ما هو حكم الكلام الفاحش بين الزوجين وحكمه في نهار رمضان؟ وما هو حكم الاستمناء في نهار رمضان؟ نظرًا إلى أن رمضان من الشهور التي يرغب الإنسان في التعبد بها والحصول على أكبر قدر من الحسنات مع التخلي عن مُبطلات الصيام وما ينقص من أجره، فنجد الكثير من التساؤلات حول هذا الأمر، وسنحرص كل الحرص اليوم من خلال موقع القمة على عرض الإجابات الدقيقة لتلك الأسئلة.
حكم الكلام الفاحش بين الزوجين وحكمه في نهار رمضان
حكم الكلام الفاحش بين الزوجين وحكمه في نهار رمضان يختلف على حسب ما يترتب عليه، وفيما يلي سنعرض ما جاء في هذه المسألة:
1- حكم الكلام الفاحش بين الزوجين في نهار رمضان مع عدم الإنزال
في هذه الحالة يكون الكلام لم يؤد إلى الإنزال، وبهذا يكون هذا الفعل من مكروهات الصيام، ولكن الصيام مع ذلك صحيح، وجاء في الحديث “ أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: الصِّيَامُ جُنَّةٌ فلا يَرْفُثْ ولَا يَجْهلْ، وإنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِن رِيحِ المِسْكِ. يَتْرُكُ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ وشَهْوَتَهُ مِن أجْلِي الصِّيَامُ لِي، وأَنَا أجْزِي به والحَسَنَةُ بعَشْرِ أمْثَالِهَا.” صحيح البخاري.[1]
اقرأ أيضًا: حكم سماع الأغاني بدون موسيقى
2- حكم الكلام الفاحش بين الزوجين في نهار رمضان مع الإنزال
أما في هذه الحالة يحدث الإنزال بمجرد تبادل الكلام الفاحش، وفي هذه الأمر يكون الفعل مُحرم، ويجب على الزوجين التوبة النصوحة منه، فلا يوجد كفارة له غير التوبة، وأما عن صحة الصوم فيذهب قول الحنفية والشافعية إلى صحته، وذلك لأن الحنفية يصححون صوم من أنزل بالنظر، والحديث هنا أخف من النظر، ولكنهم لا يبطلون الصيام في حق من فكر فأنزل، والفكر مع الحديث في هذه المسألة يرتقي إلى النظر، وجاءت أقوال الفقهاء في هذا الأمر كالتالي:
- قول الإمام النووي (المذهب الشافعي): أن إذا نظر الرجل إلى فرج المرأة فأنزل فيكون صومه تام طالما لم يمسها، والنظر هنا يكون كالتفكير، فهو مقصور عليه وغير متصل بها، كما أن لو فكر الرجل في جمال المرأة فأنزل فإن صومه لم يفسد.
- قول الإمام السرخسي (المذهب الحنفي): أن إذا نظر الرجل إلى المرأة وتلذذ فأنزل فلم يفطر سواء قام بتكرار النظر أم لا، وهذا لا خلاف عليه في هذا المذهب، إلا وجهًا شاذ حكاه السرخسي في الأمالي بإبطال الصيام إذا كرر النظر.
- قول الإمام البهوتي (المذهب الحنبلي): أن لو كرر الرجل النظر إلى المرأة؛ فأنزل يفطر لأنه قام بذلك نتيجة التلذذ وهذا يشبه الإنزال باللمس، أو لم يكرر النظر فأمنى أي لا فطر، وذلك لعدم إمكان التحرز من نظرته الأولى، وقد قيل في دقائق أولى النهي أن لو فكر فأنزل لم يفسد صومه لأنه لم يباشر الزوجة، ولا نظر أشبه الاحتلام والفكرة الغالبة، ولا يُمكن أن يتم قياسه على المُباشرة والنظر لأنه دون ذلك.
- قول المذهب المالكي: عدم صحة الصيام لأن التفكير والحديث والنظر يبطلون الصيام لمن استدام الفكر فتلذذ حتى أنزل المذي، ويتم اعتبار ذلك بنفس منزلة من أنزل قصدًا، وإذا كان هذا في الفكر فيكون الفكر مع الحديث المثير أولى.
الاستمناء في نهار رمضان
في صدد عرض حكم الكلام الفاحش بين الزوجين وحكمه في نهار رمضان، نستعرض حكم الاستمناء، حيث قد يرتبط الفعلين في سؤال أحد الأزواج بأن: “ما حكم تبادل الكلام الفاحش بين الأزواج في الهاتف مع مداعبة الفرج -أي الاستمناء-؟ ” وجاء الرد على هذا السؤال من المشايخ والفقهاء بأن الاستمناء مُحرم في نهار رمضان وفي أي وقت.
كما أضافوا أن الاستمناء في نهار رمضان مُفسد للصوم وذلك في مذاهب عموم الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى جانب الحنفية، حيث إن الإيلاج دون إنزال مفطر وبهذا يكون الإنزال بشهوة من باب أولى أن تكون مُفطرة، واختلف العلماء فيما إذا كان هناك كفارة مع القضاء أم عليه القضاء دون الكفارة؛ على من فعل ذلك.
وفي مسألة الكفارة ذهب المالكية وهو قول الحنابلة إلى أن عليه كفارة الجماع مع القضاء، ولكن ذهبت الحنفية والشافعية وهو قول ثانٍ للحنابلة أن ليس عليه كفارة وكل ما عليه هو القضاء فقط.
اقرأ أيضًا: حكم من نذر الصيام ولم يستطع
حكم الكلام الفاحش بين الزوجين في الفراش
بعد أن عرضنا حكم الكلام الفاحش بين الزوجين وحكمه في نهار رمضان، سنوضح حكم الكلام الفاحش بين الزوجين في الفراش بشكل عام سواء في مدة الإفطار أو خارج شهر رمضان.
نجد أن عبر القرآن الكريم عن العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة بالرفث، حيث إن الرفث عن العرب هو الجماع أو ما يقع من حديث بين الزوجين عن العلاقة الحميمة، وهذا الأمر مُباح للزوجين حيث لا يوجد أي نص قرآني أو حديث شريف يُحرم ذلك، ولا يتم تحريمه إلا في حالة وجود الزوج أو الزوجة مِحرمًا في حج أو عمرة.
لكن من الضروري أن يراعي الأزواج السب أو الشتم فليس من أخلاق المسلم أن يكون سباب أو لعان، كما أنه من الضروري أن يتم منع وصول هذا الحديث إلى مسامع الأبناء أو أي شخصٍ كان.
إلى جانب ذلك نجد أنه يختلف حكم الكلام الفاحش على حسب المقصود، فإذا كان المقصود من الكلام الفاحش هو الحديث عن الجماع أو وصف المرأة أو الرجل فيكون هذا من الأمور المباحة بين الزوجين، وهو من الرفث المنهي عنه في حال الإحرام، ولكن إذا كان المقصود من الكلام الفاحش هنا هو استخدام كلمات السب والشتم، فيكون ذلك من المحرم عند الجماع أو في غيره من المواقف.
حيث جاء فيما يخص الكلام الفاحش (بالمقصود السيئ) حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن: ” ليسَ المؤمنُ بالطَّعَّانِ ولا اللَّعَّانِ ولا الفاحشِ ولا البَذيءِ” صحيح الترمذي، كما جاء عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” ما شيءٌ أثقَلَ في ميزانِ المؤمِنِ يومَ القيامَةِ من خُلُقٍ حسنٍ، فإِنَّ اللهَ تعالى يُبْغِضُ الفاحِشَ البذيءَ” صحيح الجامع.
نود أن ننوَّ إلى أن الأصل في الآداب الإسلامية هو ما كان يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم مع زوجاته، حيث لم يرد عنه أنه فعل هذا الأمر مع أحد زوجاته الطاهرات رضي الله عنهن، ولكن بشكل عام لم يرد الكلام الفاحش عن العلاقة الحميمة بين الأزواج من ضمن المحرمات، ومن تكلم بهذا الكلام في إطار الزوجية لا يوجد إثم عليه ولا يؤاخذه الله تعالى.
الكلام الفاحش بين الأزواج في نهار رمضان من الأمور المكروهة ما دام لم يتسبب في الإنزال، أما في حال تسببه في الإنزال فيكون مُحرمًا وليس مبطلًا للصيام، أما الكلام الفاحش فيما يخص العلاقة الحميمة بين الأزواج بشكل عام بعيدًا عن رمضان أو في وقت الإفطار فهو غير محرم.