ما هي أفضال ليلة القدر والاعتكاف؟ وما هي علامات ليلة القدر؟ حيث إن ليلة القدر هي أفضل وأحب الليالي عند الله، حيث إنها خير من ألف شهر، والليلة التي أُنزل فيها القرآن على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وتكون في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، لذلك ومن خلال موقع القمة نتعرف على أفضالها وأحكامها وأحب الأعمال فيها.
ليلة القدر والاعتكاف
من المستحب أن يتم تحري ليلة القدر في شهر رمضان المبارك، والاجتهاد في العبادة فيها، حيث إن العبادة فيها تكون مضاعفة في فضلها، حتى إن فضل ثواب العمل فيها يبلغ أكثر من ثواب عمل 83 عامًا، حيث قال الله تعالى {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} صدق الله العظيم.[1]
كما أن الدعاء فيها كذلك يكون مستجاب، ومن قامها فوافقها يُغفر له ما تقدم من ذنبه، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد كثيرًا في تحريها، ويطلبها بالاعتكاف في المسجد، حتى لا يفوته فضلها العظيم، وفقًا لما صح في الأحاديث.
حيث جاء في صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
“إنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ اعْتَكَفَ العَشْرَ الأوَّلَ مِن رَمَضَانَ، ثُمَّ اعْتَكَفَ العَشْرَ الأوْسَطَ، في قُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ علَى سُدَّتِهَا حَصِيرٌ، قالَ: فأخَذَ الحَصِيرَ بيَدِهِ فَنَحَّاهَا في نَاحِيَةِ القُبَّةِ، ثُمَّ أَطْلَعَ رَأْسَهُ فَكَلَّمَ النَّاسَ، فَدَنَوْا منه، فَقالَ: إنِّي اعْتَكَفْتُ العَشْرَ الأوَّلَ، أَلْتَمِسُ هذِه اللَّيْلَةَ، ثُمَّ اعْتَكَفْتُ العَشْرَ الأوْسَطَ، ثُمَّ أُتِيتُ، فقِيلَ لِي: إنَّهَا في العَشْرِ الأوَاخِرِ، فمَن أَحَبَّ مِنكُم أَنْ يَعْتَكِفَ فَلْيَعْتَكِفْ فَاعْتَكَفَ النَّاسُ معهُ، قالَ: وإنِّي أُرِيتُهَا لَيْلَةَ وِتْرٍ، وإنِّي أَسْجُدُ صَبِيحَتَهَا في طِينٍ وَمَاءٍ فأصْبَحَ مِن لَيْلَةِ إحْدَى وَعِشْرِينَ، وَقَدْ قَامَ إلى الصُّبْحِ، فَمَطَرَتِ السَّمَاءُ، فَوَكَفَ المَسْجِدُ، فأبْصَرْتُ الطِّينَ وَالْمَاءَ، فَخَرَجَ حِينَ فَرَغَ مِن صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَجَبِينُهُ وَرَوْثَةُ أَنْفِهِ فِيهِما الطِّينُ وَالْمَاءُ، وإذَا هي لَيْلَةُ إحْدَى وَعِشْرِينَ مِنَ العَشْرِ الأوَاخِرِ”.
اقرأ أيضًا: أذكار العشر الأواخر من رمضان
لماذا سميت بليلة القدر
في إطار التعرف على ليلة القدر والاعتكاف، قيل إن ليلة القدر سُميت بليلة القدر للتعظيم، لقوله تعالى {وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِۦٓ}، سورة الأنعام الآية 91 صدق الله العظيم، والمعنى هو أنها ذات قدر، من أجل نزول القرآن فيها على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ولما يقع فيها أيضًا من تنزل الملائكة والبركة والمغفرة والرحمة، وأن الذي يحيها يصير ذا قدر.
كما قيل كذلك إن القدر يعني التضييق، كقوله تعالى {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيۡهِ رِزۡقُهُۥ فَلۡيُنفِقۡ مِمَّآ ءَاتَىٰهُ ٱللَّهُۚ}، سورة الطلاق الآية 7، ومعنى التضييق هنا هو إخفاؤها عن العلم بتعيينها، أو نظرًا لأن الأرض تضييق فيها عن الملائكة، كما قيل كذلك أن القدر بمعنى القَدَر، والمعنى هنا هو أنه يقدر فيها أحكام هذه السنة، نظرًا لقوله تعالى {فِيهَا يُفۡرَقُ كُلُّ أَمۡرٍ حَكِيمٍ}، سورة الدخان الآية 4.
فضل ليلة القدر ومكانتها
تتمثل أفضال ليلة القدر العظيمة فيما يلي:
- فيها أنزل القرآن، حيث قال الله تعالى {إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ فِي لَيۡلَةِ ٱلۡقَدۡرِ}، سورة القدر الآية 1.
- إنها خير من ألف شهر، حيث قال الله جل وعلا فيها {لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ خَيۡرٞ مِّنۡ أَلۡفِ شَهۡرٖ}، سورة القدر الآية 3، مما يعني أن العمل فيها خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة قدر.
- تنزل الملائكة والروح فيها، قال عز وجل {تَنَزَّلُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذۡنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمۡرٖ}، سورة القدر الآية 4، والمقصود بالروح هو جبريل عليه السلام.
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ليلةُ القدرِ ليلةُ السابعةِ أو التاسعةِ وعشرين، وإن الملائكةَ تلك الليلةَ أَكْثَرُ في الأرضِ من عَدَدِ الحَصَى” رواه ابن خزيمة.
- إنها سلام، حيث قال الله عز وجل {سَلَٰمٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطۡلَعِ ٱلۡفَجۡرِ}، سورة القدر الآية 5، مما يعني أنها خير كلها، وليس فيها أي شر من أولها وحتى طولع الفجر.
- أنها ليلة مباركة، حيث قال سبحانه وتعالى {إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ فِي لَيۡلَةٖ مُّبَٰرَكَةٍۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ}، سورة الدخان الآية 3، قال ابن عباس أنها تعني ليلة القدر.
- فيها تقدر مقادير السنة، حيث قال جل وعلا {فِيهَا يُفۡرَقُ كُلُّ أَمۡرٍ حَكِيمٍ}، سورة الدخان الآية 4.
- من قامها إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “مَنْ قَام لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا واحْتِسَابًا غُفرَ لَهُ مَا تَقَدَّم مِنْ ذَنْبِهِ“، متفق عليه.
أي ليله هي ليلة القدر
في إطار الحديث عن ليلة القدر والاعتكاف، فمن الجدير بالذكر أن الله قد أخفى هذه الليلة حتى يجتهم المسلم في الشعر الأواخر من شهر رمضان الكريم، وفي أوتارها بشكل خاص، وهي ليلة 20، 23، 25، 27، 29، نظرًا لقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم:
“تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ في الْوِتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ” متفق عليه.
الأعمال المستحبة في ليلة القدر
من خلال ما يلي نتعرف على أحب الأعمال في ليلة القدر، والتي هي:
- الاعتكاف: والذي يكون في الشعر الأواخر كلها وليس في ليلة القدر فقط، فعن عائشة رضي الله عنها قالت “كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأوَاخِرَ مِن رَمَضَانَ” متفق عليه.
- قيام ليلها إيمانًا واحتسابًا: حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ” متفق عليه.
- الدعاء: عن عائشة رضي الله عنها قالت “قلت: يا رسولَ الله، إنْ وَافَقْتُ ليلةَ القَدْرِ، ما أَدْعُو به؟ قال: قُولي: اللهم إنك عَفُوٌّ تُحِبُ الْعَفْوَ، فاعْفُ عَنِّي” رواه ترمذي.
- إيقاظ الأهل من أجل الاجتهاد في العبادة: فعن عائشة رضي الله عنها قالت “كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا دَخَلَ العَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وأَحْيَا لَيْلَهُ، وأَيْقَظَ أهْلَهُ” رواه البخاري.
اقرأ أيضًا: كيفية اغتنام العشر الأواخر من رمضان بطريقة جميلة جداً
أهم علامات ليلة القدر
بعد الاطلاع على ليلة القدر والاعتكاف، نذكر من خلال ما يلي أهم علاماتها والتي هي:
- أنها ليلة لا حارة ولا باردة ومشرقة، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إنِّي كُنتُ أُريتُ ليلةَ القدرِ، ثمَّ نسِّيتُها، وَهيَ في العَشرِ الأواخرِ مِن ليلَتِها، وَهيَ ليلةٌ طَلقةٌ بلجةٌ، لا حارَّةٌ ولا باردةٌ، [وفي روايةٍ] زادَ: كأنَّ فيها قَمرًا يفضَحُ كواكبَها، وقالا: لا يخرجُ شيطانُها حتَّى يُضيءَ فجرُها“
- أن الشمس تخرج في صبيحتها بيضاء لا شعاع لها، حيث قال أب بن كعب رصي الله عنه عندما سُئل عن أمارتها بالآية التي أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم “أنَّ الشَّمسَ تطلعُ يومَئذٍ لا شعاعَ لها” رواه الترمذي.
أدعية طلب الرزق في ليلة القدر
(اللَّهمَّ اكفِني بحلالِكَ عَن حرامِك وأغنِني بفضلِك عمَّن سواكَ).
اللهم افتح عليّ فتوح العارفين بحكمتك، وانشر عليّ رحمتك، وذكّرني ما نسيت وأطلق به لساني، وقوي به عزمي بحولك وقوتك، وارزقني رزقًا حلالاً طيبًا أطيعك فيه ولا أعصيك، فإنّه لا حول ولا قوة إلا بك يا أرحم الرّاحمين.
اللهم افتح لي أبواب فضلك، وأنزِلْ عليَّ بركاتك، ووفِّقني لموجبات مرضاتك، وأسكنِّي بحبوحات جناتك، يا مجيب دعوة المضطرين.
إن ليلة القدر لهي أحب وأجمل ليالي العام بالنسبة إلى كل مسلم، كما أنها أحب وأهم ليالي شهر رمضان المبارك، لذلك فلا بد من تحريها والاطلاع على أفضالها وأحب الأعمال فيها.