هل يجوز التصدق بدل صيام النذر؟ وما هي كفارة النذر؟ إذ إن هناك العديد من الأسئلة التفصيلية التي تواجه المرء خلال حياته، والتي من أهمها مسائل النذر وأحكامه وقوانينه وكل ما يتعلق به كذلك، وهذا ما سنتعرف عليه بشكل مفصل من خلال موقع القمة.
هل يجوز التصدق بدل صيام النذر
قام الشيخ أحمد شريف النعسان بتوضيح إجابة سؤال هل يجوز التصدق بدل صيام النذر، بأنه لا بد من الوفاء بالنذر في حال كان الشخص قادرًا على الوفاء ولا توجد أسباب تمنعه من ذلك، حيث عن الله تعالى قد مدح الأبرار بقوله {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} [الإنسان: 7].[1]
من قام بنظر صيام أيام أو أشهر ولم يقيد ذلك بالتتابع فيجب عليه حينها الوفاء بهذا النذر، ولا يشترط في حقه التتابع، أما في حال نذر الصيام بشكل متتابع فلا بد من الصوم تتابعًا في هذه الحالة.
نستنتج من هذا أنه لا بد من الصيام ما دمت قادرًا على الصيام، أما في حال كنت عاجزًا عن الصيام لأسباب مثل الشيخوخة أو المرض المزمن، فيجب عليك حينها أن تُطعم مسكين عن كل يوم نذرته، إذا كان نذرك للصوم تتابعًا فوجب عليك كلك التتابع.
اقرأ أيضًا: حكم من نذر الصيام ولم يستطع
ما هو النذر
بعد الاطلاع على إجابة سؤال هل يجوز التصدق بدل صيام النذر، فلا بد من التعرف على ماهية النذر، حيث يمكننا تعريف النذر في معاجم اللغة العربية بأنه مصدر ثلاثي الأحرف من الفعل نذر، بمعنى أنه قد أوجب وألزم، أما في الاصطلاح الشرعي فيعني إلزام المكلف نفسه بشيء ما لا يوجبه أو يلزمه الله تعالى به.
من الجدير بالذكر أن النذر يعد عبادة مكروهة في الإسلام، وكان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يقول عنها عبادة البخلاء، نظرًا لأن النذر هو عبادة مشروطة على الله سبحانه وتعالى، مثل أن يقول الإنسان “لئن شفاني الله تعالى فسوف أفعل كذا” فهو بذلك يشترط على الله عز وجل.
حيث إن التلفظ بالنذر أو الابتداء به يعد مكروهًا، نظرًا لأن المسلم لا يجب أن يشترط على الله سبحانه وتعالى حتى يتقرب إليه، ولكن فقط البخلاء يفعلون ذلك، وفي حال نذر فوجب عليه الوفاء بهذا النذر، وإن عجز عن الوفاء لعارض ما لا بد من انتظار زواله ولا تلزمه حينها الكفارة، وفي حال كان العارض لا يمكن زواله فوجب عليه حينها إتمام كفارة اليمين.
ما هي كفارة النذر
في إطار الإجابة عن سؤال هل يجوز التصدق بدل صيام النذر، فلا بد من الاطلاع على كفارة النذر، حيث إن كفارة النذر مثل كفارة اليمين، فإما أن تكون عتق رقبة أو إطعام عشرة من المساكين أو كسوتهم، ومن لم يتمكن من إيجاد شيئًا من ذلك وجب عليه صيام ثلاثة أيام.
حيث قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم “كفّارة النذرِ كفّارة اليمين” (رواه مسلم)، لذلك ينتقل الناذر من الإيفاء بنذره إلى التكفير عنه بكفارة اليمين في الحالات التالية:
- في حال كان النذر شاقًا ولا يقدر الناذر عليه بالفعل، مثل أن يقول الناذر “لله عليّ أن أصوم الدهر كله”، فلا يجب عليه حينها الوفاء بهذا النذر، ويكره النذر في حقه حينها، ولكن وجب عليه كفارة اليمين.
- في حال كان النذر صيام يومي العيد، فلا يجب عليه حينها أن يفي بهذا النذر، حيث لا يجوز أن يتم الصيام في أيام العيد المباركة وتجب عليها حينها كفارة اليمين.
والدليل على هذا هو قول زياد بن جبير “ كنتُ مع ابنِ عُمَرَ، فسألهُ رجلٌ فقالَ: نذرتُ أن أصومَ كل يومٍ ثلاثاءَ أو أربعاءَ ما عِشتُ، فوافقتُ هذا اليومَ يومَ النَّحرِ، فقالَ: أمَرَ اللهُ بوفاءِ النذرِ، ونُهينا أن نصومَ يومَ النحرِ فأعاد عليه، فقالَ مثلَهُ، لا يَزيدُ عليهِ“.
- في حال كان النذر يتضمن طاعة ومعصية معًا، فلا بد من فعل الطاعة وترك المعصية، ولا يكن عليه حينها كفارة اليمين، والدليل على ذلك هو ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما “بينما النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يخطُبُ إذا هو برجُلٍ قائمٍ في الشَّمْسِ، فسأَل عنه، قالوا: هذا أبو إسرائيلَ نذَر أن يقومَ ولا يقعُدَ ولا يستظِلَّ ولا يتكلَّمَ ويصومَ، قال: مُرُوهُ فليتكلَّمْ وليستظِلَّ وليقعُدْ وليُتِمَّ صومَهُ” [سنن أبي داود].
ما هو حكم النذر
يكون حكم النذر وفقًا لوقوع النذر من الناذر، فبعد أن يتم وقوع النذر من الناذر، فلا بد من الوفاء بهذا النذر في حال كان النذر صحيحًا ومستكملًا الشروط، نظرًا لأن الناذر قد ألزم نفسه بذلك، والدليل على هذا هو قول الرسول محمد صلى الله عليه وسلم “من نذر أن يُطيع الله فليُطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يَعصهِ” [تخريج صحيح ابن حبان].
أما قبل أن يتم وقوع النذر من الناذر فقد اختلف فيها الفقهاء بشأن جواز الإقدام على النذر، وبيان اختلافهم على النحو التالي:
1- الحنفية
اتجه الحنفية إلى أن النذر قربة مشروع في حال كان صحيحًا ومستوفيًا كافة الشروط، وقولهم إنه قربة لأنه نوع من أنواع القرب والعبادات التي يتقرب بها الفرد إلى الله سبحانه وتعالى، وقولهم بأنه مشروع نظرًا لورود النصوص الآمرة بوجوب أن يتم الإيفاء به.
2- المالكية
المالكية ذهبت إلى أن حكم النذر يكون مختلفًا باختلاف نوع النذر، حيث يكون كالآتي:
- النذر المطلق: وهو أن يقوم الشخص بإلزام نفسه قربة، شكرًا وثناءُ لله على حصول نعمة أو دفع نقمة وشر، مثل من نجاه الله سبحانه وتعالى من كرب أو من رزقه الله مالًا.
- النذر المعلق: وهو أن يقوم الشخص بإلزام نفسه قربة يعلقها على حصول شيء ما في المستقبل.
- النذر المكروه: يتمثل في إلزام الشخص لنفسه بفعل شيء مكروه، مثل أن يقول “لله عليّ أن أصوم كل يوم” فحكمه الكراهة، نظرًا لثقل فعله على النفس، إلا أنه لا بد من الوفاء به بعد وقوعه.
3- الحنابلة
اتجه الحنابلة إلى أن النذر مكروه وإن كان طاعة، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عنه بالفعل حيث قال “إنّ النَّذْرَ لا يأتي بخير، وإنما يُسْتَخْرَجُ به من البخيل” [صحيح – متفق عليه]، حيث إن الناذر بنذره لا يمكنه أن يغير ما يقع، ولا إحداث شيء جديد، ولا بد من الوفاء بهذا النذر بعد وقوعه.
اقرأ أيضًا: حكم النذر في هذا المثال نذر علي أن أصوم كل خميس
ما هي شروط النذر
يشتمل النذر على عدة شروط لا بد من استيفائها، والتي تتمثل في النقاط التالية:
- يجب أن يكون الناذر مسلمًا، حيث إن النذر من غير المسلم لا يصح، وإن أسلم صحَ نذره.
- يجب أن يكون الناذر مكلفًا، فالنذر من الصبي أو المجنون غير صحيح.
- يجب أن يكون الناذر مختارًا، حيث إن النذر من المكره لا يصح.
- يجب أن يكون ناطقًا، فالنذر بالإشارة كذلك لا يصح، إلا إذا كانت الإشارة مفهومة.
- يجب أن يكون ناذرًا للتصرف، بمعنى صلاحية المسلم لصدور الفعل منه بشكل يُعتد به شرعًا.
يقوم العديد من المسلمين من كافة أنحاء العالم باستخدام عبادة النذر والتي تعتبر عبادة مكروهة وغير محببة، نظرًا لكونها تشتمل على نوع من أنواع التشرط على الله سبحانه وتعالى.