تجربتي مع الزوج النرجسي كانت من أصعب التجارب التي مررت بها طوال حياتي، وحتى الآن لا أعلم كيف خرجت من هذه التجربة وأنا حية برغم صعوبة ما رأيته وعانيته خلالها، ومن خلال موقع القمة أرغب بمشاركة تجربتي عسى أن تكون نافعةً لأحدٍ.
تجربتي مع الزوج النرجسي
كنت أظن مثل باقي الفتيات أنني يومًا ما سأجد فارس أحلامي الذي يغدو بي على حصانه الأبيض لنجول العالم ذهابًا وإيابًا وترافقنا السكينة والطمأنينة والحب، وهذا ما ظللت أنتظره لفترة طويلةٍ، حتى جاء ذاك الفارس إلى عقر داري.
فاستطاع أسر قلبي في فترة الخطبة، بكلامه المعسول وأفعاله التي تزيد قلبي أسرًا، وكانت كل العلامات تؤكد لي أنني على بعد خطواتٍ قليلة من تحقيق أهم أحلامي، بل أنني اعيشها بالفعل.
إلا أنه كان في بعض الأحيان يغلب عليه الانفعال الحاد بنسبةٍ ما، كما أنه في أوقات الخلاف بيننا كان يتجنب التعامل معي تمامًا ربما لبضعة أيام وكأنني غير موجودة، ولكنه سرعان ما يعاود الحديث معي ويخبرني أن هذا البعد كان لأجل مصلحة علاقتنا.
كما أنني لاحظت أكثر من مرة أنه يحب الإطراء عليه طوال الوقت، ويشعرني في أوقاتٍ متفاوتة بأنني حصلت على كنزٍ كبير لأنه قرر الارتباط بي، لكنني لم أُعره اهتمامًا لكل ذلك نظرًا لأنه كان حريصًا على جعل كفة مميزاته تغلب كفة عيوبه.
مرت الخطبة وحان موعد زفافنا لأذهب معه إلى بيتنا الذي كنت أنتظر دخوله منذ أن عرفته، كي أخطو أول خطوة داخل مملكتي مع أميري، ولكن ليس هذا ما وجدته..
طبيعة الحياة مع الزوج النرجسي
عندما اُغلق علينا بابًا واحدًا أصبحت المعاملة بيننا مباشرة ويومية ومتعلقة بجميع جوانب الحياة، تفاجأت – بل صُعقت – من هذا الرجل الذي أعيش معه ولا أعرفه، تارةً يشعرني أنه يحبني ولا يقدر على الابتعاد عني ويسعى لإرضائي وحينها أطمئن وأسكن.
لكن مرات أخرى أراه شخصًا آخر، غليظ الطباع، حاد الكلام، قاسي القلب، وكان لديه قدرة عجيبة لم أستطع فهمها حتى الآن على زرع بداخلي شعور بعدم الانتماء إليه وأنني أعني له شيئًا، وحينها كان يتألم قلبي كثيرًا.
اقرأ أيضًا: تجربتي مع تأخر الزواج
صفات الزوج النرجسي
من خلال تجربتي مع الزوج النرجسي الذي لم أكن أعرف أنه ينتمي للنرجسية إلا بعد فترة طويلة، كانت صفاته كالتالي:
1- المبالغة في حب النفس
كانت تلك العلامة التي رأيتها نصب عيناي في فترة الخطبة، ولم أقف عندها وأنتبه أن هناك شيئًا غريبًا، أو ربما لأنني لم أكن على وعي بطبيعة النرجسية؛ لذلك لم أمتلك القدرة على معرفة علامتها، فكان زوجي يقوم بالأفعال التالية:
- دائم الحديث عن نفسه بالصفات الإيجابية وأمجاده التي لم يستطع أحد سواه فعلها.
- يحب أن يكون هو موضوع الحديث الرئيسي.
- لا يتقبل النقد أبدًا من أي شخص كان.
2- حب الإطراء
كانت تلك العلامة الحمراء الثانية التي ظهرت جلية في فترة الخطوبة كإحدى الدلالات على أنني في خطر وأيضًا لم أنتبه لها، حيث كان دائمًا يحب أن يسمعني أُبدي إعجابي المستمر بالقليل والكثير الذي يفعله.
فكنت أظن أن هذا طبيعيًا فمن منا لا يحتاج إلى سماع المديح من شريكه، ولكن ما كان غير طبيعيًا في زوجي هو تصرفاته عندما لا ألبي له هذا الاحتياج، حيث كان يوجه لي غاضبًا ومنفعلًا التهم أنني لا أحبه ولا احترمه ولا أرى إنجازاته، بل وأنني أنانية.
3- قليل أو عديم التعاطف
من ذكرياتي السيئة في تجربتي مع الزوج النرجسي، هو أن زوجي كان لا يُظهر شعور التعاطف لأي من كان حتى لي أنا زوجته، لدرجة القسوة، كنت أظن أن هذا طبيعيًا فالرجل لا يظهر مشاعره بسهولة، ولكن الأمر لم يكن في إظهار المشاعر أو إخفائها، بل في وجودها من عدمها.
فمثلًا إن حدثته في مشكلة ما وأنا أبكي وفي حالة انهيار ولا أريد منه سوى احتوائي والتربيت على كتفي حتى أهدأ، فكنت أنظر في عينه وأرى جمودًا مريبًا كان يبعث في قلبي الرهبة، لم تتحرك مشاعره قيد أنملة حتى لو كان من أمامه يسقط نحو الهاوية.
4- محب لجذب التعاطف
بالطبع أنتم في حالة من الذهول من تلك الصفة وما قبلها، وهذا تحديدًا ما كنت أعيش فيه خلال تجربتي مع الزوج النرجسي، حيث كان من أكثر الشخصيات البارعة في لعب دور الضحية.
فعلى الرغم من جمود وقسوة مشاعره وعدم إبداء التعاطف، إلا أنه كان حريصًا كل الحرص على أن يستقبل تعاطف الآخرين حتى لو اضطر إلى البكاء، وللأسف كانت لديه المهارة على تحقيق مبتغاه في كثيرٍ من الأوقات
5- التقليل من شأني
أكثر ما عانيت منه في تجربتي مع الزوج النرجسي، هو التقليل المستمر من شأني، والتحدث معي بالكلمات الجارحة، ووصف عيوبي صراحةً دون خجل، بل كان أحيانًا يتعامل معي بأسلوب التنمر.
فكان يزيد من تلك الأفعال حينما يشعر للحظة أنني نجحت في شئ ما بدونه، أو أنني محط إعجاب وفخر لأحد، فكان بارعًا في تدمير روحي المعنوية التي لا زلت أداوي جروحها حتى الآن.
اقرأ أيضًا: علامات إهمال الزوجة لزوجها
كيفية التعامل مع الزوج النرجسي
بدأت أفهم أنني أخوض تجربتي مع الزوج النرجسي عندما فاض بي الكيل، واشتدت آلام القيود النفسية التي استطاع تكبيلي بها، فقررت أنه لا بد من حلٍ أو مخرجٍ من تلك الأزمة، حتى أنني فكرت أنه ربما تكون المشكلة عندي أنا.
لذلك بحثت عن طريقة لأعرف بها كيفية استكمال الطريق مع هذا الزوج، ولأنني لا أحب إدخال عائلتي في أمور حياتي الزوجية، فقررت الذهاب إلى طبيبة نفسية، وهي من أخبرتني أن زوجي نرجسي، ونصحتني باتباع الطرق التالية في التعامل معه:
- فهم نفسي وتقديرها أولًا، وعدم السماح لأي شخص بالتقليل منها.
- الحفاظ على حدودي ومساحتي الشخصية وعدم السماح له بتجاوزها رغمًا عني خاصةً بأساليبه الفجة.
- التعبير عما يزعجني منه بطريقة مباشرة.
- التركيز مع أفعاله، قبل كلامه.
- عدم غلق الدائرة عليه كي لا يتم استنزافي، بل إعطاء نفسي فرصة التنفس بدونه.
- التحدث معه بهدوءٍ ورفقٍ وإخباره بضرورة الذهاب إلى أخصائي نفسي، وأنني هنا بجانبه وسأقوم بدعمه وتشجعيه دومًا.
إن التعامل مع شخص نرجسي من أسوأ التجارب التي قد يمر بها أحد ما، ويزداد الأمر سوءًا حينما يكون هذا الشخص هو الزوج، الذي بسببه قد تنقلب الحياة رأسًا على عقب.