ما صحة حديث رمضان أوله رحمة وأوسطه مغفرة؟ وهل هناك أحاديث خاطئة يرددها الناس دون علم؟ من الجدير بالذكر أن هناك العديد من الأحاديث الضعيفة التي تتردد على ألسنة الكثير من الناس دون علم بصحتها، ولذلك من خلال سوف نعرف ما صحة هذا الحديث من خلال موقع القمة.
ما صحة حديث رمضان أوله رحمة وأوسطه مغفرة
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلي الله عليه وسلم قال:
“ أولُ شهْرِ رمضانَ رحمةٌ، وأَوْسَطُهُ مغفِرَةٌ، وآخرُهُ عتْقٌ مِنَ النارِ” [ضعيف الجامع]، هذا الحديث غير صحيح وهو منكر وضعيف.[1]
حيث يعد هذا الحديث جزء من حديث طويل مروي عن سلمان الفارسي رضي الله عنه أنه قال:
“خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يوم من شعبان فقال: أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضة،…”
“…. وقيام ليله تطوعاً، من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدّى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار“ … [السلسلة الضعيفة].
الأدلة على عدم صحة حديث رمضان أوله رحمة وأوسطه مغفرة
في إطار التعرف على ما صحة حديث رمضان أوله رحمة وأوسطه مغفرة نجد أن إسناد هذا الحديث ومتابعاته كلها ضعيفة، وقد حكم عليه المحدثين بالنكارة، كما أنه يشتمل على الكثير من العبارات التي في ثبوتها لابد فيها من النظر والبحث والتحليل.
قد قسم هذا الحديث شهر رمضان قسمة ثلاثية: بأن العشر أيام الأولى من شهر رمضان هم عشر رحمة، والعشرة أيام الوسطى هم عشر مغفرة، ثم أن العشرة أيام الأخيرة من شهر رمضان هم أيام العتق من النار، وذلك لا دليل عليه في القرآن والسنة.
جعل الله سبحانه وتعالى رمضان كله رحمة ومغفرة ولم يحدد أوقات معينة أو أيام معينة لذلك فإن فضل الله واسع وليس له حدود، كما أن العتق من النار ليس محدد في العشرة أيام الأخيرة فقط.
عن أبي هريرة رضي الله عنه وأبو سعيد الخدري وجابر بن عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“ إنَّ للهِ تعالى عتقاءَ في كل يومٍ وليلةٍ، لكل عبدٍ منهم دعوةٌ مُستجابةٌ ” [صحيح الجامع]
فلم يحدد الله العشرة أيام الأخيرة فقط بل جعل له عتقاء في كل يوم وعند كل فطر.
كما ذكر في الحديث أيضًا “من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة“، وهذا ليس له أي دليل من الصحة فبالرغم من أن الثواب في رمضان مضاعف، إلا إن النافلة تظل نافلة، والفريضة فريضة في رمضان كغيره من شهور السنة.
أما عند قول:
“ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدّى سبعين فريضة فيما سواه”
فإن علينا القون أن الحسنة بعشرة أمثالها وتتضاعف إلى سبعمائة في رمضان وغير رمضان، ولكن كل ذلك لا يخص الصيام.
أحاديث صحيحة عن فضل رمضان
هناك العديد من الأحاديث التي ثبتت صحتها، وقد تناقلها السلف الصالح عن نبينا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، وكل الأحاديث النبوية الشريفة التي سوف نعرضها لكم صحيحة وقد ثبت صحتها.
على المؤمن أن يعرفها ويتأملها حتى يعلم فضل شهر رمضان الكريم، وفضل صيامه، ليعلم أن رحمة الله وسعت كل شيء ولم تحدد في عدد من الأيام المعينة، ومن أهم هذه الأحاديث:
- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “مَن صامَ رَمَضانَ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ، ومَن قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ“ [صحيح البخاري].
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا جاءَ رَمَضانُ فُتِّحَتْ أبْوابُ الجَنَّةِ، وغُلِّقَتْ أبْوابُ النَّارِ، وصُفِّدَتِ الشَّياطِينُ“ [صحيح المسلم].
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا كانَ أوَّلُ ليلةٍ من شَهْرِ رمضانَ: صُفِّدَتِ الشَّياطينُ ومرَدةُ الجنِّ، وغُلِّقَت أبوابُ النَّارِ فلم يُفتَحْ منها بابٌ، وفُتِّحَت أبوابُ الجنَّةِ فلم يُغلَقْ منها بابٌ، ويُنادي مُنادٍ يا باغيَ الخيرِ أقبِلْ، ويا باغيَ الشَّرِّ أقصِرْ وللَّهِ عُتقاءُ منَ النَّارِ، وذلكَ كلُّ لَيلةٍ” [صحيح الترمذي].
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إلى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ ما بيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الكَبَائِرَ“ [صحيح مسلم].
يجب على كل المسلمين الحذر من الأحاديث الضعيفة، والتأكد من ثبوت صحتها قبل ترددها والتحدث بها، والبحث عن الأحاديث الصحيحة للاقتداء بها ونيل الثواب والرحمة من الله تعالى.