ليلة القدر من رمضان متنقلة بين الليالي في كل عام، ولله حكمة في إخفاء يومها بالتحديد عنا، ففي حال علمنا أي ليلة هي فمن الممكن أن تضعف عزائمنا وإرادتنا للأعمال الجيدة طوال الشهر، ومن الممكن أن يكتفي البعض بإحياء تلك الليلة فقط، لذلك فإن لإخفاؤها حافزًا للعبد على مواصلة تعبده طوال الشهر من البداية وحتى النهاية، ومضاعفته في العشر الأيام الأخيرة منه، وهو ما سنتعرف عليه من خلال موقع القمة.
ليلة القدر من رمضان متنقلة بين الليالي في كل عام
أمر نبينا الكريم بالتحقيق في هذه الليلة في العشر الأواخر من شهر رمضان، مما يدل على أنه أمر غير محدد، بل يتنقل بين الأيام العشرة الأخيرة من رمضان في كل عام، لذلك فإن الجواب على العبارة السابقة هو أنها عبارة صحيحة.[1]
اقرأ أيضًا: أدعية العشر الأواخر من رمضان وليلة القدر .. أدعية صلاة القيام في العشر الأواخر
ما هي ليلة القدر
حدث النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – أصحابه والمسلمين عن ليلة القدر، وأجرها وثوابها عند الله تعالى، وذكر لهم أنها تكون في العشر الأواخر من شهر رمضان، وقد أمرهم بالاستفادة من تلك الليلة باعتبارها فرصة عظيمة للمسلمين ليتنافسوا في الطاعة والحصول على أجر وثواب من الله تعالى، حيث ورد عن الرسول أن من أداها وأقامها إيمانَا واحتسابًا وتوقع أجرًا من الله، فقد غفر له ذنوبه ماضيه ومستقبلاً.
فضل ليلة القدر
ليلة القدر فضيلة عظيمة لله عز وجل، ومن عمل حسنة فيقبلها الله منه بالكثير من الخير والبركات والأجر العظيم، فتلك الليلة من الليالي التي يهتم فيها المسلمون بتلاوة الأذكار والدعاء للتقرب إلى الله ونيل رضاه وثوابه، فهي تساوي ألف شهر كما أنزل الله في كتابه العزيز، وقد أنزل الله سبحانه وتعالى سورة في القرآن الكريم باسم تلك الليلة، وهي سورة “القدر” وذكر في تلك السورة ما بها من ثواب عظيم وغفران من الذنوب لمن يفعل الصالح من الأعمال، والحرص على العبادة والذكر وقراءة القرآن.
الدعاء في ليلة القدر
في ظل التعرف على ليلة القدر من رمضان متنقلة بين الليالي في كل عام، فقد روي البخاري ومسلم أنه عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد قال: “من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه”. وروى أحمد، وابن ماجه، والترمذي وصححه عن عائشة -رضي الله عنها- قولها: قلت: يا رسول الله، أرأيت إن علمت أيُّ ليلةٍ ليلةُ القدر ما أقول فيها؟ قال: “قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني.
هل تختلف ليلة القدر باختلاف البلدان
في حال اختلفت البلدان في دخول شهر رمضان، فبالتالي تكون الليلة الفردية في بلد زوجية في أخرى، وهذا لا يعني وجود ليلتين، فلا يكون الإنسان قد أدرك واحدة في بلده ثم يسافر ليدرك الأخرى في بلد أخرى، وإنما هي ليلة واحدة.
فـ إذا كانت ليلة القدر هي ليلة 27 من رمضان على سبيل المثال، فإن يوم 27 قد يكون الثلاثاء أو الأربعاء، نتيجة لاختلاف البلدان في دخول الشهر، فتكون ليلة القدر واحدة من تلك الليلتين، فإن كانت ليلة الثلاثاء، فلن تكون ليلة الأربعاء في بلدٍ أخرى، والعكس صحيح.
اقرأ أيضًا: دعاء التوبة ليلة القدر مستجاب بإذن الله
إحياء ليلة القدر
في إطار الحديث والتعرف على ليلة القدر من رمضان متنقلة بين الليالي في كل عام، فيمكن إحياء ليلة القدر بعدة مظاهر وتعبدات، ونستعرضها فيما يلي:
- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في الصلاة والقراءة والدعاء في العشر الأواخر من شهر رمضان ما لا يجتهد في غيرها، فقد روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم: (كان إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد المئزر). وذكر أحمد ومسلم أن الرسول: (كان يجتهد في العشر الأواخر مالا يجتهد في غيرها).
- حثنا النبي صلى الله عليه وسلم على ضرورة قيام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه). رواه الجماعة إلا ابن ماجه، ويدل ذلك الحديث على ضرورة إحياء ليلة القدر بالقيام.
- علم الرسول صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها واحدًا من أفضل الأدعية التي يمكن الدعاء بها في ليلة القدر، فروى الترمذي وصححه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت:(قلت: يا رسول الله، أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟) قال: (قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني).
- يحتاج تخصيص ليلة من ليالي رمضان بأنها ليلة القدر إلى دليل قاطع بتحديدها دون غيرها، ولكن أوتار العشر الأواخر أحق وأفضل من غيرها بالتنبؤ بليلة القدر في أن تكون في أحدهم، والليلة السابعة والعشرون هي أحق الليالي بليلة القدر، ذلك وفقًا لما جاء في ذلك من الأحاديث الدالة على ذلك.
- وأما البدع فهي أمور غير جائزة في رمضان وغير رمضان، فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) وفي رواية أخرى: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، ولذلك فــ إن ما يفعله البعض في ليالي رمضان من احتفالات لا نعلم أصلها تعتبر أمورًا غير معترف بها ولا تصح.
ليلة القدر ليلة عامة لجميع من يطلب ويبتغي أجرها وثوابها، وما عند الله من خير فيها، وهي ليلة تعبد وصلاة، وذكر، وتلاوة، ودعاء وصلة بين العبد وربه، وخير الليالي للتصدق وعمل الصالح من الأعمال، والتقرب لله بالخيرات والطاعة.