هل يجوز للمرأة أن تتصرف في مالها بغير إذن زوجها؟ وما رأي المذاهب الأربعة في ذلك؟ فقد اختلفت الآراء والردود عن هذا السؤال ما بين مؤيدين ومعارضين، ومن خلال المقال التالي سنعلم هل حقاً يجوز للمرأة أن تتصرف في مالها بغير إذن زوجها أم لا يجوز، وسوف نتناول هذا الموضوع بشيء من التفصيل من خلال موقع القمة.
هل يجوز للمرأة أن تتصرف في مالها بغير إذن زوجها
للإجابة على سؤال هل يجوز للمرأة أن تتصرف في مالها بغير إذن زوجها، لا بد أن نعلم أن لا شك في أن الحر العاقل البالغ الراشد يجوز له مطلق الحرية في التصرف في ماله، سواء كان عن طريق البيع أو الشراء، أو الإجارة أو الهبة أو الوقف أو أي من تلك التصرفات، ولا خلاف في ذلك عند أهل العلم.[1]
كذلك فإنه لا خلاف أيضاً عند أهل العلم أن ليس للزوج أي حق في الاعتراض على مال زوجته، خاصة إذا كانت زوجته عاقلة، بالغة وراشدة، وتتمكن من التصرف وليست ممن يخدع في المعاملات عادة.
لكن اختلف أهل العلم في حق المرأة في الصدقة أو الهبة بجميع مالها أو حتى البعض منه دون إذن زوجها، وفي ذلك اختلفت المذاهب كما يلي:
1- الرأي الأول
من حق الزوج أن يمنع زوجته فيما زاد عن الثلث من مالها، وليس له الحق في أكثر من ذلك، وهناك أدلة على ذلك منها المنقول ومنها المقاس:
المنقول
فقد ورد عن لسان خيرة امرأة كعب بن مالك رضي الله عنها أنها:
“أتَتْ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ بِحُليٍّ لَها فقَالَت إنِّي تصدَّقتُ بِهَذا فقالَ لَها رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ لا يَجوزُ للمرأةِ في مالِها إلَّا بإذنِ زَوجِها فَهَلِ استأذَنتِ كعبًا قالَتْ…”
“… نعَم فبعثَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إلى كَعبِ بنِ مالِكٍ زوجِها فقالَ هل أذِنتَ لِخَيرةَ أن تتصدَّقَ بِحُليِّها فقالَ نعَم فقبِلَهُ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ مِنها” [صحيح بن ماجه]
ومن خلال هذا الحديث الشريف يتضح أنه لا يحق للزوجة أن تتصدق دون إذن زوجها.
ذكر في رواية أخرى لعبد الله بن عمرو وكعب بن مالك وعبادة بن الصامت ومجاهد أن الرسول صلي الله عليه وسلم قال:
“ لا تَجوزُ لامْرأةٍ هِبَةٌ في مالِها إلَّا بإذنِ زوْجِها، إذا ملَكَ زوجُها عِصْمَتَها“ [صحيح الجامع]
وتلك الأحاديث الشريفة خير دليل على أن ليس لها حق الصدقة دون إذن زوجها
، ويظهر أن إذن الزوج هو شرط نفاذ تصرفها.
اقرأ أيضًا: هل يجوز للمرأة تغيير ملابس الاحرام في الحج
القياس
أما عن القياس فقد استدلوا أن من حق للزوج متعلق بما لها، بدليل قول أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلي الله عليه وسلم قال:
“تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لِمالِها، ولِحَسَبِها، وجَمالِها، ولِدِينِها، فاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَداكَ” [صحيح البخاري].
2- الرأي الثاني
وهو ما قاله الليث بن سعد فهو يذهب إلى أن للزوج الحق المطلق في أن يمنع زوجته من التصرف في مالها حتى إذا كان في القليل منه أو الكثير منه.
3- الرأي الثالث
يمنع على المرأة أن تتصرف في مالها دون إذن زوجها، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
“لا يجوزُ لامرأةٍ عطيَّةٌ إلَّا بإذنِ زَوجِها” [تحفة المحتاج].
اقرأ أيضًا: هل يجوز للمرأة الحج بدون محرم إذا كانت من أهل مكة
4- المذهب الرابع
هذا المذهب الذي يتبعه كلاً من الحنفية والشافعية والحنابلة وابن المنذر، وهو يرى أن للمرأة مطلق الحرية في التصرف في مالها سواء كان بمالها كله أو بعض منه، سواء كان بعضة أو بغير عوض.
ويعد المذهب الرابع من أكثر الأقوال التي تتناسب مع كتاب الله والسنة النبوية الشريفة فقد ذكر في كتاب الله تعالى:
{وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ۚ فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4]
فقد أباح الله للزوج ما طابت له به نفس امرأته.
كذلك فقد أجاز الله للمرأة أن تعفو عن مالها بعد الطلاق بغير أن تأخذ الأذن من أحد، فقد ذكر في قول الله تعالى:
{إِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَن يَعْفُونَ} [البقرة: 237]
فقد دل ذلك على أن المرأة حرة في مالها كالرجل في ماله.
أيضاً جاء في كتاب الله تعالى أنه عندما تبلغ اليتيمة وتصبح راشدة، فإنه يحق لها التصرف في مالها والدليل على ذلك قول الله تعالى:
{وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم} [النساء: 6].
كما يذكر أن هناك بعض النساء الذين تصدقن بحليهن بعدما سمعوا موعظة الرسول صلي الله عليه وسلم لهم في خطبة العيد، وذلك كله يدل على أن المرأة لها حرية التصرف في مالها دون الاستئذان من أحد.
وضع الدين الإسلامي الحنيف مجموعة من الأسس والقواعد التي تنظم العلاقات بين الزوج والزوجة في كافة أمور الحياة، لذا يجب الالتزام بها من أجل نيل رضى الله والتمتع بحياة زوجية سعيدة.