حكم من ترك الصيام بعد نيته من الليل لأنه لم يستيقظ إلا الفجر ولم يتسحر يرغب بالعلم به كل شخص مسلم، خصوصًا مع اقتراب أوان شهر رمضان المعظم، والذي به فضل كبير ونفحات وهبات من المولى عز وجل لا يمكن تصورها، ومن خلال موقع القمة نعرض تفاصيل هذا الحكم.
حكم من ترك الصيام بعد نيته من الليل لأنه لم يستيقظ إلا الفجر ولم يتسحر
إن الصيام من العبادات التي لها أجر عظيم عند الله وتوجد العديد من الأدلة في القرآن والسنة تؤكد على فضل الصيام على المسلم في الدنيا والآخرة فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم “فِي الجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أبْوَابٍ، فِيهَا بَابٌ يُسَمَّى الرَّيَّانَ، لا يَدْخُلُهُ إلَّا الصَّائِمُونَ” [صحيح البخاري – الراوي: سهل بن سعد الساعدي].[1]
لذلك فإن عدد من المسلمين يحبون أن يتعرفوا على جميع أحكام الصيام والفتاوى المتعلقة بشأنه كي يتأكدون من أنهم يتبعون أوامر الله ونواهيه، وبالنسبة لحكم من ترك الصيام بعد نيته من الليل لأنه لم يستيقظ إلا الفجر ولم يتسحر، فإن رأى الفقهاء في هذه المسألة أن السحور سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم إذ إنه قال:
{تسَّحروا فإنَّ في السَّحورِ بركةٌ} [حديث صحيح – الراوي: أبو هريرة] لذا فمن نوى الصوم ولم يستيقظ لا يؤثر ذلك على صيامه في شيء، لأن السحور ليس شرطًا أساسيًا لصحة الصوم ويقول الشيخ البهوتي صاحب كتاب كشاف القناع “وَمَنْ خَطَرَ بِبَالِهِ أَنَّهُ صَائِمٌ غَدًا فَقَدْ نَوَى لِأَنَّ النِّيَّةَ مَحَلُّهَا الْقَلْبُ”
وإن كان قد نوى صيام القضاء أو الكفارة وفي شهر رمضان وصحا من نومه بعد الفجر لا يجوز له أن يفطر لأن هذا صوم واجب كما ورد عن ابن قدامة “وَمِنْ دَخَلَ فِي وَاجِبٍ، كَقَضَاءِ رَمَضَان، أَوْ نَذْرٍ، أَوْ صِيَامِ كَفَّارَةٍ، لَمْ يَجُزْ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ، وَلَيْسَ فِي هَذَا خِلافٌ بِحَمْدِ اللَّه.”
وإن كان قد علق الصوم على السحور أي أنه إذا استيقظ وتسحر صام، ولم تكن النية حاسمة جازمة فهذه النية المترددة لا تصلح للصيام.
اقرأ أيضًا: أحكام الصيام ومبطلاته
ما حكم من صام دون أن يتسحر
استكمالًا لتوضيح حكم من ترك الصيام بعد نيته من الليل لأنه لم يستيقظ إلا الفجر ولم يتسحر في صيام رمضان، فإن صومه صحيح سواء تسحر أو لا ولكن النقطة الجوهرية في الأمر هي النية لأن النية لازمة في صيام الواجب.[2]
أما بالنسبة لصيام النوافل فسواء كانت النية جازمة أو مترددة فله أن يصوم أو يفطر، لأن المتطوع أمير نفسه وصيام التطوع لا يرجى له تبيت النية من الليل وصيام النوافل هو الأيام التي كان النبي يصوم بها وهي كما يلي:
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصوم في أيام إثنين وخميس كما ورد في الحديث “تُعْرَضُ الأعمالُ يومَ الاثنينِ والخميسِ، فأُحِبُّ أن يُعْرَضَ عملي وأنا صائمٌ” [سنن الترمذي – الراوي: أبو هريرة]
- صيام ثلاثة أيام من كل شهر في التقويم الهجري بالأيام حيث إنه كان يقول إن صيام هذه الأيام كصيام الدهر.
- كما من المفضل صيام ست أيام من شهر شوال متتالية أو متفرقة.
- صيام يوم عاشوراء له فضل كبير وهو اليوم العاشر من شهر مُحرم.
- صيام العشر من ذي الحجة وعلى رأسها يوم عرفة والذي له فضل كبير جدًا.
حكم تجديد النية في الصيام
بعد العرض المفصل لحكم من ترك الصيام بعد نيته من الليل لأنه لم يستيقظ إلا الفجر ولم يتسحر، فإنه من الواجب توضيح أهمية وضع نية في صيام الواجب كفريضة شهر رمضان وصيام كفارة القتل الخطأ واليمين وغيرها من كفارات.
فالصيام للمسلم يكون من أذان الفجر إلى أذان المغرب كما نتبين من الآيات الكريمة العزيز {…وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ...} [187 – سورة البقرة] وبناءً على ذلك فإن عدد كبير من الناس يتناولون الطعام في هذه المدة حتى إذا جاء وقت السحور شعروا بالامتلاء، ولم تكن لهم شهية لأكل السحور.
وقد وضح الفقهاء أن هذا أمر طبيعي جدًا ولا مشكلة به، إذ إن النبي أوصى بالسحور في الكثير من الأحاديث مثل “لا تزالُ أمَّتي بخيرٍ ما أخَّروا السَّحورَ وعجَّلوا الفِطرَ” [حديث صحيح – الراوي: أبو ذر الغفاري] لكنه لم يذكر وقع أي ضرر على من لم يؤدي هذه السنة.
النهي كان فقط عن مواصلة الصيام ليومين متتالين ومسألة النية يمكن أن ينوي المسلم صيام رمضان كله من أول يوم وتكون هذه النية كافية ووافية ولا حاجة له لأن يجدد النية كل ليلة، إلا إن اضطر للسفر أو أصابه مرض فإن أراد أن يستأنف الصيام فعليه نية التماس.
اقرأ أيضًا: الشك في نية صيام القضاء
هل يجوز للمسلم أن يفطر إذا اشتد عليه العطش؟
في إطار الحديث عن حكم من ترك الصيام بعد نيته من الليل لأنه لم يستيقظ إلا الفجر ولم يتسحر من الضروري توضيح حكم من أفطر من شدة العطش، إذ إن هناك بلاد تبلغ مدة صوم ٢٣ساعة ودين الإسلام دين يُسر وليس عُسر
لذلك اتفق جمهور العلماء على أن من شعر بظمأ شديد أو شعر بالإرهاق شديد وشعر بالخوف من الهلاك أو المرض فيمكن قبول هذا العذر على أن يقوم بقضاء بدلًا عن هذا اليوم إذا كان فطره بماء.
ما العلم أن هذا الحكم يختلف عن فساد الصيام بسبب الجماع إذ إن هذا ذنب كبير وتلزمه كفارة وتوبة وفي حال تساهل ولم يكن هناك حاجة مُلحة لشراب، فيلزمه توبة ويقضي هذا اليوم إذ قال شيخ عثيمين “إذا خاف العطش، لكن ليس المراد مجرد العطش؛ بل العطش الذي يُخاف منه الهلاك، أو يُخاف منه الضرر”
كما أنه ورد في القرآن مرات عديدة أنه ليس على المريض حرج بالتالي من شعر أن الصيام يؤثر على صحته بالسلب بشكل يؤدي للهلاك، فيمكنه الفطر امتثالًا لنهي الله في قوله تعالى {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [سورة البقرة: 195].
الشريعة والفقه لها أحكام متنوعة ومتعددة مثل الأثواب الفضاضة وذلك رحمة من الله، ليجعل الجميع قادر على أداء الفرائض والأحكام دون أن يتضرر بأي شكل، ولهذا من الضروري التعرف على أحكام الصيام.