هل الهدي واجب على الحاج؟ وكم نوع للهدي؟ وأين يكون مكانه؟ مع اقتراب موسم الحج تتردد مثل هذه الاسئلة في ذهن اغلب المسلمين، وعلى كل مسلم أن يكون على دراية تامة بإجابة مثل هذه الاسئلة، وذلك يرجع لاقترانها بالركن الخامس من أركان الإسلام ألا وهو الحج، وهو من أهم المناسك التي يتقرب بها المسلم إلى ربه، ويعتبر الهدي من ضمن الأشياء المستباحة خلال أداء مناسك الحج، و له احكام وضوابط شرعية من الواجب اتباعها، وسنقوم من خلال موقعنا بيان وتفصيل هذه الاحكام بإذن الله.
هل الهدي واجب على الحاج؟
الهدي لا يجوز للحاج إلا في حالة إذا كان قد أحرم بالجد سواء كان قارن أو متمتع، فاذا كان حجه مثل ذلك فمن الواجب على الحاج أن يهدي في يوم النحر، ثم يقوم بتوزيعه على كل محتاج داخل الحرم، أما في حالة إذا كان حجه مفرداً ففي هذه الحالة لا يتوجب عليه الهدي، أذا لم يستطيع الحاج ذبح هداياً فيمكنه صيام عشرة أيام كفارة عن الهدي، ويقوم بتقسيم العشرة ايام من الصيام بحيث يصوم ثلاثةً أثناء تأدية مناسك الحج، والسبعة أيام الباقية يصومهم بعد رجوعه إلى موطنه، وهذا وفق لقوله سبحانه وتعالى : {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ}، ويجوز له إسناد مهمة الذبح لأحد بدلاً منه، والله اعلى وأعلم.
أنواع الهدي
قام الفقهاء بتقسيم الهدي إلى ثلاث أقسام، متمثلة في النوع الأول وهو هدي التمتع والقران، وفي هذا النوع عندما يكون الحاج متمتعاً وقارناً فوجب عليه تقديم الهدي، لكن شريطة ألاَّ يكون حاضر في المسجد الحرام، اما النوع الثاني فهو هدي الإحصار والفوات، وهذا النوع من الهدي فهو يخص من تم منعه من إتمام مناسك الحج بسبب مرضه او أي سبب مفاجئ، وعن النوع الثالث والأخير من أنواع الهدي وهو هدي التطوع، وهنا يقوم المسلم بتقديم الهدي متطوعا ويوزعه على فقراء ومساكين الحرم الشريف، وسنقوم بتقديم تفصيل لأنواع الهدي كالتالي:
هدي التمتع والقران
من قام بعمل عمرة خلال أشهر الحج، ثم اتم مناسك الحج بعدها، أو من قام بالحج والعمرة جميعاً بإحرام واحد، في كلا الحالتين وجب على الحج أن يهدي، والذبح يكون يوم العيد أو في ايام منى، ويهدي ذبيحةً عنه، أو مشاركة سبعة آخرين في ذبح بقرة او بدنة، واذا وجد مرافق للحاج مثل زوجته فيهدي ذبيحتان، واذا وجد مرافق ثالث مثل أبوه فيهدي ثلاث ذبائح، عن كل واحد منهم ذبيحة.
هدي الإحصار والفوات
اذا ما تم منع الحاج من دخول الحرم بسبب عدو اجبره، أتفق الفقهاء على وجوب تقديم هدي عنه، في حالة قيامه بإحضار هدي معه ثم بعدها يحلق، أما أذا فاته كافة اركان الحج فهنا اختلف العلماء في الحكم، فمنهم من رجح وجوب الهدي ومنهم من قال لا يجب، وعلى الأرجح لا هدي على المسلم في حالة الفوات، لكن وجب عليه الهدي في الإحصار، ويذبح الهدي في نفس المكان الذي أحصر فيه، والله تعالى أعلى وأعلم.
هدي التطوع
في حالة إذا كان الحاج قادراً على الهدي، فيستحب له ان يقدمه مهما كان نوع حجه متمتعاً او مقرناً، وهذا أسوة سنة نبينا الكريم صلوات الله عليه، ويقدم ذبيحته لفقراء ومساكين الحرم الشريف، هذا وقد ورد عن نبي الله أنه أثناء حجة الوداع قام بتقديم مائة رأس من الإبل، وقد ذبح عدد ثلاث وستين منهم بيديه الكريمتين.
حكم الأكل من الهدي
أجاز العلماء أن يأكل الحاج من هديه، سواء كان حجه متمتعاً او مقرناً، وهذا هو الأرجح عنهم أي علماء الأمة، وأيضا يمكن الأكل من الهدي المقدم تطوعاً، وذلك بسبب أثناء قيام النبي الكريم بتقديم هدي المائة ناقة خلال حجة الوداع، قد أمر بطبخ ما تيسر له من الهدي وقام بتناول لحمه والشرب من مرقه، اما الهدي المقدم بسبب ترك منسك من مناسك الحج فمن غير الجائز الأكل منه، بل وجب توزيعه كله على فقراء ومساكين الحرم الشريف.
الفرق بين الأضحية والهدي
شرعاً الاضحية مختلفة كل الاختلاف عن الهدي، فما يهدى للحرم الشريف أصبح هدي، اما اي ذبح يتم أيام النحر فهو أضحية، وتقديم الأضحية سنة مؤكدة عن نبينا الكريم، تجب على كل مسلم قادر في كافة أنحاء المعمورة، على خلاف الهدي الذي يكون في الحرم الشريف فقط ، والأضحية تذبح في أي مكان بنية التقرب لله تعالى وتأسياً بسنة النبي الكريم، ذلك والله تعالى اعلم.
مكان ذبح الهدي
الهدي له مكان واحد وهو الحرم الشريف ولا يجوز تقديمه خارجه، فيمكن تقديم الهدي في مكة المكرمة أو منى أو أي مكان آخر من داخل الحرم نفسه، فقد ورد في الذكر الحكيم بأن الهدي يكون بالبيت العتيق لا غيره، وقال العلماء في هذا بأن البيت العتيق هو نفسه الحرم، فقد ذبح النبي في منى وذكر بأن هذا المكان مخصص لتقديم الهدي، لكن في حالة نوع الهدي إحصاراً فهنا يقدم الهدي في مكان الإحصار، والله تعالى أعلى واعلم.
جنس الهدي وما يجزئ منه
ذكر الكثير من العلماء من بينهم ابن حزم وغيرهيكون الهدي كما أخبر أهل العلم من الإبل والبقر والضأن والماعز، ونقل الإجماع على ذلك كثيرٌ من أهل العلم كابن حزم وغيره، ويجزئ منه شاة أو سبع بدنة أو سبع بقرة، ولو ذبحها كاملة فقد زاد خيرًا لنفسه، ويجزئ في الهدي في العمر الثني وما فوقه، ويجوز للمسلم الاشتراك في الهدي في الإبل والبقر إلى حد سبعة أشخاص ولا يجوز الاشتراك في الشاة لمن لزمه دم والله ورسوله أعلم.