من منافع رمضان والصيام تعد من أعظم نِعم الله الذي لم يُشرّع أي عبادة إلا وكان لها نفعًا ماديًا ومعنويًا على عباده المسلمين، فضلًا عن أجر الامتثال لأوامره، ومن خلال موقع القمة نشد رحال قلوبنا إلى رحاب عبادة الصيام، ونقتفي بعضًا من آثارها على نفوسنا وأجسادنا.
من منافع رمضان والصيام
من فضل الله العظيم على بني آدم أن مَنّ عليهم بنعمة الإسلام، وشرّع لهم من الأوامر والنواهي التي ما إن امتثل العبد لها فاز بخيريّ الدنيا والآخرة، ومن أفضاله التي لا تنضب ولا تنتهي عبادة الصيام.[1]
“عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له، إِلَّا الصِّيَامَ، هو لي وَأَنَا أَجْزِي به فَـ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَخُلْفَةُ فَمِ الصَّائِمِ، أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِن رِيحِ المِسْكِ” [رواه مسلم].
من منافع رمضان والصيام التي نتطرق إليها في موضوعنا، والتي ولا بد من معرفتها، هي المنافع المعنوية، وهي بمثابة تأصيل قيم عظيمة، أو تغيير مفاهيم خاطئة، وتعلّم قيم عظيمة، ومنها نذكر ما يلي:
1- تقوى الله عز وجل
من أولى منافع رمضان والصيام بشكلٍ خاص، وأي عبادة بشكلٍ عام هي تقوى العبد لله سبحانه وتعالى، وبالرجوع إلى القرآن الكريم نجد أن الله في أغلب المواضع التي ذكر فيها العبادات قد قرنها بتقواه، وكأنها الهدف الأول المرجو الذي يجب على كل مؤمن أن يعيه ويصل إليه.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ {. [البقرة: 183]
اقرأ أيضًا: أحاديث عن رمضان بالصور
2- تعظيم شعائر الله
تعد تعظيم شعائر الله من منافع رمضان والصيام، ويظهر ذلك خلال الشهر المبارك عند اجتماع المسلمين من جميع بقاع الأرض على الامتثال لأوامر ربهم، وأداء الفريضة والركن الثالث من الإسلام ألا وهو والصيام.
فنجد كيف تًدبّ السعادة في قلوب المؤمنين، وكيف يتسارعون لعمل الخيرات، وجعل صومهم صيامًا صحيحًا، وتحضير الدعوات التي ستصعد إلى ربهم لتروي استجابتها عطش روحهم، الذي يضاهي عطش أجسادهم.
في إطار جميع تلك المظاهر، هي تعظيمٌ لشعائر الله والتي بدورها تؤدي إلى تقوى الله، كما جاء في الذكر الحكيم، {ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32].
3- إثبات قوة الإنسان وإرادته
من منافع رمضان والصيام العظيمة والتي ربما يغفل الكثير عنها، لكن من يحاول استنباط حكمة الله من غياهب الأمور يجد أن سبحانه من خلال تشريعاته يؤصل في نفس الإنسان أنه يستطيع التحكم في شهواته من الطعام، والشراب، والغرائز لساعات طويلة على مدار شهرًا كاملًا.
يستطيع أداء العبادات على أكمل وجه، أن يؤدي الصلوات في أوقاتها، ويصل رحمه، ويخرج الأموال في سبيل الله، يستطيع أن يواجه نفسه الأمارة بالسوء، ويكبح جوامحها، ويجعله في حضرة الله خاشعة، ذلك فقط بالاستعانة بالله والتوكل عليه، ومن ثم أخذ الخطوة.
4- اليقين بأن الصبر بعده الجبر
من أعظم منافع رمضان والصيام التي تعد منهاجًا لحياة سليمة قائمة على اليقين بحكمة الله وقدرته، أن الصبر الطويل لا بد يأتي بعده جبرًا عظيمًا، وأن الصيام والامتناع عن كل ما تشتهيه النفس حتى وهو أمام أعينها، لا يضيع هباءً عن الله.
أنه لا بد أن تأتي اللحظة التي يؤذن فيها مؤذنٌ بأنه الله أكبر على تحقيق آمالك وأحلامك، حينها يوقن المرء أن حقًا ما النصر إلا صبر ساعة، وعليه فإن الصيام ليس مجرد مانعًا للطعام من الوصول إلى الجوف، بقدر منعه اليأس من أن يسكن الروح.
5- الإحساس بالغير واستشعار النعم
طالما اقتصر البعض منافع رمضان والصيام على الإحساس بالفقراء وكيف هو حالهم عندما يشعرون بالجوع، لكن على الرغم من أن حصر هذه العبادة على تلك المنفعة وحدها يُعد شيئًا خاطئًا لأنه وبكل بساطة الصيام فريضة على كل مُسلم غنيٌ وفقير.
لكن أيضًا يمكن القول بأنها واحدة من سلسلة منافعها، وكيف أن الله يُربينا على الإخاء، والشعور بآلام غيرنا، فعندما يقرص الجوع صاحبه لمرة، لا بد من أن يبحث عن كل ما عانى من هذه الكسرة.
في إطار تلك المنفعة التي لا بد وأن تمنع حالة إيلاف النعمة التي يعيش فيها الكثير من الناس، حيث إن الصيام هو إشارة لهم بأن الطعام والشراب هما في الأصل من نعم الله التي تستوجب الشكر، لا التأفف والاعتراض.
على إثر ذلك كان أجر الإطعام من أعظم العبادات التي يتقرب الإنسان به لله، وذلك من الحديث الشريف:
“عن عبد بن عمرو رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اعبُدوا الرحمنَ، وأطعِمُوا الطعامَ، وأَفشوا السَّلامَ، تَدخُلوا الجنَّةَ بسَلامٍ“ [الألباني].
المنافع الصحية من صيام رمضان
بعد عرض المنافع المعنوية التي تعد من منافع رمضان والصيام، نتطرق إلى المنافع الصحية والجسدية، التي تزيد من اليقين بعلم وقدرة الله، والإيمان برحمته بعباده وأنه لم يأمرهم إلا بما فيه الصلاح والخير لهم في دينهم ودنياهم، وذلك على النحو التالي:
1- خسارة الوزن
من المنافع البديهية للصيام أنه يساعد على خسارة الوزن، طالما كان الصيام بطريقة صحيحة، أي عدم الأكل بشراهة أثناء الإفطار، وتجنب الأطعمة الغنية بالدهون والسكريات، مع ضرورة شرب كمية كبيرة من الماء.
2- تعزيز صحة الجهاز الهضمي
يعد الصيام بمثابة فترة هُدنة واستراحة للجهاز الهضمي، حيث فيه يعمل على تجديد خلاياه، وعدم إجهاده بصورة مستمرة لهضم الطعام، مما يُحسن من كفاءته ويساعد على تعزيز صحته.
بالإضافة إلى ما سبق فإن للصيام أهمية كبرى في إزالة السموم من الجسم، خاصةً الأمعاء والقولون، وذلك من خلال شرب الماء الذي يعد أول ما يدخل إلى المعدة والتي بدورها تقوم على التخلص من سمومه.
3- حماية القلب
أثبتت الدراسات أن الصيام له دور كبير في حماية القلب من الإصابة بالنوبات، كما أنه يساعد على ضبط ضغط الدم، وذلك لأنه يعمل على تقليل مستوى هرمون الهوموسيستين الذي يعد أول أسباب الإصابة بالنوبات.
اقرأ أيضًا: متى يجي رمضان
4- الحفاظ على صحة المخ
من نتائج الدراسات التي اُجريت على جسم الإنسان أثناء الصيام، هي أن الجسم أثناءه يقوم بإنتاج البروتينات التي تعمل على زيادة نشاط الخلايا العصبية، بالإضافة إلى إنتاجها للكيتونات التي لها دورًا كبيرًا في حماية الدماغ من الإصابة بالزهايمر.
التقرب إلى الله يعد مُبتغى كل مسلم، ومن رحمة الله أن جعل الوصول إليه يسير، وطريق الصيام سواءً الفرض أو النوافل، من أعظم تلك الطرق التي تقربنا إلى الله زلفى.