ما هو حكم مداعبة الزوجة في رمضان؟ وما حكم التقبيل في رمضان؟ نظرًا إلى أن رمضان هو شهر التقرب إلى الله بالأعمال الحسنة، وفيه يتم الصوم عن الطعام والشراب وكذلك الشهوات، فيتم طرح العديد من التساؤلات حول الأمور التي تخص العلاقة الزوجية، خوفًا من الوقوع في الإثم، وسنعرض اليوم من خلال موقع القمة الإجابة عن أبرز الأسئلة التي تخص هذه المسألة.
حكم مداعبة الزوجة في رمضان
العلاقة بين الزوج وزوجته في نهار رمضان من جنس العلاقة بالطعام والشراب، ولا يقترب الزوج من زوجته بهدف قضاء الشهوة، ولكن له بعد ذلك أن يتحدث معها ويُجالسها ويدرسها ويعلمها، وغير ذلك مما ليس فيه من جماع أو مقدمات إلى ذلك، أما المقدمات الخاصة بالجماع كاللمس أو التقبيل أو الضم والمباشرة فكل هذه الأمور أصلها هو الترك، وذلك لأن أصلها من الشهوة التي امتدح الله الصائم بتركها.[1]
حيث جاء الحديث القدسي: “كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا، إلى سَبْع مِائَة ضِعْفٍ، قالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إلَّا الصَّوْمَ؛ فإنَّه لي، وَأَنَا أَجْزِي به، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِن أَجْلِي. لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ. وَلَخُلُوفُ فيه أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِن رِيحِ المِسْكِ.” صحيح مسلم.
المُقدمات التي قد يقوم بها الزوج من مداعبة ليست في مرتبة واحدة ولكن من أكثرها خطورة على الصائم هي المباشرة، حيث إن هذا من الممكن أن يؤول إلى التسبب في إفساد الصوم بالإنزال وهذا في مناقضة مقصود الصيام، أما بالنسبة لملامسة الفرج دون وجود حائل فهو من الأمور المحرمة، حتى وإن لم يحصل إيلاج.
اقرأ أيضًا: أحاديث في فضل صيام التطوع
حكم التقبيل في الصيام
الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يُقبل وهو صائم ويُباشر وهو صائم ولكن التفسير في ذلك أنه كان أملك الناس لإربه، ومعنى ذلك أنه كان أكثر الناس تماسكًا وتحكمًا في نفسه، ومن يُمكن أن يدعي ذلك لنفسه سوى رسول الله! وذلك بالاستناد إلى حديث السيدة عائشة رضي الله عنها عن رسول الله: ” كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُقَبِّلُ ويُبَاشِرُ وهو صَائِمٌ، وكانَ أمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ.” صحيح البخاري.[2]
كما بخصوص هذا الأمر نجد أن أهل العلم الذين سمحوا للزوج أن يُقبل زوجته يكون في ذلك شرطًا ألا يكون ممن تجرهم القبل إلى ما وراء ذلك، وإن كان مُحرم عليه التقبيل بالاتفاق، وقد جاء في ذلك حديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: “أنَّ رجلًا سأل النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المباشَرةِ للصائمِ فرخَّص له وأتاه آخرٌ فسألَهُ فنهاه فإذا الَّذي رخَّص له شيخٌ والَّذي نَهاه شابٌّ” صحيح أبي داود.
على أي حال من الضروري أن يقي المسلم نفسه من الوقوع في الأفعال التي تدعو إلى الشهوة أو خروج المذي نتيجة المداعبة من ضم وتقبيل ونحوهما.
أثر المداعبة حتى خروج المني
من قام بمداعبة الزوجة في نهار رمضان بيده وقبلها أو قام بفعل نحو ذلك، فأنزل مني أو قامت الزوجة بإنزال المني، فيُبطل صوم من أمنى منهما، وجاء في هذا الأمر أكثر من قول نوضحهم فيما يلي:
- قول الإمام النووي: “إذا قبل أو باشر فيما دون الفرج بذكره أو لمس بشرة امرأة بيده أو غيرها، فإن أنزل المني بطل صومه وإلا فلا، ونقل صاحب الحاوي وغيره الإجماع على بطلان صوم من قبل أو باشر دون الفرج فأنزل“.
- قول الكاساني: “ولو جامع امرأته فيما دون الفرج فأنزل أو باشرها أو قبلها أو لمسها بشهوة فأنزل يفسد صومه وعليه القضاء ولا كفارة عليه، وكذا إذا فعل ذلك فأنزلت المرأة لوجود الجماع من حيث المعنى وهو قضاء الشهوة بفعله وهو المس“.
أثر المداعبة حتى خروج المذي
تساءل أحد الأزواج حول أمر المُداعبة حتى خروج المذي على الصيام، فمنهم من رأى أن الصوم يفسد بخروج المذي، وبعضهم رأى صحة الأمر، وجاء في هذا الأمر قول ابن قدامة: “لا يخلو المقبل من ثلاثة أحوال، الأول أنَّ لا ينزل فلا يفسد صومه بذلك لا نعلم فيه خلافاً، الثاني أن يمني فيفطر بغير خلاف نعلمه، أما الثالث أن يمذي فيفطر عند إمامنا ومالك وقال أبو حنيفة والشافعي لا يفطر” وهذا القول هو الأرجح.
ما يجوز للزوجين وما يحرم عليهما في صيام التطوع
في سياق آخر من عرض حكم مداعبة الزوجة في رمضان، نجد أن في أمر صيام التطوع جاء مسألتان، وهما:
- المسألة الأولى: أن يكون أحد الزوجين أو كلاهما صائمين صيام تطوع، ولا يُحرم عليهما شيء ولا الجماع ولا غيرها، وذلك لأن الشافعي أجاز الخروج من صوم التطوع، ومن دخل في صلاة تطوع أو صيام كان من المُستحب له إتمامها ولكن إذا خرج منها جاز له فعل ذلك، وذلك بالاستناد إلى قول رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: ” دخَلَ عَلَيَّ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ذَاتَ يَومٍ فَقالَ: هلْ عِنْدَكُمْ شيءٌ؟ فَقُلْنَا: لَا، قالَ: فإنِّي إذَنْ صَائِمٌ ثُمَّ أَتَانَا يَوْمًا آخَرَ فَقُلْنَا: يا رَسولَ اللهِ، أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ فَقالَ: أَرِينِيهِ، فَلقَدْ أَصْبَحْتُ صَائِمًا فأكَلَ” صحيح مسلم.
- المسألة الثانية: هي أن يكون أحد الزوجين أو كلًا منهما صائم صوم واجب كرمضان مثلًا أو قضاء لكفارة، وفي هذه الحالة يكون الجماع مُحرم قطعًا، ويفطر به الصائم بإجماع الآراء، ويجب عليه الكفارة إن وقع الجماع في نهار رمضان.
اقرأ أيضًا: حكم النسيان في صيام الأيام البيض
هل يحق للزوج إفساد صوم التطوع لزوجته
يحق للزوج أن يُفسد صوم زوجته إذا صامت تطوعًا بغير إذنه وكذلك إذا صامت نذر لم يأذن لها فيه، وله أن يفسد هذا الصوم إذا كان واجبًا عليها وكان وجوبه على التراخي كالقضاء إذا شرعت فيه دون أن تستأذنه، وذلك بالاستدلال بقول رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ” لا تَصُمِ المَرْأَةُ وبَعْلُها شاهِدٌ إلَّا بإذْنِهِ، ولا تَأْذَنْ في بَيْتِهِ وهو شاهِدٌ إلَّا بإذْنِهِ” صحيح مسلم، وقد جاء في تفسير هذا الحديث أن عليها الاستئذان في غير صيام أيام رمضان، وفي غير قضاء رمضان إذا كان الوقت ضيق.
الجدير بالذكر أن النووي ذكر أن للزوج حق الاستمتاع بالزوجة في كل وقت، وحقه يكون واجب على الفور فلا يفوته إلا بالتطوع ولا واجب على التراخي، ولكن يجب الانتباه إلى أنه إذا أذن لها في الصوم المفروض فليس عليه أن يحللها منه، وبعد إذنه ليس عليها أن تطيعه، وكذلك في صوم التطوع إذا أذن لها فيه.
حكم مداعبة الزوجة في رمضان هو الترك، حيث إن من الوارد أن يترتب على هذه المداعبات ما يُبطل الصوم من إنزال وخلافه، وعلى الرغم من أن رسول الله كان يُقبل ويُباشر زوجاته في رمضان ولكنه أقدر الناس على فعل هذا.