ما هي ليلة الْقَدْرِ ولماذا سميت بهذا الاسم؟ فتلك الليلة من أعظم الليالي التي ذكرها الله تعالى في كتابه العزيز لما لها من فضل كبير ومكانة عظيمة على المسلمين في كافة بقاع الأرض، لذا يجب على كل مسلم الإلمام بكافة تفاصيلها لنيل الثواب والفوز بالعتق من النار والمغفرة، وهذا ما سنتناوله من خلال موقع القمة.
ما هي ليلة الْقَدْرِ ولماذا سميت
أصطفى الله ليلة القدر من بين جميع الليالي ليُنزل فيها القرآن على عبده ونبيه مُحمد عليه أفضل الصلاة والسلام وهي ليلة القدر، وسنعرض لكم في التالي ما هي ليلة الْقَدْرِ ولماذا سميت بهذا الاسم.[1]
للرد على الجزء الأول من سؤال ما هي ليلة الْقَدْرِ ولماذا سميت بهذا الاسم، فقد أنزل الله في ليلة القدر سورة كاملة وهي سورة القدر، ويقول تعالى فيها:
- {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} (1) والمُنزل هنا هو القرآن الكريم وهي الليلة المُباركة التي تحدث عنها الله بقوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ۚ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ} [الدخان:3]، بينما الدليل على أن ليلة القدر في رمضان قله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ…} [البقرة:185].
- {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ} (2) وهُنا يُعظم الله من شأن هذه الليلة.
- {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} (3) يوضح لنا الله فضل العبادات في ليلة القدر بأنها تكون كعبادات ألف شهر بل وأفضل، كما ورد في الحديث النبوي قول رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام: “ مَن قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ، ومَن صَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ ” [أبو هريرة – حديث صحيح]، مما يؤكد على أهمية العبادة في تلك الليلة.
- {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ} (4) أي تكثر فيها الملائكة بأمر من الله تعالى، كما يدل الحديث الشريف على كثرة عددهم لدرجة شبههم بالحُصي: “أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ في ليلةِ القدرِ إنَّها ليلةٌ سابعةٌ أو تاسعةٌ وعشرينَ إنَّ الملائكةَ تلكَ اللَّيلةَ في الأرضِ أكثرُ من عددِ الحصى” [أبو هريرة – حديث رجاله ثقات] على كثرة الملائكة في هذه الليلة.
- {سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ} (5) وهي ليلة يعم فيها السلام والراحة والخير حتى تنتهي بطلوع الفجر.
سبب تسمية ليلة القدر بهذا الاسم
للرد على الجزء الثاني من سؤال ما هي ليلة الْقَدْرِ ولماذا سميت بهذا الاسم؟ فكلمة القدر تعني القضاء وهو قضاء الله وأمره على عباده فالقدر هو المبلغ في الشرع، وقيل إن القدر هو تساوي الشيء مع غيره، واختلف العلماء في آرائهم التي تخص سبب تسمية ليلة القدر بهذا الاسم، وسنوضح لكم في الآتي الآراء المُتفاوتة والمختلفة عن سبب التسمية:
- يقول بعض العلماء إنها سُميت بهذا الاسم للكناية عن الليلة التي أُنزل فيها القرآن الكريم أنها كانت ليلة ذات قدر، كما أنه أُنزل على نبينا مُحمد عليه أفضل الصلاة والسلام.[2]
- كما أن القرآن المُنزل كان من خلال ملكًا ذي قدر وهو جبريل عليه السلام، وتأتي ليلة القدر في كل عام للشفاعة عن الأمة صاحبة القدر التي أختارها الله ليُنزل عليها هذا الكتاب.
- من أقوى الآراء عن سبب تسمية هذه الليلة بليلة القدر هو قول الله في كتابه العزيز: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر:1]، كذلك يُرجع البعض سبب التسمية إلى الشرف والقدر الذي يحصل عليه المُسلم في هذه الليلة.
- بينما يقول البعض أن هذا الاسم أتى من الضيق حيث أن الأرض تُصبح ضيقة من ازدحامها بالملائكة حيث “أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ في ليلةِ القدرِ إنَّها ليلةٌ سابعةٌ أو تاسعةٌ وعشرينَ إنَّ الملائكةَ تلكَ اللَّيلةَ في الأرضِ أكثرُ من عددِ الحصى” [أبو هريرة – حديث رجاله ثقات وهو يندرج تحت الصحيح].
- بناءً على قوله تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان:4] يُرجح البعض أنها سُميت بهذا الاسم لأن الله يُطلع الملائكة على ما قدره لعباده، ويري البعض الآخر أنها سُميت بهذا الاسم لما يكون في هذه الليلة من قدر لأجر العبادات.
اقرأ أيضًا: دعاء ليلة القدر لقضاء الحاجة
الأقوال المأثورة عن ليلة القدر
نعرض لكم في التالي بعض الأقوال عن ليلة القدر وسبب تسميتها بهذا الاسم:
الخليل بن أحمد | إنه من الضيق أي هي ليلة تضيق فيها الأرض عن الملائكة الذين ينزلون، بينما يشهد له قول الله تعالى: {…وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ…} [الطلاق:7] |
ابن قتيبة | إن القدر بمعنى القَدَر؛ أي يقدر فيها أحكام تلك السنة |
عنها ابن عباس والكثير غيره | إن الله تعالى أنزل القرآن فيها جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من السماء الدنيا، ثم نزل مفصلا بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة على رسول الله صلى الله عليه وسلم |
اقرأ أيضًا: دعاء ليلة القدر للشيخ ادريس ابكر
علامات ليلة القدر
تكون ليلة القدر في العشرة الأواخر من شهر رمضان المُبارك الدليل على ذلك في الحديث الشريف: “ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَالَ: التَمِسُوهَا في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ لَيْلَةَ القَدْرِ، في تَاسِعَةٍ تَبْقَى، في سَابِعَةٍ تَبْقَى، في خَامِسَةٍ تَبْقَى” [عبد الله بن عباس – حديث صحيح]، بينما تكون أشهر علاماتها إسنادًا على قول رسول الله في الأحاديث التالية:
- “…أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ في صَبِيحَةِ يَومِهَا بَيْضَاءَ لا شُعَاعَ لَهَا“ [أبي بن كعب – حديث صحيح].
- “ليلةُ القدْرِ ليلةٌ سمِحَةٌ، طَلِقَةٌ، لا حارَّةٌ ولا بارِدَةٌ، تُصبِحُ الشمسُ صبيحتَها ضَعيفةً حمْراءَ” [عبد الله بن عباس – حديث صحيح].
يُمكنك إضافة البركة لعباداتك في هذه الليلة بصلاة التراويح والاعتكاف في المسجد وقيام الليل، اسأل الله العفو والمغفرة في هذه الليلة بدعاء جميل مثل: اللهم إنك تُحب العفو فأعفُ عنا.