شرح حديث الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان يعد أحد المناهج الأساسية في حياة كل مسلم ومسلمة، شأنه كشأن غيره من الأحاديث النبوية الشريفة التي هي بمثابة نبراسًا وعونًا على معرفة العلم الديني، وهذا ما سنسلط عليه الضوء ونعرض شرحه من خلال موقع القمة.
شرح حديث الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان
“عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إلى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ ما بيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الكَبَائِرَ” [رواه مسلم].
يعد هذا الحديث الشريف الصحيح منهاجًا قويمًا يسير عليه كل مسلم في طريقه، لما فيه من أمورٍ بسيطة فعلًا، عظيمة أجرًا، إن التزم بها نجى، وإن ضل عنها فلا يلومن إلا نفسه.[1]
فنكتشف من هذا الصحيح أن الله عزو وجل شرّع لنا فرائض تُنجينا من فتنة الدنيا، وعذاب الآخرة، ولأنه الرحيم والعليم بعباده، ويعلم كيف أنهم جُبلوا على فعل المعاصي والذنوب، لم يتركهم لأنفسهم فيهلكوا، بل في كل لحظة نجد أن الله يمدنا بأطواق النجاة.
نجد في ذلك الحديث النبوي أن الصلاة، والصيام جعلهما الله من مُكفرات الذنوب، طالما لم يرتكب المسلم أي كبيرة من الكبائر، مثلما ذكر الله عز وجل في كتابه العزيز:
{إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا} [النساء: 31].
والمُكفرات هن ماحيات الذنوب بإذن الله، وهذا يجعلنا ننتبه إلى عِظم الأجر الناتج عن الصلاة والصوم، لدرجة أنهما عن باقي الذنوب التي يرتكبها المسلم،
{إنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114].
1- الصلوات الخمس
في ضوء شرح حديث الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان، نجد أن أول ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم هي الصلاة ثاني أركان الإسلام وأحد أعمدته الأساسية، وأول ما سيسأل عنه الإنسان يوم الحساب.
الصلاة هي الرابط والصلة بينه وبين ربه، وكم من المواضع القرآنية التي ذكر الله لنا فيها أهمية الصلاة، وأجرها، وكيف أنها الطريق الأول للفلاح والنجاة.
{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ{ [المؤمنون: 1 – 2]
فالمحافظة على الصلوات المفروضة وهم الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، بجانب النوافل التي تُعظم من الأجر الذي يفوز به الإنسان، الذي يكفيه أنه يتقرب إلى مولاه، وينال مرضاته وعفوه.
اقرأ أيضًا: ما هي صحة حديث حرم على النار كل هين لين سهل
2- الجمعة إلى الجمعة
نستكمل شرح حديث الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان، ونتطرق إلى ثاني مُكفرات الذنوب وهي الجمعة إلى الجمعة، تلك الصلاة العظيمة التي يغفل عن أجرها الكثير من المسلمون، برغم كثرة الأحاديث التي رُويت عن أجرها، مثل:
“عن أبي هريرة رضي الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مَنِ اغْتَسَلَ ثُمَّ أتَى الجُمُعَةَ، فَصَلَّى ما قُدِّرَ له، ثُمَّ أنْصَتَ حتَّى يَفْرُغَ مِن خُطْبَتِهِ، ثُمَّ يُصَلِّي معهُ، غُفِرَ له ما بيْنَهُ وبيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى، وفَضْلُ ثَلاثَةِ أيَّامٍ” [رواه مسلم].
تتعدد فضائل صلاة الجمعة التي لا تعد ولا تحصى، فنجد أن التبكير لأدائها له أجر، وكل خطوة يمشي فيها المسلم عليه أجر، وصلاة الجماعة عليها أعظم أجر، وعليه فإن المواظبة عليها تُكفر السيئات فيما بينهما.
3- رمضان إلى رمضان
في إطار شرح حديث الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان، فإن من مُكفرات الذنوب التي ذكرها المصطفى صلى الله عليه وسلم هي صوم رمضان، الركن الثالث من أركان الإسلام التي فرضها الله على المسلمين في كتابه المجيد.
{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 185].
في إطار ذلك فإن لشهر رمضان المبارك الكثير من الفضائل التي مَنّ الله بها على سائر المسلمين، إذ أن الامتثال لأوامر الله بأداء الفريضة، والصبر ومجاهدة النفس، والتقرب إلى الله، له من الأجر العظيم وهو تكفير الذنوب.
في الحديث يتبين لنا من رمضان إلى رمضان، أي ضرورة المواظبة والالتزام بالفريضة في كل الأوقات متى شهدها المسلم، كي يتحقق الأمر بتكفير سيئاته بإذن الله.
كبائر الذنوب وصغائرها
بعد عرض شرح حديث الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان، وكما تبين من الحديث الشريف أنهم مُكفرات لما بينهم إلا الكبائر، أي أن تلك الطاعات المذكورة يُكفر الله بها صغائر الذنوب، وذلك ليس تقليلًا أو تبسيطًا لها، أو دعوة لارتكابها.
بل هي دليل على حكمة الله وعلمه أن الإنسان لا بد وأن يقع في المعصية، ولكنه أيضًا وُهب القل الذي يستطيع به أن يكبح شهواته التي تجره إلى فعل الكبائر، والتي نذكرها على النحو التالي:
1- الشرك بالله
أولى الكبائر التي قد يرتكبها الإنسان هو أن يشرك بالله، حيث إن أول شرط للإيمان هو الإيمان بالله وحده لا شريك له، وعليه فمن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ظلمًا مبينًا، ولا توجد له مُكفرات إلا التوبة التي يتقبلها الله برحمته.
{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا} [النساء: 48].
2- القيام بالسحر
من الأمور التي لا يعلم الكثير أن القيام بها أحد أبواب الكفر الصريح، هي السحر، واللجوء إلى السحرة للاستعانة بعالم الجن لأذية البشر، حتى وإن لم ينطق فاعلها بكلمة الكفر، وعليه فهي من أكبر الكبائر التي يلزمها التوبة:
{وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} [البقرة: 102].
3- قتل النفس بغير حق
إن للنفس قيمة كبيرة عند خالقها، ولذلك فإن من يقتلها بغير حق مثل القصاص، أو دفاعًا عن نفسه، فقد ارتكب كبيرة من الكبائر.
{وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِ يهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: 93].
4- أكل الربا
أكل الربا من أكبر الكبائر التي يرتكبها المسلم في حق نفسه، ولا تعد من مُكفراتها ما ذكر في الحديث الشريف، بل يجب عليه التوبة.
5- أكل مال اليتيم
حرم الله أشد أنواع التحريم من أكل مال اليتيم الذي يعد من الكبائر.
6- قذف المحصنات الغافلات
قذف المحصنات الغافلات هو اتهام النساء في أعراضهن بأنهن ارتكبن الفاحشة، وهو من أكبر الكبائر.
اقرأ أيضًا: حديث عن فضل الصلاة
7- التولي يوم الزحف
من الكبائر التي تُكفر عنها الصلاة والصيام كما ذُكر في الحديث الشريف، هي التولي يوم الزحف، ويعني الهروب في حال الحرب بين المسلمين والكافرين.
من فضل الله على عباده أن جعل لهم مُكفرات لذنوبهم وخطاياهم مثل الصلاة والصيام، حتى لا يصابوا باليأس من رحمته إن ارتكبوها، بل تجعلهم على استحياء أن لهم ربًا رحيمًا بضعفهم.