كيف نستقبل شهر رمضان؟ وما هي آداب الصيام في شهر رمضان؟ فهذا الشهر من الشهور العظيمة ولذا يستوجب على كل شخص أن يُحضر استعدادًا للشهر المُبارك وأن يستجمع آداب الصيام اللازمة، ومن خلال موقع القمة سنوضح كل هذا بشيء من التفصيل.
كيف نستقبل شهر رمضان
كان من عادة السلف رضوان الله عليهم أن يستقبلوا شهر رمضان منذ دخول شهر رجب، حيث يبتهلوا إلى الله -عز وجل- قائلين “اللهم بارك في رجب وشعبان وبلغنا رمضان” ويردد المسلمون “اللهم بلغنا رمضان في خير وإحسان وإنعام يارب العالمين”.[1]
على كل مسلم أن يستقبل شهر رمضان بشوق الانتظار ولهفة المُستغيث، حيث يأتي شهر رمضان كمنحة للأمة الإسلامية، يتم الاحتفال به ككونه هدية إلهية، وقد تم إثبات أن جميع الكتب السماوية قد أُنزلت في شهر رمضان، وكلفنا الله عز وجل بصيام هذا الشهر المبارك، وأمرنا بكثرة فعل الخيرات والأعمال الصالحة؛ لإثبات معاني الخير والدين في أنفسنا، حيث إن المُسلم يصوم النهار ويقوم الليل ويتلو الكتاب ويُطعم الإخوان.
لا يوجد أي أمة أخرى على وجه الأرض سوى الأمة الإسلامية رجالًا ونساءً.. كبارًا وصغارًا.. شيوخًا وشبابًا في المساجد إلا وتستمع إلى القرآن الكريم وتقرأه وتحفظه وتتلوه في شهر رمضان المبارك، فالأمة الإسلامية كافة تستقبل هذا الشهر الكريم بالنية الصادقة والشوق للعبادة وتستشعر عظمة الله سبحانه وتعالى برمضان.
كما يُمكن استقبال شهر رمضان بالتحضير للعبادات من الصيام والقيام وقراءة القرآن والذكر والدعاء، فرمضان لا يُمكن أن يكون موسم للتبطل والتعطل وإنما هو شهر للحماس والنشاط في سبيل الله عز وجل، تتهذب فيه النفس البشرية وتتقرب إلى الله، وتعزز لديها التقوى والإيمان.
من الضروري أيضًا أن يجدد كل مُسلم نيته وعمله، والحرص على جعل هذا الشهر مناسبًا لأعمال الخير والبركات، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُدارس جبريل عليه السلام في شهر رمضان، وبمجرد أن يتركه جبريل يكون أجود بالخير من الريح المُرسلة.
يجب أن يكون رمضان موسم للتربية الأخلاقية فالذين يدخنون يثورون على الناس بحجة أن الناس هم السبب في الثورة، وذلك مخالفة للإسلام من حيث النص والروح، وينبغي على المُسلم أن يكون هادئ ومُطمئن في رمضان فيستقبل الشهر وهو مُسالم وبلسانٍ نظيف خالٍ من السب.
وإذا حاول أحد أن يجره إلى الخطأ فعليه أن يقول إني صائم ولا يتبادل معه هذا السب، وذلك لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “الصيامُ جُنَّةٌ، فإذا كان أحدُكم صائمًا فلا يَرفُثْ ولا يَجهلْ، فإنِ امْرُؤٌ شاتَمَه أو قاتَلَهُ فَليَقُلْ إنِّي صائمٌ” حديث صحيح، رواه أبو هريرة.
اقرأ أيضًا: هل يجوز صيام رمضان بدون صلاة؟
آداب الصيام في شهر رمضان
في سياق الإجابة عن سؤال كيف نستقبل شهر رمضان 2024؟ نجد أن هناك مجموعة من الآداب والسنن التي يجب مراعتها في شهر رمضان، وتلك الآداب تأتي على النحو التالي:
1- آداب السحور
من ضمن ما يجب معرفته في ضوء عرض إجابة سؤال كيف نستقبل شهر رمضان، هو أن تتأدب الأمة الإسلامية بآداب الصيام والتي من ضمنها السحور، حيث إن تناول السحور من الأمور المُستحبة، ولا يوجد إثم على تاركه.
وقد جاء حديث شريف عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال فيه: ” تَسَحَّرُوا؛ فإنَّ في السَّحُورِ بَرَكَةً.” صحيح البخاري، كما جاء حديث ” أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وزَيْدَ بنَ ثَابِتٍ: تَسَحَّرَا فَلَمَّا فَرَغَا مِن سَحُورِهِمَا، قَامَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى الصَّلَاةِ، فَصَلَّى، قُلْنَا لأنَسٍ: كَمْ كانَ بيْنَ فَرَاغِهِما مِن سَحُورِهِما ودُخُولِهِما في الصَّلَاةِ؟ قالَ: قَدْرُ ما يَقْرَأُ الرَّجُلُ خَمْسِينَ آيَةً.” صحيح البخاري.
بالإضافة إلى ذلك جاء قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضًا: ” فَصْلُ ما بيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الكِتَابِ، أَكْلَةُ السَّحَرِ.” صحيح مُسلم.
2- تعجيل الفطر
من المُستحب ومن السُنة النبوية أن يعجل الصائم الفطر، وذلك لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “لا يزالُ النَّاسُ بخيرٍ ما عجَّلَ النَّاسُ الفطرَ، لأنَّ اليهودَ والنَّصارَى يُؤخِّرونَ” صحيح الترغيب، والجدير بالذكر أن من الأفضل أن يكون الفطر على عدد وتر من الرطبات، وفي حالة عدم وجود رطبات فعليه بالماء، وقد جاء في هذا الأمر قول أنس بن مالك رضي الله عنه حيث قال: “كان إذا كان الرُّطَبُ لم يُفْطِرْ إلَّا على الرُّطَبِ، وإذا لم يكن الرُّطَبُ لم يفطرْ إلَّا على التمرِ” صحيح الجامع.
3- الدعاء عند الإفطار وأثناء الصيام
قد جاء في أمر الدعاء عند الإفطار قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ” ثلاثةٌ لا تُردُّ دعوتُهم الصَّائمُ حتَّى يُفطرَ والإمامُ العادلُ ودعوةُ المظلومِ يرفعُها اللهُ فوق الغمامِ وتُفتَّحُ لها أبوابَ السَّماءِ ويقولُ الرَّبُّ وعزَّتي لأنصُرنَّك ولو بعد حينٍ” حديث صحيح.
4- تجنب ما يتنافى مع الصيام
الصيام واحدة من أفضل العبادات التي فرضها الله عز وجل على المُسلم لتهذيب النفس وتعويدها على الخيرات، ولهذا فيجب على المُسلم أن يقوم بفعل الخيرات ويمتنع عن الوقوع في المنكرات والأمور التي تقلل من ثواب صومه، وذلك لينتفع بثواب الصيام بالكامل، كما جاء في قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [سورة البقرة: الآية 183].
وقد جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ليس الصيامُ من الأكلِ والشربِ، إنما الصيامُ من اللَّغوِ والرفَثِ، فإن سابَّك أحدٌ أو جهِل عليك فقل: إني صائمٌ، إني صائمٌ لا تُسابِّ وأنت صائمٌ، وفي رواية: فإن سابَّك أحدٌ فقل: إني صائمٌ، وإن كنتَ قائمًا فاجْلِسْ” صحيح الترغيب.
كما جاء قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ربَّ صائمٍ ليسَ لَه من صيامِه إلَّا الجوعُ وربَّ قائمٍ ليسَ لَه من قيامِه إلَّا السَّهرُ” صحيح بن ماجه.
5- قراءة القرآن ومدارسته
في إطار عرض كيف نستقبل شهر رمضان، نجد أن مُدارسة القرآن الكريم في رمضان من الأمور المُستحبة في كل وقت، ولكن يزداد ثوابها بصفة خاصة في رمضان، وقد ذُكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الرسول كان أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حيث يلقاه جبريل عليه السلام، وكان يلقاه في كل ليلة من ليال رمضان ويُدارسه القرآن.
اقرأ أيضًا: حكم صيام دين رمضان في شعبان
6- الاجتهاد في العشر الأواخر من رمضان
من الضروري على كل مُسلم أن يجتهد في العبادة في العشر الآواخر من شهر رمضان حيث قد تكون ليلة القدر في أي ليلة منهم، إلى جانب أن آخر شهر رمضان عتق من النار ويتسارع العباد لأداء أفضل العبادات والثبات عليها كما بدأوا الشهر، وجاء حديث شريف يقول: “كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إذَا دَخَلَ العَشْرُ، أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ المِئْزَرَ.” صحيح مُسلم.
معرفة آداب شهر رمضان من الأمور المهمة التي يجب على كل مسلم معرفتها، كما يلزم عليه أن يكون على دراية بكيفية استقبال الشهر الكريم والاستعاداد للعبادة فيه، وهذا بالكاد ما تم إيضاحه.