاة عن الأموات ولم يفعل هذا الأمر النبي ولا أصحابه، حيث لا يجوز الصلاة على الأموات مُطلقًا، وهذا على عكس الصيام الذي تم جوازه في الفقرة السابقة.
حكم الصدقة والأعمال الصالحة عن الميت
في سياق آخر من الإجابة عن سؤال هل يجوز الصيام عن الميت من باب الصدقة، نجد أنه جاء فيما يخص الصدقة والأعمال الصالحة من صوم وصلاة وقراءة قرآن عن الميت؛ قول الإمام ابن تيمية وهذا القول من الفتاوى الكبرى حيث قال:
” وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالصدقة على الميت، وأمر أن يصام عنه الصوم، فالصدقة عن الميت من الأعمال الصالحة، وكذلك ما جاءت به السنة في الصوم عنهم، وبهذا وغيره احتج من قال من العلماء: إنه يجوز إهداء ثواب العبادات المالية والبدنية إلى موتى المسلمين، كما هو مذهب أحمد وأبي حنيفة، وطائفة من أصحاب مالك والشافعي، فإذا أهدي لميت ثواب صيام أو صلاة أو قراءة جاز ذلك، وأكثر أصحاب مالك والشافعي يقولون: إنما شرع ذلك في العبادات المالية، ومع هذا لم يكن من عادة السلف إذا صلوا تطوعًا وصاموا وحجوا أو قرأوا القرآن، يهدون ثواب ذلك لموتاهم المسلمين، ولا بخصوصهم، بل كان عادتهم كما تقدم ـ أي فعل العبادة لأنفسهم مع الدعاء والصدقة للميت ـ فلا ينبغي للناس أن يبدلوا طريق السلف، فإنه أفضل وأكمل “.
الإطعام عمن مات وعليه صوم
جاء في أمر الإطعام عمن مات وعليه صوم قول أبو حنيفة والشافعية في قوله الجديد، والثوري في رواية أخرى أن الوالي لا يصوم عن الميت في النذر ولا في غيره، ولكنه يُطعم عن كل يوم مسكين، حيث إن الصوم عبادة بدنية لا ينوب فيها شخص عن آخر مثلها مثل الصلاة.
وجاء أحمد والليث وأبو عبيد وإسحاق إلى أن الولي لا يصوم عن الميت إلا في حالة النذر، أما في غير النذر فمن الواجب أن يُطعم عنه لكل يوم مسكين وذلك لما روي عن ابن عمر:
“مَن مات وعليه صيام شهر فلْيُطعم عنه مكان كل يوم مسكينًا” حديث حسن موقوف
كما جاء عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أن يُطعم عن الميت في قضاء رمضان ولا يُصام عنه، ولقول ابن عباس عندما سُئل عن رجل مات وعليه نذر وقال أن رمضان يُطعم عنه وأما النذر فيُصام عنه.
حكم صوم النذر على الميت
وردت العديد من الأقوال في حكم صوم النذر على الميت، فهناك من يقول إن الصوم يجوز طالما نذرًا، وهناك من يقول إن الصوم ليس بواجب حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم شبهه بالدَّين، ولا يجب على الولي أن يقضي ديون الميت، ويتعلق الوجوب حول ما إذا كان له تركة أم لا، وإلا فلا يوجد شيء على الورثة، ولكن من المُستحب أن يتم قضاء الدَّين عن الميت وذلك لتفريغ ذمته وفك الرهانة، وها هو نفس الأمر في النذر، ولكن لا يختص بالولي فقط بل كل من صام عنه يكون قد قضى ذلك وأجزأه.
اقرأ أيضًا: هل يجوز نية الصيام بعد طلوع الشمس
هل يختص الصوم بالولي
اختلف الفقهاء حول أمر الولي، فالنووي في شرح مُسلم أشار إلى الولي بأنه القريب سواء كان وارث أو غير وارث، أما الحنفية فقالوا إن الولي هو المتصرف في المال ويشمل الوصي ولو كان أجنبي، كما ذكره أيضًا ابن عابدين في الصوم.
إلى جانب هذا اختلفوا في أمر اختصاص الولي بالصوم أم لا، فقيل أنه يختص به وقام بترجيحه الشوكاني تبعًا للحافظ في الفتح، وذلك لأن الأصل هو عدم النيابة في العبادة البدنية، وحيث إنها عبادة لا تدخلها النيابة في الحياة، وكل ذلك بعد الموت إلا ما ورد فيه نصوص من الحديث فيتم الاقتصار عليه، أما الباقي فيظل على أصله.
صحح ذلك النووي حيث قال:
“إنه لو صام عن الميت أجنبيٌّ، فإذا كان بإذن الولي صحَّ وإلا فلا“، وزاد على ذلك الإمام القسطلاني الشافعي حيث قال: “يصحُّ الصوم عن الميت من الأجنبي إذا أذِن له الميت أو الولي بأُجْرة أو بدونها“.
سؤال هل يجوز الصيام عن الميت من باب الصدقة فتح العديد من التساؤلات الأخرى أمام المُسلمين، رغبة منهم في معرفة ما يتعلق بالميت من قضاء صوم أو نذر أو دَّين وكذلك توضيح حكم الصلاة على الميت، ومعرفة ما يخص الولي من أمور.