ما هو تعريف الصيام لغة واصطلاحًا؟ وما هي مشروعية صيام رمضان؟ شهر رمضان هو أعظم شهور العام وله مكانة كبيرة عند الله وعند المسلمين جميعًا، وهو فرصة يتحينها كل مسلم من العام إلى العام لكي يستبق مع غيره في الخيرات ونيل رضا الله، ويضم تعريف الصيام من حيث اللغة والاصطلاح العديد من التفاصيل التي يغفل عنها البعض، وسوف نعرضها بالكامل عبر موقع القمة.
تعريف الصيام لغة واصطلاحًا
ينقسم تعريف الصيام إلى قسمين وهما التعريف وفقًا للغة العربية، والقسم الثاني هو التعريف وفقًا للاصطلاح ونتعرف إلى كل منهما على حدة بالتفصيل فيما يلي:
أولًا: تعريف الصيام في اللغة
الصيام في اللغة العربية يعرف على أنه الامتناع عن شيء معين سواءً بالقول أو الفعل ومصدرها هو الفعل صام بمعنى أمسك، والإمساك مثلًا يكون عن الكلام أو الطعام أو الشراب والشهوات وغيرها، والصيام والصوم يحملان نفس المعنى لأن المصدر لهما واحد وهو الفعل صام، مثل قول صامت الشمس بمعنى استوت أو صامت الريح بمعنى ركدت.[1]
اقرأ أيضًا: حكم النسيان في صيام الأيام البيض
ثانيًا: تعريف الصيام اصطلاحًا
تعددت آراء وتعاريف الصيام في الاصطلاح وفقًا لأصحاب المذاهب الأربعة، وفيما يلي مستعرض التعريف الاصطلاحي لشهر رمضان بالنسبة إلى كل منهم:
1- تعريف الحنفية
الحنفية عرفت الصيام على أنه الامتناع عن ثلاثة مفطرات في نهار شهر رمضان، وهي الطعام والشراب والجماع من قبل الشخص خلال وقت معين مع تبييت النية على ذلك.
2- تعريف المالكية
عرفت المالكية الصيام على أنه الامتناع والصوم عن شهوتي الفم والفرج وكل ما يقوم مقامهما، وذلك لطاعة الله مع ضرورة تبييت النية من قبل وقت الفجر أو على الأقل في وقته، بحيث يكون هذا الامتناع أو الصوم مشتملًا للنهار بالكامل.
3- تعريف الشافعية
يقول الشافعية أن الصيام هو امتناع معين خاصة بشخص معين عن شيء محدد في وقت معين لذلك.
4- تعريف الحنابلة
قال الحنابلة بأن الصوم هو الامتناع عن أمور معينة في أوقات محددة من قبل شخص مخصوص شرط وجود النية.
الصيام في الإسلام
إن الصيام هو ركن من أركان الإسلام الخمسة ومن أساسيات الدين وصيام هذا الشهر واجب مفروغ منه ومفروض على كل مسلم عاقل بالغ، فهذا الشهر هو واحد من الأشهر الحرم عند العرب قديمًا حتى من قبل بعثة الإسلام، وعندما بعث النبي صلى الله عليه وسلم وهاجر من مكة إلى المدينة.
فرض الله على المسلمين صيامه كاملًا في العام الثاني للهجرة، وصيامه هو طاعة لله وامتثالًا لأمر الله ولهذا الشهر قيمة عظيمة، ففيه ليلة القدر التي أنزل فيها الله تعالى أول آية من القرآن الكريم على قلب نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم، وفي أمر الله المسلمين بالصيام آية بينة وصريحة وهي:
(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [سورة البقرة، الآية رقم 185].
مشروعية صيام رمضان
لقد أوضح لنا الله سبحانه وتعالى في كتابه وسنة نبيته بيان مشروعية الصيام، وفيما يلي أحد الأحاديث التي توضح مشروعية الصيام في الإسلام:
“عن بن عباس رضي الله عنه قال: إنَّ النَّاسَ كانوا قبلَ أن يُنزَلَ في الصِّيامِ ما نُزِّلَ يأكُلونَ ويشرَبونَ ويَحِلُّ لهم شأنُ النِّساءِ، فإذا نام أحدُهم لم يَطعَمْ ولم يَشرَبْ ولم يأتِ أهلَهُ حتَّى يُفطرَ من القابِلَةِ، وأنَّ عمَرَ رضيَ اللَّهُ عنهُ بعد ما نامَ ووجبَ عليهِ الصِّيامُ وقع على أهلِهِ، ثُمَّ جاءَ إلى النَّبِيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ: أشكو إلى اللَّهِ وإليكَ الَّذي أصبتُ قال: وما الَّذي صنعتَ؟ قال: إنِّي سوَّلَت لي نفسي فوقَعتُ على أهلي بعدَما نِمتُ وأردتُ الصِّيامَ فنزَلَت أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ إلى قوله فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ“
رواه عبد الله بن عباس، وحثه بن حجر العسقلاني، المصدر: موافقة الخبر.
أهمية صيام رمضان
عندما فرض الله تعالى الصيام على المسلمين كان في هذا الفرض حرصًا ورحمة بالمسلمين، فللصيام أكثر من أهمية على المستوى الديني والدنيوي والصحي، وفيما يلي نتعرف إلى أهمية الصيام بالتفصيل في ظل عرض تعريف الصيام لغة واصطلاحًا:
1- أهمية الصيام الدينية
تتلخص الأهمية الدينية للصيام في النقاط التالية:
- تقوية الإرادة والعزيمة لدى المسلم لعلمه بأن صيامه امتثالًا لأمر الله، وهذا يعينه على مقاومة شهواته وأن يترك كل ما هو مباح قبل الصيام وهذا يجعل إرادة الإنسان قوية.
- مساعدة الإنسان على امتلاك زمام نفسه وتوجيهها وإرشادها للاتجاه الصحيح وإلى كل ما هو صالح، وهذا ينمي لدى المسلم فكرة أنه عبد لله وليس عبدًا لشهواته ومطامعه.
- تربية وتهذيب النفس وتدريبها على الحلم واكتمال العقل.
2- أهمية الصيام الدنيوية
لا تقل أهمية الصيام الدنيوية عن أهميته الدينية وهي تتلخص فيما يلي:
- تعزيز الإرادة وتعلم كبح جماح الأهواء علمًا من الصائم أنه صائم في دنياه احتسابًا لرضا الله في آخرته، وأثناء ذلك لا يجب أن يأكل حقوق الناس بالباطل وألا يخون الأمانة ولا يتخطى حدود الله فيما أعراض خلقه.
- الشعور بجوع الفقراء الذي يعانون منه طوال العام وتنمية روابط المحبة والمودة بينهم والعطف عليهم.
- الإحساس بالمواساة فيما بين المسلمين بحيث لا يوجد فرق بين غني وفقير، فكلاهما يشعر بنفس الجوع ونفس العطش ويتحمل نفس الحرمان لنفس الفترة، وهذا دلالة على عزة الإسلام ووحدته وقوته وقدرته على جمع المسلمين على أمر واحد.
اقرأ أيضًا: هل الزبادي مسموح في الصيام المتقطع
3- أهمية الصيام الصحية
ثبت علميًا أن الصيام يحافظ على صحة الإنسان ويخفف من حدة أعراض بعض الأمراض التي يعاني منها الشخص، ومن أهم ما يتعلق بأهمية الصيام الصحية:
- الوقاية من الإصابة بالسرطانات لأنه يقضي على الخلايا التالفة.
- تخفيف الضغط على الجهاز الهضمي.
- تخليص الجسم من الرواسب والحصوات والأكياس الدهنية وغيرها.
- الوقاية من الإصابة بمرض السكري من خلال تعزيز عمل البنكرياس.
- خفض مستوى السكر في الدم بالنسبة إلى مرضى السكر.
- المساعدة في التخلص من الوزن الزائد.
- الحفاظ على صحة الجلد.
- الوقاية من مرض النقرس.
- الوقاية من تجلط المخ والقلب لأنه يحد من نسبة الكوليسترول في الدم.
- الحد من آلام المفاصل.
من خلال فهم تعريف الصيام لغة واصطلاحًا يتبين لنا أن كل الحقائق والتفاصيل التي يتضمنها مفهوم صيام شهر رمضان في طياتها إنما شرعها الله وفرضها لمصلحة عباده ولفوزهم عنده في الآخرة.