إن حديث كلكم راع من الأحاديث النبوية التي تحتاج إلى تفسير دقيق جدًا لأنها من الأحاديث التي تضع القواعد اللازمة للتعامل مع الرعية، أو الخدم، أو العمال، ومن خلال هذا التقرير سوف نتعرف على مزيد من التفاصيل والتفسيرات لمعنى الحديث.
حديث كلكم راع
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) متفق عليه.
وبالنسبة لهذا الحديث فإنه يشير إلى جانب مهم جدًا من حياتنا اليومية فهو يتكلم عن أسس وقواعد التعامل التي يجب إتباعها في مؤسسة العمل حيث أن كل راعي مسئول عن رعيته ويقصد بالراعي هنا صاحب العمل، أو الشخص المسئول عن أشخاص آخرين أي كانت صفتهم بالنسبة له.
كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته
الراعي هو الشخص الذي يتم توكيله للحفاظ على أشخاص آخرين بسبب أمانته وسياسته في التعامل، والرعية يقصد بها كل ما يضمه حفظ الراعي وأيضًا نظره.
وقد فسر العلماء بأن الراعي، هو ذلك الحافظ والملتزم بإصلاح ما هو تحت نظره أو سلطته، فمطلوب منه العدل في الدين، والدنيا.
فهو مسئول أمام الله عز وجل عن رعيته فإن كان أتم واجبه اتجاه رعاياه وفقًا لما يرضي الله فإن ثوابه عظيم، ولكن إذا قصر مع رعيته، وخان أمانته فإنه عقابه عند الله عظيم.
ما هي مسئولية الأمير التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم؟
وفي الحديث الشريف قال رسول الله” صلى الله عليه وسلم:
(فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ)، يقصد بالأمير بأنه ذلك الحاكم، أو الإمام المسئول عن من هم تحت ولايته، فهو مسئول عن المساواة والعدل بين رعيته، ومسئول عن رد الحقوق لأصحابها، وتوجييهم، ومعاقبة الظالمين.
ما هي مسئولية الرجل التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم؟
وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم (وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ)، فعائل الأسرة أو الزوج مسئول عن أسرته، من تربية وتعليم للأبناء، وتهذيب خلقهم، ولذلك يجب أن يبتعد عن كل ما هو خاطئ، وتوفير احتياجات أسرته والتي تشمل المسكن، والطعام، ويكون ذلك بشكل مناسب بدون تقطير أو تبذير وإسراف، ويجب أن يكون حريص بإقامة العدل في مدينته الصغيرة أو بيته.
هل للمرأة مسئولية ذكرت في حديث نبينًا “عليه أفضل الصلاة والسلام”؟
ذكر سيدنا محمد”صلى الله عليه وسلم” مسئولية المرأة في قوله: (وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ)، وهنا يقصد بمسئولية المرأة أنها تهتم ببيتها وخدمة زوجها بما يرضي الله، والاهتمام بإصلاح أبنائها، ويجب أن تكون الأم مميزة ببعض الصفات فتكون صبورة، وحكيمة، ومدبرة لأمور بيتها.
ماذا عن مسئولية العبد أو الخادم التي ذكرها النبي صلى الله عليه؟
وقال رسول الله “صلى الله عليه وسلم” : (وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ)، فالعبد، أو الخادم، أو العامل مسئول عن رعاية المكان الذي يعمل فيه فهو يؤتمن عليه ومسئول عنه، وعليه أن يهتم به بقدر ما يستطيع، ويحافظ على أمانة عمله في المكان سواء كان في مال سيده، أو أهل بيته، أو أبناءه، ويقدم النصيحة لصاحب العمل في كل ما يخصه وله صلة بالعمل.
وفي نهاية هذا التقرير علينا التأكيد على قيمة هذا الحديث الشريف، والذي يعد من المهم جدًا لدعمه المباشر لكل من الواجبات والحقوق الخاصة بالعمل وأهمية أن يكون الشخص مسئول عن رعاية أو أشخاص يؤتمن عليهم ويهتم بحقوقهم، فنحن نسأل الله تعالى أن يعين كل راعي على القيام بمسئولياته خير القيام، وأن يوفقنا لما يحبه الله ويرضاه.