ما هي أحكام الصيام في القرآن؟ وهل يوجد أحكام للصيام تتم مكارم الأخلاق؟ نظرًا إلى أن الصيام واحد من أفضل العبادات التي يقوم بها المسلم وهي فريضة على كل مسلم بالغ عاقل، فسنتعرف اليوم من خلال موقع القمة على أحكامه في القرآن الكريم.
أحكام الصيام في القرآن
جاءت آية في القرآن الكريم اشتملت على جملة أحكام الصيام في القرآن، وتجلت في هذه الآية الكريمة مدى رحمة الله عز وجل بعباده، حيثُ قال الله تعالى:[1]
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ، أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ، شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [سورة البقرة: الآية 183:185]
كانت المرحلة الأولى من فرض الصيام على العباد هو الواجب على التخيير، فمن كان يرغب في الصوم صام ومن كان يرغب أفطر وتلك رحمة بهم، ولكنه عز وجل ندبهم خلال الصيام وقال إنه أفضل من الفطر؛ لتعتاد نفوسهم على الطاعة حتى تم فرضه عليهم فرض إلزام، وذلك في الآية الكريم:
(فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ).
من ثمَّ جاءت المرحلة الثانية بأن حوّل الله ما كان من تخيير في الصيام إلى واجب على كل مسلم بالغ عاقل مُستطيع ومُقيم، وكان الصيام قبل ذلك أن يأكل المسلم ويشرب حتى صلاة العشاء أو ينام قبلها، فمتى نام حُرم عليه الطعام والشراب والجماع، وكان في ذلك مشقة كبيرة، حتى جاء قول الله عز وجل:
(وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) [سورة البقرة: الآية 187].
اقرأ أيضًا: هل تعلم عن الصلاة والصوم ؟
أحكام الصيام لإتمام مكارم الأخلاق
هناك العديد من أحكام الصيام في القرآن التي وردت لتُتم مكارم الأخلاق، وتلك الأحكام تأتي على النحو التالي:
1- الوقاية من الآثام
قد خص الله عز وجل هذا الشهر لحماية الإنسان من الوقوع في الآثام، والجزاء بالصيام والإحسان والتمتع بكرم الله عز وجل وبجميل عطاياه، حيث إن الصيام يسمو بالروح والخلق ويجعل نفس المُسلم مُهذبة.
2- تعزيز الشعور بمراقبة الله
يساعد الصيام على تعزيز شعور العبد بمراقبة الله عز وجل له، فلا يُمكنه أن يأكل أو يشرب أو يفعل ما نهى الله عنه في الصيام لأنه يعلم أن الله عز وجل يراه، وذلك لقول الله تعالى:
(عِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ) [سورة الأنعام: الآية 59].
4- تعليم الصبر
من أكثر الأمور التي تفيد المسلم في الصيام هو أن يتعلم الصبر، حيث إنه يكون قادر على الصبر على الجوع والعطش والشهوات، فيكتسب نوعان من الصبر، الأول هو الصبر على العبادة والطاعة، والثاني هو الصبر عن الأمور المنهي عنها حتى لا يفعله، وكل مسلم يكون صبره على حسب قوة إيمانه، ويكفي أن الله عز وجل جعله الطريف في الوصول إلى الإمامة في الدنيا، حيث يقول الله عز وجل:
(وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ) [سورة السجدة: الآية 24].
اقرأ أيضًا: صحة حديث ناقصات عقل ودين
5- تقوية روح المشاركة
نجد أن الصيام من الأمور التي تساعد على تقوية ارتباط المُسلم بالمشاركة وروح الجماعة، كما يُرسخ في نفسه معنى أن الاتحاد والتعاون يولد النصر، فالمسلمون يصمون عند رؤية الهلال ويفطرون عند آذان المغرب، وهذا يولد روح المُشاركة والألفة، وقد جاء فيما يخص المشاركة والتعاون قول الله تعالى:
(وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) [سورة آل عمران: الآية 103].
6- تنمية احترام الوقت
من ضمن أحكام شهر الصوم أنه يجعل المسلمون يعتادون على احترام الوقت والنظام، حيث جاء حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيه:
“لا يَزَالُ النَّاسُ بخَيْرٍ ما عَجَّلُوا الفِطْرَ.َ“ صحيح البخاري.
فللوقت أهمية بالغة، فما عمر الإنسان سوى وقته، فالمُسلم يصوم طوال اليوم وينتظر الإفطار عند أذان المغرب، كما أن الالتزام بتعجيل الفطور وتأخير السحور من سُنن النبي صلى الله عليه وسلم، كما جاء الصيام ليُعلم الإنسان التحكم في النفس والالتزام بما هو مفروض، حيث إن تناول الطعام والشراب بعد الصيام بوقت يُبطل الصيام، فقد فرض الله عز وجل الصيام ليصوم العباد كافة في وقت واحد ويفطرون في وقت واحد.
7- الالتفاف حول القرآن الكريم
بدء نزول القرآن الكريم في شهر رمضان، وذلك لقول الله تعالى:
(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) [سورة البقرة: الآية 185]، كما جاء قول الله عز وجل: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) [سورة القدر: الآية 1].
لذا نجد أن من ضمن العبادات المُستحبة في هذا الشهر الكريم هي الالتفاف حول القرآن الكريم طوال الشهر المُبارك، فيقوم العباد بختمه وقراءته آناء الليل وأطراف النهار، ويتدبروا ويعلموا آياته.
8- استجابة الدعوات
من ضمن الأمور التي يتميز بها شهر رمضان عن غيره من الشهور أن الدعاء فيه يكون مُجاب بإذن الله، ومن أحكام الصيام أن يدعو بالخير لنفسه وأهله وإخوانه ويدعو بالنصر للأمة، وجاء في كتاب الله العزيز قول الله تعالى:
(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) [سورة البقرة: الآية 185].
9- سُنة الاعتكاف
في هذا الشهر يتم إحياء سُنة الاعتكاف في المساجد، حيث إن في هذا الشهر الكريم يسعد المُسلم بأحكام الصيام ويُطبق سنة الاعتكاف، فيترك الناس في الدنيا بالضجيج والضوء واللهو، ويقضي وقته فقط في التعبد والذكر والقيام وقراءة القرآن الكريم، وفي تلك الخلوة تتسامى الأرواح وتصفى النفوس وتعلى الهمم، ويستمد الإنسان طاقته حتى يستعين بهذا الخير والزاد طوال العام.
اقرأ أيضًا: حكم قضاء رمضان في عشر ذي الحجة
10- تعويد النفس على البذل
من ضمن الأحكام التي فرضها الله عز وجل في هذا الشهر الكريم هي زكاة الفطر، وتلك الزكاة تختلف في أحكامها عن زكاة المال، حيث إن هذه الزكاة تجب على كل من يملك قوت يومه حتى لو كان فقيرًا ويستحق الزكاة، وهذا على عكس زكاة المال المُعتادة التي تخرج عندما يكون الإنسان لديه فائض عن حاجته الضرورية وبلغ عليه النصاب ومر عليه الحول.
معرفة أحكام الصيام في القرآن من الأمور الضرورية التي تهم كل مُسلم، ولهذا يلزم الاطلاع على الآية التي تشتمل على كافة أحكام الصيام في سورة البقرة.