هل يجوز صيام القضاء يوم الجمعة؟ وما هي أنسب أوقات صيام القضاء؟ تلك كثيرًا ما يطرح تلك الأسئلة الأشخاص الذين يضطرون للإفطار في يوم أو أكثر من أيام شهر رمضان، فمن المعروف أن هذه الأيام إذا أفطرنا بها يجب أن نعيد صيامها في وقت ما بعد رمضان وقد يكون هذا الوقت مصادفًا ليوم الجمعة، وسوف نعرف من خلال موقع القمة حكم صيام القضاء في يوم الجمعة.
هل يجوز صيام القضاء يوم الجمعة
الإجابة عن سؤال هل يجوز صيام القضاء يوم الجمعة هي نعم يجوز ولكنه مكروه، فلقد حثنا النبي صلى الله عليه وسلم على الصيام في أي يوم للقضاء ولكن لا يفضل أن يكون الجمعة، وينصح أيضًا بأن يصوم المرء في الأيام التي تسبقه أو الأيام التي تليه ذلك أفضل حتى تزول الكراهة، والدليل على ذلك ما ورد في هذا الحديث الشريف:[1]
“عن أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لَا تَخْتَصُّوا لَيْلَةَ الجُمُعَةِ بقِيَامٍ مِن بَيْنِ اللَّيَالِي، وَلَا تَخُصُّوا يَومَ الجُمُعَةِ بصِيَامٍ مِن بَيْنِ الأيَّامِ، إِلَّا أَنْ يَكونَ في صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ”
[حدثه مسلم، المصدر: صحيح مسلم]
اقرأ أيضًا: حكم الإفطار في صيام القضاء بالجماع
ما هو صيام القضاء؟
عرفنا هل يجوز صيام القضاء يوم الجمعة أم لا وسنتعرف أكثر إلى صيام القضاء، وهي الأيام التي أفطرها المسلم خلال شهر رمضان لعذر شرعي أجازه الله تعالى للمسلم، حيث يتوجب عليه قضاؤها بعد انتهاء شهر رمضان الكريم لأن الله قد فرض الله ذلك على المسلمين.[2]
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ….}
{…. وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [سورة البقرة، الآيات 183: 185].
أفضل الأوقات لصيام للقضاء
بإمكان المسلم أن يقضي الأيام التي أفطرها من شهر رمضان في أي وقت يباح له التطوع فيه بالصيام، فيما عدا أيام العيد والنذر ورمضان الحالي وفيما يلي نستعرض آراء أئمة المذاهب الأربعة فيما يخص الوقت المناسب للقضاء:
الرأي الأول
قالت الشافعية والمالكية أنه لا يجوز للمسلم أن يصوم القضاء في وقت صيام قضاء النذر لتحديد صيام الأيام بنية النذر، بينما رأت الحنفية والحنابلة بصحة أنه يجوز قضاء الصيام في أيام النذر وتقول الحنفية بوجوب قضاء النذر.
الرأي الثاني
يقول الشافعية والمالكية والحنابلة أنه لا يجوز قضاء أيام الإفطار في رمضان السابق خلال صيام رمضان الحالي لأنه صيام منفصل، والنية أيضًا محددة لصيام رمضان الحاضر والأعمال تحسب عند الله بالنيات، ولكن جمهور الحنفية قال بأنه يجوز صيام أيام رمضان الفائت في رمضان الحالي ولكن الصيام يجزئ عن رمضان الحاضر وليس عن القضاء.
اقرأ أيضًا: هل يجوز صيام عرفة وأنا علي قضاء من رمضان
حكم التتابع في صيام القضاء
التتابع هو التلاحق والتعاقب في الأمور بحيث لا يكون هناك فاصل بينها وهذا ينطبق على الصيام، حيث يقوم بعض المسلمين بصيام أيام القضاء بعد رمضان بشكل متعاقب ومتتالي دون الفصل ولو ليوم واحد، وفيما يلي نستعرض آراء أئمة المذاهب الأربعة في ذلك:
1- رأي الشافعية
قالت الشافعية بأنه يجوز التفريق في قضاء الصيام والتتابع غير مطلوب أو واجب ولكنه يستحب، واستدلوا على صحة ذلك بقوله تعالى فعدة من أيام أخر، ووجه الاستدلال هنا يتمثل فيه أن الآية لم تذكر التتابع إذا هو غير مشروط ولقد أشارت الآية إلى تقليل العدد.
2- رأي الحنفية
ذهبت الحنفية إلى أنه يجوز للمسلم قضاء الأيام التي أفطرها خلال شهر رمضان بمعدل متفرق أو متتالي ولكن يفضل صيام التتابع ولقد استدلوا على ذلك بما ورد في هذا الحديث الشريف:
“عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَتْ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ، أَفَأَصُومُ عَنْهَا؟ قالَ: أَرَأَيْتِ لو كانَ علَى أُمِّكِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِيهِ، أَكانَ يُؤَدِّي ذَلِكِ عَنْهَا؟ قالَتْ: نَعَمْ، قالَ: فَصُومِي عن أُمِّكِ” [حدثه مسلم، المصدر: صحيح مسلم].
3- رأي المالكية
قالوا بأن التتابع في صيام القضاء مندوب مثل تعجيل القضاء.
4- رأي الحنابلة
قالت الحنفية بجواز صيام القضاء بالتفرق دون الحاجة للتابع حتى وإن كان التتابع مستحبًا.
حكم الفورية في صيام القضاء
الفورية هي أداء الشيء في موعده الأول وهذا ينطبق على الصيام، ولقد تعددت آراء العلماء وأئمة المذاهب الأربعة فيما يتعلق بصيام القضاء فوريًا ونستعرض هذه الآراء فيما يلي:
1- رأي الشافعية
رأت الشافعية بأنه القضاء على الفور ليس واجبًا ولكن يستحب التعجيل والمبادرة إليه، وذلك لإبراء الذمة ويتوجب أن يكون فورًا في حال كان الإفطار برمضان لعذر غير شرعي.
2- رأي الحنفية
قالت الحنفية بعدم وجوب قضاء الصيام على الفور استدلالًا بإجازة صيام التطوع قبل صيام القضاء.
3- رأي المالكية
قال بعض المالكية بجواز القضاء على الفور وعدم جواز التأخير، وروى عنهم كذلك بأنه لا يجب الصيام على الفور ويمكن تأخيره إلى شهر شعبان القادم والمهم فقط أن يتم صيام أيام القضاء.
اقرأ أيضًا: هل يجوز قضاء صيام ستة أيام من شوال في ذي القعدة؟
4- رأي الحنابلة
قال الحنابلة بعدم وجوب قضاء الصيام على الفور ويمكن تأجيله ما لم يحن موعد رمضان التالي، والدلالة على ذلك ما ورد في هذا الحديث:
“عن عائشة رضي الله عنها قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كانَ يَكونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِن رَمَضَانَ، فَما أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إلَّا في شَعْبَانَ؛ الشُّغْلُ مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، أَوْ برَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ. [وفي رواية]: وَذلكَ لِمَكَانِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ. [وفي رواية]: لم يُذكَرْ في الحَديثِ الشُّغْلُ برَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ” [حدثه مسلم، المصدر: صحيح مسلم].
من خلال الإجابة عن سؤال هل يجوز صيام القضاء يوم الجمعة يمكننا ملاحظة أن الله سبحانه وتعالى قد حرص على جعل كل شيء في الدين يسير وليس عسير للتسهيل على المسلمين.