هل يجوز الصيام بدون نية وسحور؟ وما هي الأمور التي تكفي لصحة نية الصوم؟ تلك الأسئلة يطرحها عدد كبير من المُسلمين حول حكم النية والسحور لإتمام صحة الصيام، وسنعرض الإجابة عن هذا السؤال اليوم من خلال موقع القمة إلى جانب أننا سنتطرق إلى عرض مجموعة من الإجابات على أبرز الأسئلة التي تتعلق بباب الصيام.
هل يجوز الصيام بدون نية وسحور
في صدد الإجابة عن سؤال هل يجوز الصيام بدون نية وسحور نجد أن صيام الفرض لا يجوز إلا بتبييت النية من الليل، حيث إن النهار يجب صومه في الفرض، ولهذا يجب أن تتقدم فيه النية كغيره من العبادات، أما بالنسبة لصوم التطوع فنجد أن أهل العلم اختلفوا في أمر تبييت النية، وكان ذلك من خلال قولين وهما:
1- قول الجمهور في تبييت نية صيام التطوع
قول الجمهور في أمر تبييت النية هو عدم اشتراط تبييتها وإنما أشاروا إلى أن من الضروري ألا يكون قد حدث ذنب منافٍ للصوم من وقت طلوع الفجر إلى وقت وقوع نية الصوم، وتم الاستدلال على ذلك بحديث السيدة عائشة رضي الله عنها حيث قالت: “دَخَلَ عَلَيَّ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ذَاتَ يَومٍ فَقالَ: هلْ عِنْدَكُمْ شيءٌ؟ فَقُلْنَا: لَا، قالَ: فإنِّي إذَنْ صَائِمٌ ثُمَّ أَتَانَا يَوْمًا آخَرَ فَقُلْنَا: يا رَسولَ اللهِ، أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ فَقالَ: أَرِينِيهِ، فَلقَدْ أَصْبَحْتُ صَائِمًا فأكَلَ.” [المصدر: صحيح مُسلم].[1]
ومن هنا أشار الجمهور إلى أن صوم النافلة يجوز بنية في النهار قبل الزوال، واستدلوا على ذلك أيضًا بآثار بعض الصحابة رضي الله عنهم في هذا المعنى، وقد ذكر بعضًا من هذه الآثار في الصحيح تعليقًا وتم ترجمتها بقول “باب إذا نوى بالنهار صومًا“.
كما كان أبو الدرداء يقول: عندكم غداء؟ فإن قلنا لا، قال: فإني صائم يومي هذا، ثم قال البخاري: وفعله أبو طلحة، وأبو هريرة، وابن عباس وحذيفة رضي الله تعالى عنهم، وهذه الآثار ـ عدا أثر ابن عباس ـ موصولة في المصنفين لعبد الرزاق وابن أبي شيبة، فأما أثر أم الدرداء فهو في مصنف ابن أبي شيبة.
يجدر بالذكر أن النفل يجوز بنية صيام جزء من النهار كما دل عليه قول إني صائم، كما أن الصلاة يجب فيها من الأركان كالاستقرار على الأرض والقيام والاستقرار، وما لا يجب في التطوع توسيعًا من الله على عباده في طرق التطوع، فالتطوعات دائمًا ما تكون أوسع من أنواع المفروضات.
اقرأ أيضًا: هل يجوز الإفطار لمرضى التهاب الحلق
2- قول المالكية في تبييت صيام التطوع
في هذا القول تم اشتراط نية تبييت النية للصيام، وذلك للفرض والنفل على حد سواء، وكان ذلك رأي المالكية وبعض السلف، ودليلهم على ذلك هو قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: “من لم يبيِّتِ الصِّيامَ قبلَ الفَجرِ، فلا صيامَ لَهُ” صحيح النسائي.
وقال أصحاب هذا القول إن اللفظ عام يشتمل على الفرض والتطوع وتأولوا حديث السيدة عائشة رضي الله عنها المتقدم بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد نوى صيام الليل ومن ثمَّ ضعف عنه وأراد الفطر لذلك، والجمهور يرون أن حديث السيدة حفصة على تقدير صحة رفعه مخصص بحديث السيدة عائشة رضي الله عنهما، كما قالوا إن ما قاله المالكية بعيد متكلف وبعض روايات حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أنشأ نية الصيام من سؤاله هذا.
ما يكفي في نية الصوم
في سياق الإجابة عن سؤال هل يجوز الصيام بدون نية وسحور، نجد أن النية من الأمور اليسيرة التي لا تحتاج إلى عناء كبير، فمتى خطر على باله أنه صائم غدًا في أي جزء من أجزاء الليل فقد نوى، وما دام خطر على البال الصيام والقيام بالصور فهذا كافِ لتبييت النية والصيام إذن صحيح ولا قضاء عليه، ومن كان يُعاني من وساوس حول عدم عقد النية ألا يلتفت لها ويعرض عنها.
نية الجمع بين صوم القضاء والنوافل
أشار العلماء إلى أن نية صوم قضاء رمضان مع الست من شوال أمر لا يصح، ولكن الجمع بين صوم الأيام البيض أو الاثنين والخميس والست من شوال فيجوز ولا مشكلة فيه، حيث إن به يتحقق مقصود الشرع مع التشريك في النية.
اقرأ أيضًا: هل يجوز صلاة العصر قبل وقتها بدقائق
هل النية في الصيام شرط أو ركن
في ضوء معرفة هل يجوز الصيام بدون نية وسحور، نجد أن العلماء اتفقوا على أن النية من الأمور المطلوبة في كافة أنواع الصيام سواء كان هذا الصيام فرضًا أو تطوعًا، ويكون ذلك إما لكونه شرطًا أو ركنًا، ومن المعلوم أن الشرط هو الشيء الخارج عن حقيقته أما الركن فهو الجزء من الشيء، واعتبر الحنفية والحنابلة والمالكية أن النية شرط لأن صوم رمضان وغيره من العبادات.
العبادة هي اسم لفعل يقوم به العبد خالصًا لوجه الله عز وجل، والإخلاص والاختيار من الأمور التي لا تتحقق إلا بوجود النية فلا يُمكن الصيام إلا بالنية وذلك تمييزًا للعبادات عن العادات، أما بالنسبة للشافعية فتأتي النية على أنها ركن وذلك مثل الإمساك عن المُفطرات.
الجدير بالذكر أن محل النية هو القلب، والأمر لا يحتاج النطق بالنية على اللسان قطعًا، ولكن يسن عند الجمهور -غير المالكية- التلفظ بها، والأولى لدى المالكية هو ترك التلفظ بها.
هناك العديد من الأمور التي قد يغفل عنها المُسلم، وبالتالي يكون الخيار الأول أمامه هو أن يطرح التساؤلات حول الأمور التي يجهلها، ومن هنا تأتي الإجابة لكل ما لا يعرفه بآيات وأحاديث، ولذا يجب على كل شخص ألا يخجل من السؤال في أمور دينه لكي يصل إلى الصواب في النهاية.