صحة حديث اتاكم رمضان شهر يغشاكم الله فيه هي شيء علينا التأكد منه قبل أن ننقل أي حديث لوسائل التواصل الاجتماعي أو الأهل والأصدقاء فلربما نحمل على أنفسنا وزرًا لنقلنا أحاديثً غير صحيحة أو موضوعة، ولربما نتسبب في فتنة بغير عمد تكون السبب في كفر أحدهم، وللتأكد من ذلك يُجيبك موقع القمة عن صحة هذا الحديث.
صحة حديث اتاكم رمضان شهر يغشاكم الله فيه
مع اقتراب شهر رمضان المُبارك يحرص الكثير منا على نشر الأحاديث الطيبة لتذكير بعضنا البعض بأفضال الشهر المُبارك، ونشر الفرحة فيما بيننا، فُناك بعض الأحاديث التي تنتشر في هذا الوقت من العام والتي علينا التأكد منها قبل نشرها لذا نستعرض لكم صحة حديث اتاكم رمضان شهر يغشاكم الله فيه في التالي:[1]
إن حديث
“أتاكم رمضان شهر يغشاكم الله فيه، فينزل فيه الرحمة، ويحط الخطايا، ويستجيب الدعاء، ويباهي بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيرا، فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله” [عبادة بن الصامت – موضوع].
فهذا الحديث رواه عبادة بن الصامت، وحدثه الألباني، وهو حديث مصدره ضعيف الترغيب، وخلاصه حكمه موضوع.
اقرأ أيضًا: صحة حديث من صام رمضان واتبعه بست من شوال
مصدر صحة حديث اتاكم رمضان شهر يغشاكم الله فيه
أخرجه الطبراني في مسند الشاميين” (2238)، والشاشي في مسنده (1224)، والحسن الخلال في أماليه (66)، والبيهقي في القضاء والقدر (60)، من طريق مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ، عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمًا، وَحَضَرَ رَمَضَانُ، وعُلة الحديث هو محمد بن قيس الشهير بالمصلوب وهو كاذب.
يقول الهيثمي مورد الحديث في مجمع الزوائد: رواه الطبراني في الكبير، وفيه محمد بن أبي قيس، ولم أجد له من ترجمة، بينما في عجلة الإملاء قال الحافظ برهان الدين الناجي: أن محمداً المذكور هو المصلوب، وهو محمد بن سعيد بن حسان بن قيس الأسدي الشامي، روى له الترمذي وابن ماجة.
ماهية الحديث الموضوع
إن الحديث الموضوع يعني أنه حديث مكذوب نُسب للنبي عليه الصلاة والسلام عن عمد للترغيب ووضع على لسانه، ويعني التدليس بغرض الترغيب هو المُبالغة في فضل بعض الأعمال الصالحة كالصدقات والإحسان، وفي الحقيقة الدين الإسلامي غنيًا بما يكفي ويفيض سواء بأحاديث أو آيات الترغيب.
ولا يحتاج إلى إضافة فقد أرسل الله كتابه كاملًا مُكمل فقد قال تعالى:
{قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} [الكهف:109]
ولا يحتاج الدين الذي وضع معجزته في كتاب إلى التدليس والزيادة ويقول الشيخ ناصر الألباني أن الأحاديث الضعيفة مبنية على الظن فقط، كما قال تعالى:
{وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا ۚ إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ} [يونس:36] لذا فهم أُناسًا لا يؤخذ منهم علم.
النهي عن النقل بغير سند في الإسلام
لأننا كمسلمين علينا الحرص الشديد فيما يتعلق بنقل الأحاديث والسنة فنحن لا ننقل آرائنا الشخصية في هذه الحالة بل نكون ننقل آرائنا على لسان الله ورسوله فلا يصح لنا أن نفتري على الله، وقد حذرنا الله تعالى من الافتراء عليه في قوله:
{فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ} [يونس:17].
فقد وصفهم الله عز وجل بالمجرمين والظلمة ولا نريد أن نكون منهم، كما لا يصح الافتراء على رسول الله ونبينا مُحمد عليه السلام، ففي أية أخرى من سورة النحل يُحذرنا الله مرة أخرى في قوله تعالى:
{لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۙ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ} [النحل:25]
اقرأ أيضًا: صحة حديث خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي
أحاديث بمناسبة شهر رمضان
يوجد أحاديث أخرى يُمكنك نشرها لتهنئة الأصدقاء والأحباب بمُناسبة قدوم شهر رمضان وهي صحيحة لا مشكلة فيها على العكس ستُزيدك أجرًا وسنضع لك أمثلة لها في التالي:
- ” أتاكم شهرُ رمضانَ، شهرٌ مبارَكٌ، فرض اللهُ عليكم صيامَه، تفتحُ فيه أبوابُ الجنَّةِ، وتُغلَق فيه أبوابُ الجحيم، وتُغَلُّ فيه مَرَدَةُ الشياطينِ، وفيه ليلةٌ هي خيرٌ من ألف شهرٍ، من حُرِمَ خيرَها فقد حُرِمَ” [أبو هريرة – حديث صحيح].
- ” إذا كانَ رَمَضانُ فُتِّحَتْ أبْوابُ الرَّحْمَةِ، وغُلِّقَتْ أبْوابُ جَهَنَّمَ، وسُلْسِلَتِ الشَّياطِينُ [وفي رواية]: إذا دَخَلَ رَمَضانُ، بمِثْلِهِ” [أبو هريرة – حديث صحيح].
- “إذا جاءَ رَمَضانُ فُتِّحَتْ أبْوابُ الجَنَّةِ، وغُلِّقَتْ أبْوابُ النَّارِ، وصُفِّدَتِ الشَّياطِينُ” [أبو هريرة – حديث صحيح].
- “إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أبْوَابُ السَّمَاءِ، وغُلِّقَتْ أبْوَابُ جَهَنَّمَ، وسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ” [أبو هريرة – صحيح البخاري].
- ” مَن صَامَ رَمَضَانَ، إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ” [أبو هريرة –صحيح البخاري].
- “أنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: أرَأَيْتَ إذا صَلَّيْتُ الصَّلَواتِ المَكْتُوباتِ، وصُمْتُ رَمَضانَ، وأَحْلَلْتُ الحَلالَ، وحَرَّمْتُ الحَرامَ، ولَمْ أزِدْ علَى ذلكَ شيئًا، أأَدْخُلُ الجَنَّةَ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: واللَّهِ لا أزِيدُ علَى ذلكَ شيئًا” [جابر بن عبد الله –صحيح مسلم].
للأحاديث النبوية قدسيتها الخاصة، لذا يجب التأكد من صحة الحديث المنقول عن رسول الله قبل تداولها ونشرها، وذلك منعًا لحدوث الفتنة واقتراف الذنب الكبير.