ما هو حكم مشاهدة المسلسلات في رمضان بعد الافطار؟ وما هو أثر مشاهدة الأفلام الإباحية في ليل رمضان؟ نظرًا إلى أن المسلسلات وغيرها من المحرمات قد تشد العبد للوقوع بها في رمضان، فسنتعرف اليوم من خلال موقع القمة على حكم مشاهدة تلك المسلسلات في رمضان بالإضافة إلى تقديم بعض النصائح للعباد في رمضان.
حكم مشاهدة المسلسلات في رمضان بعد الافطار
حكم مشاهدة المسلسلات في رمضان بعد الافطار لا يبطل الصيام، ومعنى ذلك أنه لا يستوجب على مشاهدها أن يقضي صوم الأيام التي شاهد فيها مسلسلات، ولكن مشاهدتها قد تنقص من أجر الصيام كما أنه في بعض الأحيان قد تذهب أجر الصيام بالكامل، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “ربَّ صائمٍ ليسَ لَه من صيامِه إلَّا الجوعُ وربَّ قائمٍ ليسَ لَه من قيامِه إلَّا السَّهرُ” صحيح ابن ماجه.[1]
المعنى في هذا الحديث أن صوم من يشاهد المسلسلات ليس له قبول عند الله ولا ثواب له، ومشاهدة المسلسلات في رمضان تدل على أن من قام بالمشاهدة لم يحقق الغاية التي فرضها الله عز وجل من الصيام، وهي تحقيق تقوى الله، وذلك لما ورد في الآية الكريمة: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” [سورة البقرة: الآية 183].
إذن يُمكن القول إن من شاهد تلك المسلسلات في نهار رمضان أو في ليله (بعد الإفطار) لم يحقق الغاية من شهر رمضان وهي الصيام والتعبد والتقرب إلى الله -عز وجل-، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “من لم يدَعْ قولَ الزُّورِ والعملَ بِهِ، فليسَ للَّهِ حاجةٌ بأن يدَعَ طعامَهُ وشرابَهُ” صحيح الترمذي.
يُذكر أنه إذا خلت المسلسلات من المُحرمات، ففي هذه الحالة لا بأس من مشاهدتها، ولكن ينبغي أن يكون الهدف من مشاهدة تلك المسلسلات هو هدف نبيل يساعد على إصلاح المجتمع وتقوية القيم الأخلاقية به، وذلك بدلًا من أن يكون سبب في الانحطاط والتفكك وسلخه من القيم الإسلامية.
أثر مشاهدة المسلسلات في رمضان
في إطار عرض حكم مشاهدة المسلسلات في رمضان بعد الافطار، يقول الله عز وجل في كتابه الكريم (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن)، ولسان حال العباد يوحي بأنهم ينتظرون شهر رمضان لما يُعرض فيه من مسلسلات، وغالب هذه المسلسلات لا يخلو من التبرج والاختلاط والمحرمات إضافة إلى العزف وكلمات الإغراء وارتكاب الفواحش، وغير ذلك من فعل الأمور المُحرمة، وقد تنطوي بعض المسلسلات أحيانًا على سلخ المجتمع من هويته الإسلامية، وهذه الأمور لا يجوز مشاهدتها في رمضان أو غيره.[2]
لكن يُمكن القول إن شدة الذنب تزداد في الأوقات الفاصلة وفي مواسم الخير والتي من أعظمها شهر رمضان المبارك، كما يتم اعتبار أن من يفعل ذلك لا يستجيب إلى نداء الله الكريم الذي وكل به من يُنادي على العباد، وأوحى إلى رسول الله ليخبرنا به، وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن:
“إذا كان أولُ ليلةٍ من شهرِ رمضانَ صُفِّدَتِ الشياطينُ ومَرَدةُ الجنِّ، وغُلِّقتْ أبوابُ النارِ فلم يُفتحْ منها بابٌ، وفُتِّحَتْ أبوابُ الجنةِ فلم يُغلقْ منها بابٌ، ويُنادي منادٍ كلَّ ليلةٍ: يا باغيَ الخيرِ أقبلْ، ويا باغيَ الشرِّ أقْصرْ، وللهِ عتقاءُ من النارِ، وذلك كلَّ ليلةٍ” صحيح الجامع.
من القبيح أن يغفل العبد عن استثمار تلك الأوقات النفيسة وأن يقوم بإضاعتها دون فائدة حتى وإن كان ذلك مُباحًا، والصوم لا يقتصر على ترك الطعام والشراب والجماع فقط، ولكن على العبد أن يصوم بجوارحه أيضًا بمعنى أن يصوم القلب عن المقاصد السيئة والخبيث من النوايا وعن أي شيء يغضب الله.
اقرأ أيضًا: أحكام الصيام في القرآن
أثر مشاهدة الأفلام الإباحية ليلًا على الصيام
شرع الله عز وجل الصيام لكي تتهذب النفوس وتقترب من الله عز وجل وتتقيه، ومشاهدة الأفلام الإباحية وهذه القذورات من الأمور التي تتنافى مع أخلاق المسلم والحكمة التي شرع الله عز وجل الصوم من أجلها وهي الإيمان والتقوى، ولا شك من أن مشاهدة الأفلام الإباحية بشكل عام من أشد المحرمات سواء كانت ليلًا أو نهارًا، ولكنها في رمضان تكون أشد حرمة، حيث من يقوم بفعل ذلك ينتهك حرمة الشهر الكريم، ويخالف الله عز وجل في مقصوده من شرعية الصيام.
الجدير بالذكر في هذه المسألة أن من يشاهد الأفلام الإباحية بالتأكيد سيتأثر صومه، حتى وإن كان يشاهدها ليلًا، وإن كان المقصود بتأثر الصيام هنا هو البطلان، فنقول إن التأثر ليس بالبطلان، حيث إن مشاهدة هذه الأفلام لا يُبطل الصوم ولكنه لن يستفيد من صومه شيء سوى الجوع والعطش.
جاء بخصوص هذا الأمر قول ابن حجر في فتح الباري: “قَالَ الْبَيْضَاوِيّ: لَيْسَ الْمَقْصُود مِنْ شَرْعِيَّةِ الصَّوْمِ نَفْس الْجُوعِ وَالْعَطَشِ, بَلْ مَا يَتْبَعُهُ مِنْ كَسْرِ الشَّهَوَات وَتَطْوِيعِ النَّفْسِ الْأَمَّارَةِ لِلنَّفْسِ الْمُطْمَئِنَّةِ, فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ لَا يَنْظُرُ اللَّه إِلَيْهِ نَظَر الْقَبُولِ“، وتلك الأفلام الإباحية حتى وإن لم يكن لها تأثير مباشر على الصوم، فإن فيها إثم كبير وذنوب كثيرة، وستأتي تلك الذنوب في ميزان العبد يوم القيامة وينقُص في مقابلها العديد من الحسنات إن لم يتب فاعلها منها.
إلى جانب ذلك نود أن نذكر أن من يشاهد هذه الأفلام قد يُعاني من نقص كبير في التقوى، وعلى الأغلب يقوم بإطلاق النظر إلى النساء في نهار رمضان، ومن الوارد أن تشتد شهوته في إحدى المُحرمات كالاستمناء ومجامعة الزوجة في نهار رمضان، مما يجعله يرتكب إثم عظيم يستوجب عليه الكفارة، حيث إن فعل المعصية يجر إلى فعل معصية أخرى.
جاء بشأن أن المعاصي تجر غيرها قول ابن القيم في كتاب الداء والدواء: ” أن المعاصي تزرع أمثالها وتولد بعضها بعضا حتى يعز على العبد مفارقتها والخروج منها، كما قال بعض السلف: إن من عقوبة السيئة السيئة بعدها وأن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها ولا يزال يألف المعاصي ويحبها ويؤثرها حتى يرسل الله إليه الشياطين فتأزه إليها أزا” لذا من الضروري على من يشاهد هذه الأفلام أن يمتنع عنها سواء كان ذلك في رمضان أو في غيره، ومن قام بفعل ذلك عليه أن يتوب إلى الله ويستغفرله ليبدل سيئاته إلى حسنات.
على العبد أن يكون حسن الظن بالله ويعلم بأن الله سيغفر له، فالله عز وجل رحيم بعباده، ويقول في كتابه الكريم: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [سورة الزمر: الآية 53].
اقرأ أيضًا: مبطلات الصيام في القرآن
نصائح رمضانية
بعد أن تعرفنا على حكم مشاهدة المسلسلات في رمضان بعد الافطار، سنعرض في النقاط التالية بعض النصائح للصائمين في رمضان:
- على الإنسان أن يخاف الله ويتقيه حق تُقاته، حيث إن التقوى هي الثمرة المرجوة وراء الصوم.
- تجنب كل ما يغضب الله عز وجل وذلك سواء من خلال ارتكاب الأقوال أو الأفعال.
- الابتعاد عن الغيبة والنميمة ومشاهدة كل ما حرمه الله من صور النساء والأفلام والمسلسلات التي تشتمل على الاختلاط والفجور.
الصوم فريضة على كل مسلم بالغ عاقل، وعلى الإنسان ألا يُفسده بفعل المُحرمات وكل ما يلهو عن اغتنام هذا الشهر الكريم ونيل أكبر قدر من الحسنات والقيام بكافة العبادات المتاحة، وقد لا يجوز مشاهدة المسلسلات لأنها تُعطل عن ذلك الأمر.