رسولنا الكريم لا ينطق عن الهوى وعندما يتحدث في أمر لابد أن نفهم أنه له أثر كبير وعظيم، وعندما يقول صلوات الله عليه هذه الجملة ( أتركوها فإنها منتنة شرح الحديث بالتفصيل) وأيضًا في موقف آخر (دعوها فإنها منتنة)، لابد أن له سبب وفهم ودلالة نوضحها في سياق المقال.
أتركوها فإنها منتنة شرح الحديث بالتفصيل
يرجع الحديث الشريف إلى موقف حدث أيام الرسول صلوات الله عليه بين الأنصار والمهاجرين، أثناء عودتهم من واحدة من الغزوات وهي غزوة تسمى ( بني المصطلق)، والعديد من المهاجرين اجتمعوا مع نبينا محمد، وكان رجل يلعب بالحراب من المهاجرين فضرب أحد المهاجرين رجل من الأنصار، وكان غضبه كبيرًا لدرجة أن كل واحد منهم هم بدأ بطلب الاستغاثة.
موقف الرسول من الأنصار والمهاجرين
المقصد من الحديث أتركوها فإنها منتنة شرح الحديث بالتفصيل حيث بدأ الموقف يحتدم، عندما نادى أحد الأنصار ليستغيث بهم وأيضًا قام أحد المهاجرين ينادي على المهاجرين للاستغاثة بهم، وهنا سأل الرسول عن سبب حدوث ذلك، فقصوا له الموقف وهنا خرج عليهم وقال لهم، (دعوها فإنها منتنة) وهناك رواية تقول أنه قال، (دعوها فإنها خبيثة) واعترض أحد الأنصار طلبًا لأخذ حقه وطلب من الرسول قتله، فقال الرسول (لا يتحدث الناس أنه كان يقتل أصحابه).
تفسير الموقف لقول الرسول هذا الحديث
حديث الرسول أتركوها فإنها منتنة شرح الحديث
بالتفصيل له تفسير سنسرد لكم روايته فقد كانت ايام الجاهلية توجد عصبية قبلية، وعدم تحمل أي قبيلة الاعتداء عليها وعلى أي فرد فيها، ومجيء الإسلام ليحارب هذه الصفة، وقلل منها كثيرًا لذلك لابد أن يكون الولاء للدين والمسلمين ولا يفرق أبدًا بين أعرابي أو أعجمي، ويقصد الرسول بهذه الجملة ألا يفعلوا مثل ما كانوا يفعلون سابقًا قبل الإسلام.
مظاهر العصبية ودعوى الجاهلية المنتنة
هناك بعض المظاهر أيام الجاهلية جاء ديننا الإسلام ليقضي عليها ويحسن أخلاقهم جميعًا مهاجرين وأنصار، ولذلك قال (أتركوها فإنها منتنة شرح الحديث بالتفصيل ) وهذه مظاهر العصبية قبل الإسلام:
- كان العرب قديمًا في الجاهلية يتفاخرون بالبلد والعرق.
- كانوا يتفاخرون فيما بينهم بالحسب.
- كانوا يعايرون الناس في اللون والشكل.
- نصرهم للقبيلة سواء في الباطل أو في الحق بين القبائل الأخرى.
- التفرقة الطبقية والمعاملة الغير عادلة بين العبد والسيد.
- الطعن في النسب.
- كانوا إذا حدثت مصيبة يلطمون ويضربون وجوههم اعتراض على مشيئة الله عز وجل.
- التعصب الشديد في الأصل والعرق.
- يصرخون ويندبون عند حدوث المصائب.
أثر الإسلام على المجتمع
يوضح حديث الرسول نبذ التعصب والعنف وكان للإسلام موقف واضح بهذا الشأن:
- ديننا فيه تسامح ورحمة ولا يفرق بين أحد من العباد ولا أسود ولا أبيض إلا بالتقوى.
- لا يعرف ديننا عرق ولا نسب فكلنا تجمعنا كلمة واحدة ودين واحد.
- المؤاخاة بين الناس وبعضهم كما فعل الرسول بين الأنصار والمهاجرين، وآخى بينهم وطالبهم بالبعد عن العصبية القبلية، وخلق روح الرحمة والمحبة بين الناس.
التعصب الديني
هو تعصب تجاه معتقد ديني والتعامل على أساس تميز أصحاب ديانة على أخرى، ويتخلل هذا احيانًا أمور سياسية تكون وراء ذلك وما نراه اليوم من تطرف ديني بحجة التعصب والمحاباة للدين، وكل ذلك تجده في كل الأديان وخاصة الإسلامية والمسيحية، وللأسف التعصب في الدين يعمل على تشويه صورة الدين، فقد قال الله تعالى( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).
شرحنا الحديث الشريف أتركوها فإنها منتنة شرح الحديث بالتفصيل وذكرنا أهمية التخلق بأخلاق الإسلام، وما فعله الرسول الكريم من التصرف بحكمة في المواقف، والنهي عن التكبر والغرور والتفرقة الطبقية بين الناس، واللطم في المصائب وغيرها من السلوكيات المرفوضة في الإسلام.