لماذا سميت صلاة الشفع بهذا الاسم؟ وما فضل صلاة الشفع ضمن النوافل؟ جميعنا يعرف أن صلاة الشفع هي واحدة من السنن التي يصليها المسلمون بعد أداء صلاة العشاء في المساء، ولكن فئة قليلة جدًا هي التي تعرف سبب تسميتها بهذا الاسم وفضل صلاتها، لذا سنتعرف أكثر من خلال موقع القمة إلى كل ما يتعلق بصلاة الشفع بدءًا من سبب التسمية وصولًا إلى كيفية وفضل صلاتها.
لماذا سميت صلاة الشفع بهذا الاسم
لا يعرف الكثير من المسلمين لماذا سميت صلاة الشفع بهذا الاسم، والإجابة عن هذا السؤال تتلخص في أن لفظة الشفع لا تشير إلى اسم صلاة معينة وهي مجرد مقابل أو عكس لكلمة الوتر أو الفرد، وسميت بالشفع لأنها تصلى مثنى وكل عدد زوجي من الركعات يسمى شفعًا وكل عدد فردي من الركعات يسمى وترًا.
أي أنه ليس اسمًا أو علمًا بصلاة محددة بقدر ما هو وصف لها ولا مانع من تسمية الركعتين الأولى شفعًا، ويجوز أيضًا تسميتها بأنها من الوتر باعتبار أن صلاة الوتر من مجموع الصلاة وهي من الشفع كذلك باعتبارها مستقلة.
اقرأ أيضًا: هل يجوز صلاة التهجد بعد الشفع والوتر
كيف تصلى ركعتي الشفع
في إطار التعرف إلى ماهية صلاة الشفع يجب أن نعرف كيف تؤدى هذه الصلاة، ولقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم الطريقة الصحيحة التي نؤدي بها ركعات الشفع، والدليل على ذلك ما رود في الحديث التالي:
“عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قال: كانَ رسولُ اللَّهِ – صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ – يصلِّي من اللَّيلِ ثلاثَ عشرةَ ركعةً يوتِرُ من ذلكَ بخمسٍ لا يجلسُ إلَّا في آخرِهنَّ متَّفقٌ عليهِ وكحديثِ عائشةَ – رضيَ اللَّهُ عنها – أنَّهُ – صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ – كانَ يصلِّي من اللَّيلِ تسعَ ركَعاتٍ لا يجلسُ فيها إلَّا في الثَّامنةِ فيذكرُ اللَّهَ ويحمَدُهُ ويدعوهُ ثمَّ ينهضُ ولا يسلِّمُ ثمَّ يقومُ فيصلِّي التَّاسعةَ ثمَّ يقعدُ فيذكرُ اللَّهَ ويحمدُهُ ويدعوهُ ثمَّ يسلِّمُ تسليمًا يسمِعُناهُ ثمَّ يصلِّي ركعتينِ بعدما يسلِّمُ وهوَ قاعدٌ فتلكَ إحدى عشرةَ ركعةً فلمَّا أسنَّ رسولُ اللَّهِ – صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ – وأخذهُ اللَّحمُ أوترَ بسبعٍ وصنعَ في الرَّكعتينِ مثلَ صُنعِهِ في الأولى وفي لفظٍ عنها فلمَّا أسنَّ رسولُ اللَّهِ – صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ – وأخذهُ اللَّحمُ أوترَ بسبعِ ركعاتٍ لم يجلس إلَّا في السَّادسةِ والسَّابعةِ ولم يسلِّمْ إلَّا في السَّابعةِ وفي لفظٍ صلَّى سبعَ ركعاتٍ لا يقعدُ إلَّا في آخرِهنَّ“
روته السيدة عائشة بنت أبي بكر، وحدثه بن القيم، المصدر: أعلام الموقعين.
هذا يعني أن هذه الركعات تصلى بشرط عدم الفصل فيما بين الركعة الأخيرة وما قبلها بالتسليم، فإن فصل المصلي بينهما بسلام فيكون الشفع ما قبلها سواءً كانت ركعتين أو أربعة أو أكثر.
بالتالي فإن صلاة الشفع هما الركعتان اللاتي تصليان قبل الوفر ويسن قراءة سورة الأعلى في الركعة الأولى وسورة الكافرون في الركعة الثانية، وهي تعد من السنن المؤكدة التي ترتبط ارتباطً وثيقًا بصلاة الوتر لأنها تصلي قبلها.
وقت صلاة الشفع
إن وقت صلاة الشفع يبدأ من بعد صلاة العشاء وقبل صلاة الوتر ومن يوتر بعد العشاء مباشرة ولم يصلِ الشفع فقد خالف السنة، أما وقت انتهاء صلاتي الشفع والوتر فهو طلوع الفجر بحيث تكون صلاة الشفع قبل ركعة الوتر ليختم بها المسلم الليل.
لقد اتفق علماء الدين على أن وقت صلاة الشفع لا يكون إلا بعد صلاة العشاء ولا يمكن أداؤها قبل سنة العشاء، ويرى الإمام أبو حنيفة النعمان أن الجمع بين المغرب والعشاء جمع تقديم يجب أن يكون بعد غياب الشفق الأحمر، ويرى جمهور العلماء بجواز أدائها قبل حيات موعد العشاء لأن بذلك يكون وقتها قد دخل في وقت أداء صلاة العشاء.
اقرأ أيضًا: دعاء الوتر بعد التراويح في رمضان مستجاب بإذن الله
فضل صلاة النافلة
إن صلاة الشفع تعد من النوافل وهي من أفضل الأعمال التي يمكن للمسلم أن يتقرب بها من الله وتوجب عليه محبته، كما أنها من الأعمال التي تجبر الفرض في حال وجود نقص فيه وتثقل ميزان حسنات العبد وترفع درجاته عند الله وتمحو ذنوبه.
“عن أبو هريرة رضي الله عنه قال: قَدِمتُ المدينةَ، فقلتُ: اللَّهمَّ يَسِّرْ لي جَليسًا صالحًا، قال: فجلَستُ إلى أبي هُريرةَ، فقلتُ: إنِّي سأَلتُ اللهَ أن يَرزُقَني جَليسًا صالحًا، فحَدِّثْني بحَديثٍ سَمِعتَه مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لعلَّ اللهَ أن ينفَعَني به، فقال: سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يقولُ: إنَّ أولَ ما يُحاسَبُ به العبدُ يومَ القيامةِ من عملِه صلاتُه ، فإن صَلُحَتْ فقد أَفْلَحَ وأَنْجَح ، وإن فَسَدَتْ فقد خاب وخَسِرَ ، فإن انْتَقَص من فريضتِه شيئًا ، قال الربُّ تبارك وتعالى : انْظُروا هل لعَبْدِي من تَطَوُّعٍ فيُكَمِّلُ بها ما انتَقَص من الفريضةِ ، ثم يكونُ سائرُ عملِه على ذلك“
رواه أبو هريرة، وحدثه الترمذي، المصدر: سنن الترمذي.
من الأمور الواجب ذكرها في ظل الإجابة عن سؤال لماذا سميت صلاة الشفع بهذا الاسم هو أن صلاة النوافل مستحبة في المنزل أكثر، ولقد وردت الكثير من الدلائل التي تؤكد صحة هذا الرأي مثلما ورد في هذا الحديث:
“عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: صلاةُ المرءِ في بيتِهِ أفضلُ من صلاتِهِ في مسجدي هذا إلَّا المَكتوبةَ“.
رواه زيد بن ثابت، وحدثه الألباني، المصدر: صحيح أبي داوود.
إن معرفة لماذا سميت صلاة الشفع بهذا الاسم تبين لنا مدى رحمة الله سبحانه وتعالى بنا، فهو جعل من هذه السنن وسيلة بسيطة ولكنها عظيمة من أجل التقرب إليه وكسب ثواب كبير عنده.