ما هو حكم إعادة الصيام بسبب الوسواس؟ وما هي الخطوات التي لا بد من اتباعها لضمان صيام هادئ؟ إذ يعاني بعض الناس من مرض الوسواس القهري ويعد الوسواس القهري من أكثر الاضطرابات النفسية الشائعة التي قد تدفع المصاب لفعل تصرفات وسلوكيات مزعجة بشدة، ويمكن أن يحدث لبعض الأشخاص وسواس بشأن الصيام مما يجعلهم يعانون بشدة، ومن خلال موقع القمة سنوضح حكم إعادة الصيام بسبب الوسواس.
حكم إعادة الصيام بسبب الوسواس
إن الشك في قضاء إحدى العبادات بعد الفراغ منها لا يؤثر على العبادة نفسها سواء كانت بالصلاة أو بالصوم أو الوضوء، لذلك فإنه ليس عليك أن تقوم بإعادة صيام الأيام التي تشعر بوسوسة وشك في صحة صيامك، فطالما أن الأمر لا يتعدى الوسوسة والشك فإنه مجرد وهم بأنك قمت بإفساد صيامك فليس عليك إعادته.[1]
كما عليك أن تقوم بتجاهل تلك الوساوس وعدم إعارتها أي انتباه وألا تقضي شيئاً من الأيام لمجرد الشك في بطلانها، فتذكر قول الله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ} [البقرة: 286].
كما أن الحكم الشرعي في هذه القضية هو أن الموسوس لا عبرةَ له بما يجري عليه من هواجس وأفكار، ولا يؤثر ذلك في صحَّة عبادته، بمعنى أنه ليس له يد في هذه الأفكار، ولذلك فلا ينقص ذلك من صيامه شيء.
اقرأ أيضًا: هل الكذب يبطل الصيام
حكم تأخير قضاء رمضان بسبب مرض الوسواس
لا شك في أنه من المعروف أن من عليه قضاء أيام من شهر رمضان لا بد من أن يقوم بقضائها قبل أن يحل عليه رمضان المقبل، ولكن في حالة تأخير القضاء بسبب مرض الوسواس فهناك اختلاف في الحكم.
حيث يعد مرض الوسواس من الأمراض التي لها درجات مختلفة في الشدة وتأثيرها على كل مريض يختلف عن الآخر ولذلك فإن حكم تأخير مريض الوسواس قضاء أيام رمضان تختلف في حالتين، وهما:
1- الحالة الأولى
إذا كان الوسواس يصل لمرحلة شديدة يجعل على المريض من الشاق عليه أن يصوم سواء لشعوره بالوسواس الذي يضر به أثناء الصيام أو لأجل ضرورة تناول العقاقير العلاجية الخاصة به في الصباح ولا يستطيع أن يخل في مواعيدها.
في مثل هذه الحالة أتاح الله للمريض أن يؤخر القضاء، وذلك لأن الشرع جاء ليرفع عنا الحرج والمشقة كما جاء قول الله تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185].
2- الحالة الثانية
أن يكون مرض الوسواس لا يضر بالمريض ولا يزيد من مشقة الصوم عن المعتاد الذي يشعر به أي شخص صائم، وفي هذه الحالة فإنه لا يجوز تأخير القضاء.
علاج من يعاني من وسواس الصيام
لا شك في أن خير علاج لهذا الوسواس هو ذكر الله سبحانه وتعالى، ودعائه، فعليك الإكثار من قراءة سورة الناس {قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلنَّاسِ * مَلِكِ ٱلنَّاسِ * إِلَٰهِ ٱلنَّاسِ * مِن شَرِّ ٱلۡوَسۡوَاسِ ٱلۡخَنَّاسِ * ٱلَّذِي يُوَسۡوِسُ فِي صُدُورِ ٱلنَّاسِ * مِنَ ٱلۡجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ} [الناس: 1، 6].
كما عليكِ الإكثار من ذكر الله ودعائه فيمكنك قول “آمنتُ بالله ورسله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم“، وأن نستعيذ دائماً من وسوسة الشيطان الرجيم.
أعراض وسواس الصيام
ذكر بعض أطباء المرض النفسي أن من يعاني من وسواس الصيام، فإن هناك بعض الأمور التي قد يقوم بها المريض بسبب ذلك الوسواس ومنها ما يلي:
- قد يقوم المريض بتجنب بلع ريقه طوال فترة الصيام، خاصة إذا قام بالوضوء، فهو يشك في أن ذلك قد يؤدي إلى أن يفطر.
- كذلك فإن المريض قد يتوهم بأنه قد أفطر قبل أذان المغرب، أو أنه قام بالأكل بعد آذان الفجر، وهو أمر يجعله في حالة من الصراع طوال فترة شهر رمضان.
- الخوف من تردد نية الصيام وبالتالي تكرارها.
- الخوف والقلق من أن يقوم ببلع أي شيء دون قصد.
ما هو مرض الوسواس القهري
إن مرض الوسواس القهري هو مرض نفسي من أخطر الأمراض التي ينتج عنها اضطرابات في السلوك، ونجد أن من يعاني من هذا المرض يكون لديه اضطراب في إفراز مادة الدوبامين، وأيضًا مادة الأكسيتوسين وغيرها من المواد المسؤولة عن النواقل العصبية والتي تؤثر على صاحبها بشكل كبير للغاية.
أسباب الإصابة بالوسواس القهري
إن مرض الوسواس القهري من أكثر الأمراض النفسية التي قد يعاني منها المريض، وتتمثل أسباب الإصابة بهذا المرض في النقاط التالية:
- أحيانًا تكون الإصابة بمرض الوسواس القهري تعود إلى بعض العوامل الجينية.
- قد يرجع سبب الإصابة بمرض الوسواس القهري إلى تعاطي المخدرات والمواد المخدرة.
اقرأ أيضًا: دعاء نية صيام شهر رمضان مكتوب كامل
خطوات لازمة للحصول على صيام هادئ
لكي تضمن صيام هادئ بعيدًا عن الوساوس لا بد من تتبع بعض الخطوات اللازمة والتي نصح بها العديد من أطباء المرض النفسي، ومن أهم هذه الخطوات ما يلي:
- لا بد على المريض أن يلتزم بالعلاج الذي قد أعطاه له الطبيب، كما عليه عدم الإخلال بجرعاته أو بأوقاته.
- لا بد أن يقوم المريض بتعديل مواعيد جرعات العلاج حتى تتناسب مع وجبتي السحور والإفطار، وذلك لضمان عدم حدوث أي مشكلات أثناء الصيام.
- يجب أن يقوم المريض بعدم الانسياق وراء تلك الوساوس، وتلك الأفكار التي تملؤها الشكوك حتى يتمكن من إكمال صيامه.
- من الضروري أن يلجأ المريض إلى العلاج المعرفي والسلوكي تحت إشراف المتخصصين في علاج ذلك النوع من الأمراض.
كلما تعرفنا أكثر إلى أحكام ديننا عرفنا أنه دين يسر وليس دين عسر فلقد صدق قول الله في ذلك، فقد أباح الله لنا العديد من الأمور في الإسلام التي تعيننا على عبادته وطاعته دون الحاجة للشعور أننا نشقى، فالحمد الله الذي وهبنا نعمة الإسلام.