هل يجوز إطعام ستين مسكين بدل صيام شهرين؟ وما هو مقدار الإطعام في كفارة الظهار؟ حيث ترتبط تلك الكفارة بالظهار الذي يعد من الأمور المحرمة، حيث يشبه الرجل زوجته بأنها مثل أمه ويُحرم عليه مُجامعتها، لذا سنعرض اليوم من خلال موقع القمة حكم الظهار في الإسلام ونجيب عن الأسئلة المطروحة، كما سنتطرق للحديث عما إذا كان الظهار من الكبائر أم لا.
هل يجوز إطعام ستين مسكين بدل صيام شهرين
حكم صيام شهرين أو إطعام ستين مسكينًا ورد في القرآن الكريم في الآية: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ، فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [سورة المجادلة، الآية 3:4].[1]
وقد جاء تفسير هذه الآية الكريمة بأن الله فرض تكفير ذنب الظهار بقيام الزوج بعتق رقبة، وفي حالة عدم وجود ذلك فيكون عليه صيام شهرين متتاليين ومن لم يقدر على ذلك يكون فقط الحل هو اللجوء إلى إطعام ستين مسكين ويشبعهم.
في صدد عرض الإجابة عن السؤال هل يجوز إطعام ستين مسكين بدل صيام شهرين فيجيب الفقهاء حول ذلك بأن ما دام الزوج صحيح ولا يضره شيء يمنعه عن الصيام ولا هو شديد الشهوة أو لا يطيق ترك الجماع فيكون الصيام واجب في هذه الحالة.
أما في حالة مرضه أو عدم تحمله لعدم مجامعة زوجته لشدة شهوته ففي هذه الحالة يتم الانتقال إلى حكم إطعام ستين مسكين وذلك تبعًا لما ورد في الحديث الشريف:
“ ظاهرَ منِّي زَوجي أوسُ بنُ الصَّامتِ فَجِئْتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أشكو إِليهِ ورسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يجادِلُني فيهِ ويقولُ اتَّقي اللَّهَ .. فقالَ يُعتِقُ رقَبةً قالَت لا يَجِدُ قالَ فيَصومُ شَهْرينِ مُتَتابِعَينِ قالَتْ يا رسولَ اللَّهِ إنَّهُ شيخٌ كبيرٌ ما بهِ مِن صيامٍ قالَ فَليُطعِمْ ستِّينَ مِسكينًا” [صحيح بن داود].
يكون الإطعام في يوم واحد أو على أيام مختلفة، وتجوز في حال إعطاء الطعام نيئًا أو مطبوخًا، فعند طهويه ومنحه للمساكين أو شراء واجبات جاهزة كما إذا قام بإعطائهم كيلو من الأرز أو ما يعادل الوجبة ولكن دون طهي.
اقرأ أيضًا: حكم صيام دين رمضان في شعبان
مقدار الإطعام في كفارة الظهار وكيفيته
الإطعام في كفارة الظهار هو ستين مسكينًا، وذلك سواء بالإطعام في يوم واحد أو أيام مختلفة، وكما أوضحنا في السابق يجوز إطعامهم نيئًا أو مطبوخًا.[2]
فمن العلماء من قال إن يجوز إعطاء كيلو ونصف من الأرز لكل مسكين وغيرهم من قال إن يجزئ مُدٌ وهو 750 جرام بالتقريب، وقد جاء في مقدار الإطعام عدة أقوال أخرى وجاءت كالتالي:
- قال ابن قدامة رحمه الله: “أن قدر الطعام في الكفارات كلها مد من بر لكل مسكين، أو نصف صاع من تمر أو شعير“. وممن قال: مد بر زيد بن ثابت، وابن عباس، وابن عمر. حكاه عنهم الإمام أحمد، ورواه عنهم الأثرم، وعن عطاء، وسليمان بن موسى.
- قال سليمان بن يسار: “أدركت الناس إذا أعطوا في كفارة اليمين، أعطوا مدا من حنطة بالمد الأصغر” مد النبي – صلى الله عليه وسلم-.
- قال عطاء، والأوزاعي، والشافعي؛ لما روى أبو داود، بإسناده عن عطاء: “عن أوس بن أخي عبادة بن الصامت، أن النبي – صلى الله عليه وسلم – أعطاه، يعني المظاهر، خمسة عشر صاعا من شعير، إطعامَ ستين مسكينا“.
- قال الأثرم، بإسناده عن أبي هريرة في حديث المجامع في رمضان: “إن النبي – صلى الله عليه وسلم – أتي بعَرَق فيه خمسة عشر صاعا، فقال: خذه وتصدق به”.
- قال مالك: “لكل مسكين مدان من جميع الأنواع“.
- قال مدان من قمح؛ مجاهد، وعكرمة، والشعبي، والنخعي: “لأنها كفارة تشتمل على صيام وإطعام، فكان لكل مسكين نصف صاع، كفدية الأذى“
حكم قطع صيام شهرين متتالين
في حالة أن يكون عليه صيام شهرين متتالين ككفارة للذنب ومن ثمَّ يتم قطع صيامه لعذر شرعي كالمرض، ففي هذه الحالة يُمكن إكمال صيام الشهرين بعد زوال المرضي ولا إعادة عليه وصومه صحيح.[3]
أما في حالة أن يتم قطع صيام الشهرين بسبب عذر غير شرعي ففي هذه الحالة يكون من الضروري إعادة الشهرين مرة أخرى (أي ستين يومًا مرة أخرى) وهذا تبعًا لما ورد في الآيات والأحاديث النبوية، ولا يُمكن صوم أقل من ستين يومًا إلا ثبت نقص الشهر بالبينة الشرعية.
هل الظهار من الكبائر؟
يعتبر الظهار منكر ووزر، والمنكر في الإسلام هو ما تنكره الحقيقة والشرع والزور هو الكذب والباطل، وقول المنكر والزور هو أحد أكبر الكبائر، وعلى من فعل ذلك أن يتوب إلى الله عز وجل ويتبع ما أمر به من عتق رقبة أو صيام أو إطعام مساكين بالأحكام السابق ذكرها.[4]
اقرأ أيضًا: حكم من نذر الصيام ولم يستطع
هل الظهار يعتبر طلاق؟
يطرح بعض المسلمين سؤالًا هل الظهار يعتبر طلاقًا؟، حيث إن في الجاهلية كان يتم اعتبار الظهار طلاق، وقد أجمع العلماء على أن الله عز وجل جعل الظهار ظهارًا واضحًا وبيّن حكمه، ولكن جاء الحكم بأنه مُحرم ويجوز فيه الكفارة ولا يقع بسببه الطلاق، وقد أبطل الله عز وجل أعمال الجاهلية.
أما في حالة قول أي لفظ من ألفاظ الطلاق كقول “أنتِ طالق” وهو ينوي الظهار، ففي هذه الحالة لا يصير ظهارًا بل يقع الطلاق طالما قال لفظ الطلاق صريحًا، فصراح الطلاق لا يمكن أن ينتقل إلى معنى آخر.
سؤال هل يجوز إطعام ستين مسكين بدل صيام شهرين فتح أمامنا العديد من التساؤلات، وقد أوضحنا حكم إطعام ستين مسكين في الظهار، وحكم قطع صيام شهرين، وغيرها من الأمور التي تتعلق بالظهار وأحكامه.