ما هو حكم النذر في هذا المثال نذر علي أن أصوم كل خميس؟ وما هي كفارة النذر؟ نظرًا إلى أن النذر من الأمور الدارجة بين الناس، فسنتعرف اليوم من خلال موقع القمة بمعرفة حكم نذر صيام الخميس، ونتطرق لعرض حكم النذر في الإسلام وكفارته، ونجيب عن أبرز الأسئلة التي تتعلق بالأمر.
حكم النذر في هذا المثال نذر علي أن أصوم كل خميس
إن النذر ينعقد بصيغة دالة على الالتزام فمثلًا يقول عليّ أن أصوم إذا حدث ذلك أو عقد النية على فعل طاعة مُعينة، فجاء عن قول ابن قدامة إن: “صيغة النذر أن يقول: لله علي أن أفعل كذا، وإن قال: علي نذر كذا لزمه أيضا، لأنه صرح بلفظ النذر، وإن قال: إن شفاني الله فعلي صوم شهر، كان نذرًا”.[1]
ونذر الطاعة يجب أن يوفى، فمن نذر أن يصوم كل خميس كما يتم التساؤل عن حكم النذر في هذا المثال نذر علي أن أصوم كل خميس، وذلك لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “ مَن نَذَرَ أنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، ومَن نَذَرَ أنْ يَعْصِيَهُ فلا يَعْصِهِ.” [صحيح البخاري].
اقرأ أيضًا: هل يجوز نية الصيام بعد طلوع الشمس
ما هي كفارة النذر؟
من الحديث الشريف السابق ذكره نجد أنه لا يجوز أن يتم تضييع النذر أو عدم الوفاء به دون أي عذر، ومن هنا قد يقع البعض أحيانًا في أنه ينذر بفعل شيء ولكنه يجد مشقة في فعلها، وفي هذا جاء قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “ من نَذرَ نذرًا ولَم يسمِّهِ فكفَّارَتُه كفَّارَةُ يَمينٍ” [صحيح ابن ماجه].[2]
حيث إن كفارة النذر تأخذ نفس حكم كفارة اليمين، فنجد أن كفارة اليمين تكون من خلال إطعام 10 مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، وفي حالة العجز عن فعل أي أمر مما مضى وكان الصوم يضرك بسبب الضعف الجسدي، فلا إثم وتسقط في هذه الحالة كفارة اليمين لعدم الاستطاعة.
عذر ترك الوفاء بالنذر
وضع الإسلام شروط وأحكام لكافة أمور الحياة فلم تترك هباءً، ومن هنا سنتعرف إلى الأعذار التي تمنع الوفاء بالنذر.
- يجب أن تكون الصبية بالغة، والصبي لا يصح نذره.[3]
- في حالة أن يكون نذر الصيام مُسبب مرض وحرج ومشقة غير معتادة وذلك بسبب ضعف الشخص جسميًا، وفي هذه الحالة يجب استشارة طبيب حول ما إذا كان الصيام السبب في ذلك أم لا.
- في حالة الإقرار بأن الصيام هو السبب في ذلك فيكون الحكم هو ترك النذر والتكفير عنه بكفارة اليمين وهي إطعام 10 مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة أو صيام 3 أيام.
ما حكم تأجيل صيام النذر بعد شهر رمضان
الوفاء بالنذر فقط في أمور الطاعة، فلا يجوز الوفاء بالنذر في أمور المعصية، وذلك كما ورد في الحديث الشريف المُشار له سالفًا، وإذا كان النذر مؤقت فلا يجوز أن يتم تأخيره عن وقته لا عذر، حيث إن تأخيره عن وقته لا عذر تقع عليه كفارة اليمين الموضحة سابقًا.[4]
لمن في حالة إذا كان صيام النذر غير مؤقت فلا حرج في تأخيره، وعلى أي حال نجد أن صيام النذر المؤقت والغير مؤقت لا يجوز الإتيان به في رمضان، حيث إن صوم رمضان أحق من أي صوم، كما لا يجوز صيام العيدين فصومهما مُحرم بالإجماع.
من هنا تكون الإجابة عن سؤال ما حكم تأجيل صيام النذر بعد شهر رمضان، هو أن يحوز تأجيله من باب قول الله تعالى: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [سورة البقرة، الآية 148]
هل النذر مكروه
في ظل الحديث عن حكم النذر في هذا المثال نذر علي أن أصوم كل خميس؛ نود أن ننوه أن النذر من الأمور المكروهة والمنهي عنها في الحديث الشريف، حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:” لا تَنْذِرُوا، فإنَّ النَّذْرَ لا يُغْنِي مِنَ القَدَرِ شيئًا، وإنَّما يُسْتَخْرَجُ به مِنَ البَخِيلِ ” [صحيح مُسلم].
في هذا الحديث ذم للنذر المُعلق، حيث إن النذر هو النية بفعل أمر على نفسه وإلزامه به على الرغم من أن الشرع لم يلزمه به، وفي حقيقة الأمر لم يفيد هذا النذر ابن آدم في شيء، وذلك كما ورد في الحديث الشريف.
لكن كل أمر في هذه الدنيا قد خلق بقدر، وبالتأكيد النذر يلقي الشخص إلى القدر الذي كتبه الله له، فإن كان قد قُدر وقع، وإلا فلا يقع، والنذر لا يقدم شيء ولا يؤخره، ولكن الخير والشر يتم بناءً على مقادير من الله عز وجل، والمقدور لا يتغير من شر إلى خير نتيجة النذر.
جاء في الحديث الشريف أن النذر أشبه بإلزام البخيل إخراج شيء لم يكن يرغب في إخراجه من تلقاء نفسه، فطاعة الله تكون طوعًا ولا يتم طلب مقابل لتلك الطاعة، حيث إن عادةَ ما تقوم الناس بتعليق حدوث المنافع أو دفع الأضرار على النذر، وفي حالة فعل هذا فكان الشخص بخيل.
أما الشخص الكريم إذا أراد أن يتقرب إلى الله -عز وجل- استعجل وأتى في الحال، فمن صفات الكريم أن يبادر بالمنح والعطاء ويسابق غيره في فعل الخيرات طلبًا لمرضاة الله عز وجل، وهذا على عكس البخيل الذي لا يُخرج شيء من يده إلا مقابل عوض يلزم استيفاؤه أولًا ومن ثمًّ سيُخرج العطاء والخير!
فنجد إذا نذر ابن آدم نذر (إذا تم شفاؤه مثلًا) وتحقق ما أراد أوفى بها النذر وأخرج ما كان ينذر به أو فعل الطاعة التي نذرها، وإلا فإنه لم يفعل الطاعة ولا يعمل الخيرات قبل حدوث النذر.
اقرأ أيضًا: حكم النية في صيام القضاء والنذر
أنواع النذر
يأتي النذر على صورتين يمكن توضيحهما من خلال ما يلي:
- النوع الأول: هو النذر المعلق وهو النذر الذي يُعلق على حدوث شيء معين (مثال عليه: التصدق في حالة الشفاء من مرض).
- النوع الثاني: فهو النذر المُنجز وهو النذر الذي لم يُعلق على فعل شيء (مثال عليه: قول عليّ أن أصوم ذلك).
في كلا النوعين يجب الوفاء بالنذر طالما أنه نذر طاعة، ووجوب وفاء النذر المعلق أشد من النذر المنجز، حيث ذم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيمن ينذرون ولا يوفون حيث قال:
“ إِنَّ خَيْرَكُمْ قَرْنِي ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ -قَالَ عِمْرَانُ : فَلا أَدْرِي أَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ قَرْنِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثَةً – ثُمَّ يَكُونُ بَعْدَهُمْ قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلا يُسْتَشْهَدُونَ ، وَيَخُونُونَ وَلا يُؤْتَمَنُونَ ، وَيَنْذِرُونَ وَلا يُوفُونَ ، وَيَظْهَرُ فِيهِمْ السِّمَنُ” [صحيح مُسلم].
حكم النذر في هذا المثال نذر علي أن أصوم كل خميس واجب، وذلك لما نص عليه الحديث الشريف بأن نذر الطاعة يجب أن يُنفذ، وفي حالة عدم فعله تقع عليه كفارة اليمين.